الوقت- كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، مؤخراً ، أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت). أصدر قرارًا بخصم 600 مليون شيكل من مستحقات الضرائب التي تجبيها حكومة الاحتلال لصالح السلطة الفلسطينية. وقالت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، إن “هذا المبلغ يساوي مجموع الأموال التي حولتها السلطة الفلسطينية. العام الماضي، إلى الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعائلاتهم”.
خلال ردها على قرار حكومة الاحتلال الاسرائيلي بخصم 600 مليون شيكل (176 مليون دولار)، اعتبرت السلطة الفلسطينية أن هذا القرار مرفوض و يشكل قرصنة و سرقة لأموال الشعب الفلسطيني. وأفاد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة في بيان بأن القيادة الفلسطينية تؤكد رفضها القاطع لهذا القرار الخطير، وأنه لن يؤدي إلى أي نتيجة. ووصف قرار خصم أموال المقاصة بأنه "خطوة تضاف إلى التصعيد اليومي في مدننا وقرانا ومخيماتنا واستباحة دمنا".
وشدد أبو ردينة على أن هذا القرار غير مسؤول ومخالف للقانون الدولي، وأن على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف مثل هذه الإجراءات وإلغائها لأن القرار بمثابة سرقة واضحة لأموال الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو ردينة أن حقوق الأسرى الفلسطينيين لن تمس مهما كانت الضغوط، وأنهم لن يقبلوا أن يقطع قرش واحد من أموال أبطال الشعب الفلسطيني الذين حملوا راية الحرية من أجل القدس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مطالباً حكومة الاحتلال بمراجعة مواقفها و قراراتها حتى لاتصل الأمور إلى طريق خطير و مسدود.
من جانبها أعلنت وزارة المالية الفلسطينية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن حكومة الاحتلال تواصل اقتطاعات شهرية من أموال العائدات الضريبية (المقاصة) تفوق 100 مليون شيكل. وأكدت الوزارة الفلسطينية حينها أن “إسرائيل تحتجز ما يفوق ملياري شيكل. رغم أنها لم تتوقف عن المطالبة بالإفراج الفوري عنها”.
وقال مراقبون إن "اقتطاع إسرائيل لجزء من أموال المقاصة الفلسطينية، قرصنة واضحة على مقدرات الشعب الفلسطيني"، مؤكدين أن "السلطة لن تخضع لهذه الإجراءات وستلجأ إلى المجتمع الدولي".
وليست هذه المرة الأولى التي تخصم فيها إسرائيل أموالاً من عائدات الضرائب، وهو ما كان يخلق أزمة مالية تسبب عجزاً للسلطة الفلسطينية في صرف رواتب موظفيها والتزاماتها المالية.
أموال المقاصة
تضمنت اتفاقية باريس بنودا تنص على تحويل إسرائيل مبالغ شهرية للسلطة الفلسطينية تعرف بـ (المقاصة)، والمقاصة مصطلح اقتصادي يعني آلية مالية لتسوية المعاملات التجارية والمالية والمصرفية بين الأشخاص والبنوك والجهات المختلفة.حيث يعتمد الاحتلال الاسرائيلي على اتفاقية باريس الاقتصادية كأداة من أدوات الضغط و التحكم و ضمان تبعية السلطة له من خلال التحكم بجباية و تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية ويتم جمع أموال المقاصّة، من ضرائب وجمارك على السلع الفلسطينية المستوردة، التي تقوم وزارة مالية الاحتلال الإسرائيلي بتحصيلها، وتحويلها شهريا إلى السلطة الفلسطينية، بعد خصم جزء منها، مقابل ديون كهرباء ومستشفيات وغرامات، ومخصصات تصرفها الحكومة الفلسطينية للأسرى والمحررين.
تجبي حكومة الاحتلال أكثر من نصف مليار شيكل شهريًا كضرائب مستحقة للسلطة، وهو مبلغ يزيد على نصف ميزانية السلطة الفلسطينية، حيث تمثل أموال المقاصّة نحو 63% من الدخل الشهري للحكومة الفلسطينية ورغم أن هذه الأموال حقّ للفلسطينيين إلا أن “إسرائيل” قامت بتجميد قسم منها.
