الوقت- إذاً انتصرت غزة.. بدماء شهدائها وجرحاها وسجلت صموداً آخراً بوجه آلة الحرب الإسرائيلية، بعد عدوان دام ثلاثة أيام متتالية استهدف المدنيين والمناطق السكنية وراح ضحيته عشرات الشهداء بينهم أطفال ونساء إضافة إلى مئات الجرحى. عدوان انتهى باتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي والاحتلال الإسرائيلي بوساطة مصرية ودخل حيز التنفيذ في وقت متأخر من مساء الأحد كما تم بتحقيق شروط الجهاد.
وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، زياد النخالة، إن 'حركة الجهاد الاسلامي' تفرض شروطها وهي أولاً تثبيت وحدة الساحات الفلسطينة، وثانياً فرضت على العدو القبول بإطلاق سراح المجاهد المضرب عن الطعام خليل العواودة وفرضت شرطاً إضافياً وهو إطلاق سراح الشيخ بسام السعدي، وهنا المفارقة فالعدو لم يستطع أن يفرض شرطاً واحداً بعد هذه المعركة.
أمين عام حركة الجهاد قال أيضاً إن الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة سجلوا إنجازاً تاريخياً في مواجهة العدوان وأضاف إن الحركة بقيت قوية رغم سقوط الشهداء، وتوعد الاحتلال الإسرائيلي باستئناف القتال إذا لم يُلتزم ببنودِ الإتفاق.
ورحّب الرئيس الأميركي جو بايدن باتفاق وقف إطلاق النار داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام به وضمان تدفّق الوقود والإمدادات الإنسانيّة إلى غزّة. بدوره دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى احترام الاتفاق فيما رأت المقررة الأُممية الخاصّة في فلسطين المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، أنّ وقف إطلاق النار خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف إراقة الدماء وشددت على ضرورة إجراء محادثات رفع الحصار عن قطاع غزّة من دون أي تأخير والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وإضافة إلى وقف إطلاق النار فإن اتفاق الهدنة ينص على أن تبذل مصر جهودها وتلتزم بالعمل للإفراج عن الأسير خليل عواودة ونقله للعلاج وأيضاً الإفراج عن الأسير بسّام السعدي في أقرب وقتٍ ممكن،
وحسب المراقبين فإن انتصار غزّة شكّلَ ضربة في الصميم لمشروع الاستيطان الإسرائيلي وخصوصاً إذا علمنا أن آلاف المستوطنين سجلوا خروجهم الأبدي من مستوطنات غلاف غزّة وأكدوا أنهم لن يعودوا إليها.
حركة الجهاد الإسلامي في هذه المعركة أكدت على نقطة مهمة ومحورية وهي وحدة الساحات الفلسطينية، فقد انطلقت هذه المعركة رداً على ما حدث في جنين قبل نحوِ أسبوع عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين في الضفة الغربية واعتقلت الأسير الشيخ بسام السعدي واغتالت أحد المقاومين الفلسطينيين، وبالتالي كانت هذه المعركة لتؤكد أن الساحات الفلسطينية مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد وذلك تصديقاً لحديث النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم، وهذه المعركة هي ليست الأولى التي تدافع فيه غزّة عن فلسطين ككل حيث إنه في العام الماضي انطلقت معركة سيف القدس بعد أن اقتحم قطعان المستوطنين باحات المسجد الاقصى المبارك في أواخر شهر رمضان الكريم، وانتفضت غزّة للدفاع عن المقدسيين العزل الذين وقفوا بصدورهم لقطعان المستوطنين، فانطلقت صواريخ المقاومة في غزة لتؤكد أنهم ليسوا لوحدهم وأن خلفهم مقاومة تحميهم.
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة أثبتت مرة أُخرى أن السلاح هو الحامي الأول والأخير للقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى، فلولا هذا السلاح كان جيش الاحتلال قد قضى على فلسطين والفلسطينيين بظرف أيام، فخلال هذه المعركة وما قبلها لم يستطع جيش الاحتلال أن يتقدم خطوة نحو قطاع غزّة، بل على العكس هو من تراجع ومستوطنوه فقدوا الثقة والأمان بالمستوطنات والمدن الصهيونية وبدؤوا بالفرار منها نحو أوروبا، وأكد الإعلام العبري أن الآلاف منهم لن يعودوا مرة أخرى إلى فلسطين المحتلة، وبالتالي المقاومة الفلسطينية باتت تفرض معادلات جديدة ونوعية بوجه كيان الاحتلال.
المعركة الأخيرة في قطاع غزّة اثبتت أيضاً أن المقاومة الفلسطينية تمتلك أسلحة نوعية تعجز قبة الاحتلال الإسرائيلي الحديدية عن التصدي لها، وهو ما يدفع المراقبين للسؤال، هذا الاحتلال الذي أثبت عجزه أمام صواريخ فصيل فلسطيني واحد، كيف سيصمد أمام صواريخ المقاومة اللبنانية وباقي فصائل المقاومة الإسلامية؟ وبالتالي معادلة الردع التي يحاول كيان الاحتلال التسويق لها وبأنه يمتلك الجهوزيّة للتصدّي للمقاومة اللبنانية والإسلامية هي معادلة كاذبة لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وعند اللحظة المناسبة صواريخ المقاومة ستصل إلى عقر دار العدو وهو ما أثبتته المقاومة الفلسطينية بعد أن وصلت صواريخها إلى تل أبيب ومطارات كيان الاحتلال.