الوقت- بينما تحاول الدول الغربية إضفاء الشرعية على جرائم الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين منذ أربعة وسبعين عاماً، يبذل الصحفيون المقيمون في الأراضي المحتلة وفلسطين الجهود لنقل تلك الجرائم كي تبقى القضية الفلسطينية محور الاهتمام العالمي.
لذلك، لطالما شكلت السلطات الإسرائيلية تهديدا خطيرا للصحفيين من أجل منعهم من نشر جرائمهم في جميع أنحاء العالم، وقامت بإطلاق النار على الصحفيين وقتلهم.
حيث أظهر اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة وجرح زميلتها أثناء تغطيتها للهجوم الصهيوني على مخيم جنين قبل أيام مدى شعور الصهاينة بالتهديد من نقل جرائمهم. ورغم أن الصهاينة حاولوا في البداية تحميل الفلسطينيين مسؤولية اغتيال مراسلة الجزيرة، إلا أن تحقيقات الجيش الإسرائيلي كشفت أن وحدة دوفدفان السرية أطلقت النار على الصحفية الفلسطينية، وأجبر في النهاية على تحمل مسؤولية اغتيال هذه الصحفية ما أثار موجة كبيرة من الاستنكار العالمي.
أظهر اغتيال مراسلة الجزيرة مرة أخرى للمجتمع الدولي وحشية الصهاينة وأظهر كيف يمكن للكيان الذي يخاف حتى من الكاميرات أن يواصل حياته في مواجهة الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى الكفاح المسلح.
حاولت وسائل الإعلام إقناع المجتمع الدولي بوقف جرائم هذا الكيان من خلال نقل ممارسات الاحتلال الصهيوني، لكنها دفعت في بعض الحالات ثمناً باهظاً مقابل هذا الواجب.
ولطالما حاولت إسرائيل منع الحقيقة من الوصول إلى العالم عبر طرد الصحفيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، واراقة دماء الفلسطينيين في صمت اعلامي، لكن رغم هذه التهديدات لم يتراجع الصحفيون عن تغطية الاعتداءات الإسرائيلية. إن جرائم إسرائيل بحق الصحفيين ووسائل الإعلام واسعة لدرجة أن الاتحاد الدولي للصحفيين رفع دعوى قضائية ضد هذا الكيان في المحاكم الدولية بسبب تلك الهجمات الممنهجة.
سجل الصهاينة الأسود في اعتدائهم على الصحفيين
كانت الاعتداءات على الصحفيين موجودة دائماً، وتعرض مئات الصحفيين حتى الآن للضرب على يد الجيش الإسرائيلي، وفقد عدد منهم حياتهم أثناء تغطيتهم للأخبار.
وأعلن اتحاد الصحفيين الفلسطينيين في نيسان 2019 أن الكيان الصهيوني قتل 102 صحفي ومراسل فلسطيني منذ عام 1972، منهم 19 شهيداً منذ 2014.
وقال ناصر أبو بكر رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين آنذاك، إنه في الربع الأول من عام 2019 فقط، جرى تسجيل 136 اعتداء صهيونيا على الصحفيين، وكان هذا الرقم 838 في عام 2018.
وقال تحسين الأسطل، نائب مدير نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن النقابة تسجل ما بين 500 و 700 اعتداء وهجوم وجرائم ضد الصحفيين كل عام.
وسجلت نقابة الصحفيين الفلسطينيين 870 حالة في عام 2021 وعشرات الاعتداءات على الصحفيين منذ بداية عام 2022، بما في ذلك إطلاق النار، ويظهر أن الاعتداءات الصهيونية على الصحفيين تتزايد يوماً بعد يوم.
لا تكترث القوات الصهيونية لجنسية الصحفيين عند مهاجمتهم، حتى أن صحفيي الدول الصديقة لإسرائيل ليسوا في مأمن من اعتداءاتها. ففي كانون الثاني 2004، أصيب توم هارندال، مصور بريطاني، برصاص قناص صهيوني مباشرة بعد أن قرر التوجه إلى غزة لمراقبة جرائم الكيان الصهيوني.
وفي مايو 2003، قتل مصور ومخرج بريطاني برصاص جندي صهيوني أثناء تصويره في قطاع غزة لتوثيق معاناة الأطفال الفلسطينيين.
