الوقت - في 26 أيار 2022 أقر مجلس النواب العراقي قانونا يجرم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل بأغلبية الأصوات. صدر القانون في سياق مشروع قانون (12 مايو 2022) الذي يجرم تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي في مجلس النواب العراقي. هذا القانون، الذي عرض على مجلس النواب باقتراح من الصدر وبدعم من جميع التيارات السياسية الشيعية (تحالف الإطار التنسيقي)، قد تمت الموافقة عليه بأغلبية الأصوات.
وحضر جلسة مجلس النواب في 26 مايو / أيار 275 نائبا من إجمالي 329 نائبا، وافقوا على القانون الجديد بتعديل اسم قانون "حظر التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني" إلى "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني". وعقب إقرار القانون هتف أعضاء في مجلس النواب العراقي "كلا كلا إسرائيل". يحتوي القانون على 10 مواد رئيسية يهدف منها القانون للحفاظ على القيم الوطنية والإسلامية والإنسانية للعراق ومبادئ الشعب العراقي في الدفاع عن القضية الفلسطينية ومنع أي محاولة لتطبيع أو إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني المحتل. من الناحية القانونية أصبح العراق ثاني دولة عربية بعد سوريا تجرم علاقتها مع الكيان الصهيوني وترحيل كل من يرتكب مثل هذه الجريمة. لكن إصدار هذا القانون قوبل برد فعل سلبي من الدول الغربية التي وصفته بأنه معاد للسامية وانتهاك لحرية التعبير.
هل يتوافق قانون التجريم مع المزاعم الغربية بمعاداة السامية؟
فور صدور قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" انتقد قادة الولايات المتحدة الأمريكية هذا القرار بشدة. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان: "الولايات المتحدة تعرب عن قلقها العميق إزاء إقرار قانون يجرم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في البرلمان العراقي". هذا القانون يهدد حرية التعبير ويساعد على خلق جو معاد للسامية ويتعارض بشدة مع تقدم جيران العراق في إقامة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والذي يوفر فرصًا جديدة لدول المنطقة بأكملها." وقال المتحدث باسم مجلس النواب البريطاني ديفيد لامي على تويتر "البرلمان العراقي يقر قانونا يجرم من لهم صلات بإسرائيل بل يهدد بقتلهم". والاعتراض على هذه المخاوف، هو ارتكازها على أساس انتشار معاداة السامية في العراق في بلد طالما كان مكانًا للتعايش السلمي بين المسلمين واليهود. ويرفض اليهود الساكنون في أجزاء من كركوك والموصل وأربيل منذ قرون، الهجرة إلى الكيان الصهيوني رغم سياسة الضغط والإغراء من القادة الإسرائيليين لمغادرة العراق والاستيطان في الأراضي المحتلة. كما أن أساس هذا القانون لم يكن ولا يقوم على العداء الديني ضد اليهود، بل هو تجريم الارتباط بطائفة لها تاريخ مظلم من قتل الأطفال والعزّل، وإقامة المستوطنات غير القانونية، والهجرة القسرية للمسلمين، وجرائم ضد حقوق الإنسان. لا شك أن كل ضمير واعٍ وإنسان معنوي يصدر حكماً بالانفصال عن هذه الطائفة، والمجتمع العراقي الآن ليس بمنأى عن ذلك. وكما قال مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق رداً على قلق الأمريكيين: "معاداة السامية ممنوعة وتطبيع العلاقات ضروري!!! قتل المصلين في مساجد نيوزيلندا ودول أخرى ليس إرهابا!!! معاداة الإسلام من خلال حرق المصاحف، وتحريم الحجاب، وإقرار قانون المثلية الجنسية المحرمة في كل الشريعة، ووصف الإسلام بالإرهاب ليس جريمة، بل هو واجب!!! لا داعي لعدم إعادة فتح سفارات بعض الدول !!!المقاومة ضد احتلال الإرهاب!!! إجبار العرب على ترك القدس ومنعهم من دخولها عمل إنساني!!! هل هذه سياستكم؟؟؟ نحن نحمي الأقليات المسيحية واليهودية وأنت تطرد العرب والمسلمين! نحن نقارع إرهابيي داعش وأنتم تدعمون التطرف في الغرب! ماذا بعد ؟! اعلموا اننا لسنا ضد الاديان بل ضد التطرف والارهاب والقمع ". يظهر رد الفعل هذا بوضوح أن معاداة السامية التي يسعى إليها الأمريكيون هي بالفعل ادعاء فاشل ولا أساس له.
هل قانون تجريم التطبيع مخالف لقواعد حرية التعبير؟
معارضون آخرون لقانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" يعتبرونه مخالفًا لمعايير حرية التعبير. هذا النقد يبدو غير منطقي مثل معاداة السامية التي تم تعيينها بالقانون. في الأساس، وفقًا لنفس قواعد الديمقراطية الغربية، "حرية التعبير" تعني كفالة حرية التعبير للناس دون قيود وعقبات، وتنعكس حرية الشعب في مشاركتهم السياسية في الحكم. المشكلة الآن أن قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" قد تم إقراره من قبل ممثلي الأمة المنتخبين، أي الأشخاص الذين دخلوا المنطقة الخضراء بأصوات الشعب، وكيف يمكن لمثل هذا الشيء أن يكون ضد الحرية، يبدو ذلك وكأنه تعبير فكاهي! ويستند القانون الأخير بشكل أساسي إلى الإرادة العامة للشعب العراقي، وكذلك مطلب غالبية المواطنين العراقيين، والذي تبلور في إرادة أعضاء مجلس النواب. لذلك، ليس قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" فقط ضد حرية التعبير، ولكن أيضًا أولئك الذين يعارضون تبني مثل هذا القانون هم ضد حرية التعبير!
الهزيمة الكبرى للخطة الأمريكية الصهيونية
إلى جانب الانتقادات غير المبررة للغرب، فإن إقرار قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" يشكل انتكاسة كبيرة للجماعات الصهيونية الأمريكية وجبهة التسوية العربية، التي سعت إلى ربط بغداد بعملية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. كان هدفهم خلال السنوات القليلة الماضية هو تعبئة المرتزقة والمجتمعات الموالية للغرب، والتي تشكل جزءًا صغيرًا من المجتمع العراقي ككل، للدخول في عملية تطبيع العلاقات. لكن الآن، أدى إقرار هذا القانون إلى إلحاق هزيمة كبيرة بهم ودمر إلى الأبد حلمهم في إقامة علاقات بين بغداد وتل أبيب.