وحذر مسؤولون إسرائيليون من أنه إذا لم يتم التوصل إلى حل قريبًا، فإن السلطة الفلسطينية ستنهار اقتصاديًا، ما قد يتسبب بفوضى في الضفة الغربية بسبب أن 160 ألف موظف بالسلطة يتلقون نصف رواتبهم فقط، في ظل إشارة الكثير من التقديرات إلى أنه مع نفاد الأموال الفلسطينية قد تنهار السلطة و هو أمر مقلق لسلطات الاحتلال. و كان قد بلغ متوسط أموال المقاصّة خلال عام 2021 بعد الخصومات الإسرائيلية 700 مليون شيكل (220.8 مليون دولار) شهريا
وبدأت أزمة الاقتطاعات من أموال المقاصة في مارس/آذار 2018 حين صادق الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يتيح لحكومة إسرائيل احتجاز جزء من أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) تعادل تلك التي تقدمها السلطة كمخصصات لعائلات الأسرى والشهداء. وينص المشروع على أن ينشر وزير الأمن الإسرائيلي تقريرًا سنويًا يفصّل فيه كل المبالغ التي تحولها السلطة الفلسطينية إلى المعتقلين وعائلات القتلى الفلسطينيين، حيث يتم خصم كل هذه المبالغ من عائدات الضرائب.
وبموجب مشروع القانون سيتم تحويل هذه الأموال إلى صندوق معد لهذا الغرض ويهدف إلى تمويل قضايا تعويضات يرفعها إسرائيليون ضد فلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. ويأتي مشروع القانون ضمن ترسانة قوانين إسرائيلية، يشكو الفلسطينيون من أنها تستهدف ترسيخ احتلال أراضيهم وحرمانهم من حقوقهم.
قرارات جائرة لخنق الشعب الفلسطيني
تتسارع التحركات الإسرائيلية في الكنيست ضد الفلسطينيين منذ قرار الولايات المتحد اعتبار القدس (بشطريها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل. وجاء آخرها إلغاء تراخيص ست مدارس في شرق مدينة القدس تحت ذريعة التحريض ضد اسرائيل، القرار الذي يرمي للتخلي عن المنهاج الفلسطيني و فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس في القدس بالقوة و هو مايمثل حرب على الهوية الفلسطينية العربية للمدارس و انتهاك صارخ لكل قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن مدينة القدس محتلة و جزء لايتجزأ من الأراضي الفلسطينية. بدورها، حذرت وزارة شؤون القدس في السلطة الفلسطينية في بيان من محاولات السلطات الإسرائيلية فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس في القدس بالقوة. وشددت الوزارة على أن تمسك المدارس والطلاب وأولياء الأمور بالمنهاج الفلسطيني بمثابة "استفتاء على رفض المنهاج الإسرائيلي ورفض مقايضة الهوية الفلسطينية ببعض المغريات".
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار حلقة جديدة من حلقات ضم القدس ومحاربة الرواية الفلسطينية وإلغاء الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة ومحاولة للسيطرة على الوعي الجمعي للمقدسيين وأجيالهم المتعاقبة.
وحملت الوزارة في بيان الحكومة الإسرائيلية المسؤولية المباشرة عن القرار "التعسفي"، مطالبة المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والمنظمات الأممية باتخاذ ما يلزم من إجراءات والضغط على إسرائيل لوقف تنفيذ هذا القرار فورا. و أضافت إن سحب تراخيص المدارس الست جاء "بسبب تدريسها المنهاج الفلسطيني كأحد الحقوق الأساسية التي كفلتها الاتفاقيات والمواثيق والعُهَد الدولية.
من جهتها زعمت الوزيرة بيتون، أن تمجيد نضال الأسرى الفلسطينيين ضد الاحتلال في الكتب الدراسية المخصصة للأطفال، هو من أعمال التحريض، ضد الاحتلال وجنوده، وهو "ظاهرة لا تطاق، وسيتم التعامل معها بصرامة"، بحسب تعبيرها.
في سياق آخر، المخطط الصهيوني لتوسيع باب المغاربة على قدم و ساق حيث حذّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ، قادة الاحتلال الإسرائيلي من السماح بتمرير مخطط توسيع باب المغاربة، الذي تدفع به ما تُسمى "جماعات الهيكل"، لتغيير معالم المسجد الأقصى الإسلامية التاريخية، ولزيادة أعداد المستوطنين المقتحمين، ولتمكين الآليات العسكرية من الدخول إليه وإحكام السيطرة عليه في دقائق معدودة. وقال مسؤول مكتب القدس في حركة حماس هارون ناصر الدين، في تصريح وزّع على وسائل الإعلام، إنّ تزامن الكشف عن هذا المخطط، مع الدعوات لتنظيم اقتحامات واسعة النطاق للأقصى في 9 أغسطس/آب الجاري، في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، يدق ناقوس الخطر. ويعتبر باب المغاربة أحد أبواب باحات المسجد الأقصى الخارجية الذي تتم عبره اقتحامات المستوطنين اليومية للأقصى، وهو أقرب باب إلى حائط البراق الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967.
ويستدعي هذا الأمر، المزيد من الحشد والرباط وتصعيد المقاومة الشاملة في القدس وفي الأرض المحتلة، لوقف العدوان والتغوّل ضد الأرض الفلسطينية والمقدسات.