وفي يونيو 2017 ، تعرض مراسل قناة روسيا اليوم الروسية للضرب أثناء تغطيته الاشتباكات بين فلسطينيين والقوات الصهاينة في القدس المحتلة.
باتت الهجمات على وسائل الإعلام والصحفيين خلال الحرب بين تل أبيب والفلسطينيين أكثر وضوحا من أي وقت مضى. حيث قتل الكيان الصهيوني 16 صحفيا ومراسلاً خلال هجومه الذي استمر 51 يوماً على قطاع غزة عام 2014 ، وأصيب عدد من المصوريين الإعلاميين في تلك الهجمات.
وفي العام الماضي، خلال الحرب التي استمرت 11 يوماً بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة، استهدف الصهاينة أيضاً مكاتب قناة الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس. ولتبرير تلك الجريمة، زعم مسؤولون في تل أبيب في ذلك الوقت أن برج الجلاء المكون من 12 طابقاً كان مقراً لحماس.
وفي حرب الـ 11 يوماً أيضاً، أصيب 80 صحفياً في قطاع غزة، وفقد 15 صحفياً منازلهم تماما وتشردوا مع عائلاتهم. وخلال تلك الحرب، تم تدمير برج الجوهرة الذي كان مقرا لـ 12 وسيلة إعلامية، بما في ذلك مكاتب صحيفتي فلسطين والعربي الجديد وقنوات العربية والمملكة ووكالة الأنباء المصرية. كما كانت إذاعة وتلفزيون الأقصى وفلسطين اليوم من بين وسائل الإعلام الست التي دمرت في الهجوم على برج الشروق في حرب غزة العام الماضي.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية الشهر الماضي بأن القوات الإسرائيلية هاجمت صحفيين 27 مرة في أبريل / نيسان فقط، ما أدى إلى إصابة واعتقال عدد منهم.
لا تتوقف انتهاكات حقوق الصحفيين عند هذا الحد، وقد حرم الجيش الصهيوني الصحفيين مرارا من تغطية الأخبار الميدانية الفلسطينية، بل صادر هواتفهم المحمولة في عدة مناسبات.
وإلى جانب اغتيال وضرب الصحفيين، قام الكيان الصهيوني باعتقال وسجن عشرات الصحفيين حتى لا يتمكنوا من نقل أخبار جرائمه للعالم.
ونظرا الى تزايد الجرائم الإسرائيلية بحق الصحفيين، فإن هؤلاء الصحفيين يحاولون التخفيف من معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون للاعتداءات منذ أكثر من سبعة عقود، دون أي خوف من خلال تغطية أخبار الاعتداءات الصهيونية.
والفلسطينيون الذين يئسوا من الحصول على دعم القوى العظمى والعالم العربي لتحرير القدس، هم مسرورون فقط بنقل أخبار جرائم إسرائيل في القدس وقطاع غزة، حيث يحاول الصهاينة بأي طريقة ممكنة اغلاق هذ الطريق عليهم.
وحسب التقارير، هناك نحو 4 آلاف صحفي ومراسل في مختلف مناطق فلسطين، ولا يوجد أحد منهم إلا وتعرض للأذى على يد الصهاينة.
يشكل الصحفيون ووسائل الإعلام تهديدا لإسرائيل أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، لأنهم ينقلون جرائم الصهاينة إلى جميع أنحاء العالم، ما يثير غضب الرأي العام.
وخروج ملايين الأشخاص حول العالم، وخاصة في الغرب، باحتجاجات واسعة النطاق ضد الجرائم الصهيونية خلال حروب تل أبيب ومقاومة غزة، يدل على نجاح وسائل الإعلام في تغطية الجرائم ضد الفلسطينيين، ورغم أن الصهاينة يحاولون التستر على جرائمهم في الأراضي المحتلة باغتيال الصحفيين واعتقالهم وسجنهم، لكن اتساع نطاق هذه الجرائم، يجعل الرأي العام يراقب التطورات في فلسطين باهتمام أكبر وستصبح أحقية الفلسطينيين في محاربة الكيان الزائف أكثر وضوحاً للجميع من أي وقت مضى.