الوقت- في حين توقع مسؤولون لبنانيون أن تتخلى السعودية عن موقفها العدائي ضد لبنان بعد استقالة وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، إلا أن ذلك لم يحدث، والمؤشرات تشير إلى بداية موجة توتر جديدة في العلاقات بين الجانبين.
وفي هذا الصدد يرى مراقبون أن المزاعم الأخيرة للمتحدث باسم تحالف العدوان السعودي ضد حزب الله بشأن التدخل العسكري والميداني لهذه الحركة في حرب اليمن تشير إلى نية السعودية تصعيد التوترات مع لبنان، بحجة أن حزب الله ينوي إلحاق الأذى بالرياض، وبذلك يبرر السعوديون أعمالهم العدائية الجديدة ضد لبنان. الأوساط السياسية في الرياض وبيروت تعتقد أن السعودية بمزاعمها المناهضة لحزب الله تنوي تصعيد التوترات مع لبنان في المقام الأول، اما في المقام الثاني، تسعى لتبرير الخسائر في الأرواح والممتلكات التي تكبدها الجيش السعودي في حرب اليمن، وكذلك جرائم الرياض بحق المدنيين اليمنيين. في الواقع، جاءت هذه المزاعم على نحو يتماشى مع ابتزاز السعودية للبنان. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، خلقت السعودية أكبر أزمة إنسانية في اليمن في السنوات السبع الماضية، بشكل غير مسبوق في العالم بأسره، لكننا الآن نرى أن السعودية تحاول الخروج من المستنقع اليمني بأساليب سخيفة. أطلق تركي المالكي، المتحدث باسم تحالف العدوان السعودي، مقطع فيديو خلال حملة دعائية كبيرة اعتقد أنها ستكون فعالة للغاية، زُعم فيها أن مسؤولاً في حزب الله تحدث مع العميد عبد الله يحيى الحكيم رئيس هيئة مخابرات حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية الملقب بـ "أبو علي الحكيم"، حول أحداث الحرب اليمنية وكيفية مشاركة حزب الله المباشرة فيها وإيجاد وسيلة لمنع سقوط الحديدة. حدثت أخطاء كثيرة في مقطع الفيديو هذا، جعلت من تركي المالكي نفسه محل سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه المستخدمون بأنه مخرج سيئ وعديم الخبرة، حتى في الترقيعات الإعلامية المستحدثة بعد هزيمة تحالف المعتدي على جبهات مختلفة في البلاد.
يمكن تصنيف بعض هذه الأخطاء الواضحة على النحو التالي:
-زعم في مقطع من مقطع عرضه على المراسلين تركي المالكي، أن مدربي حزب الله قدموا إلى اليمن لتدريب قوات أنصارالله، وادعى كذلك وجود مستودع الطائرات المسيرة اليمنية في مطار صنعاء الدولي. ومع ذلك، في المقطع، تم عرض طائرة بدون طيار واحدة فقط في مكان منعزل ولم يكن هناك ما يشير إلى وجود مدربي حزب الله أو مستودع أسلحة.
- في جزء من هذا المقطع الوهمي لتحالف العدوان السعودي، الذي زعم أنه يعرض مسؤولاً في حزب الله يتحدث إلى رئيس مجلس المخابرات في حكومة الإنقاذ الوطني اليمني، حاول الشخص الذي لعب هذا الدور التحدث باللهجة اللبنانية لكنه فشل. ما هو أكثر إثارة وسخافة هنا هو أن السعودية لم تتشاور حتى مع أي من الموظفين اللبنانيين في الشبكات التابعة لها، ويبدو أن المقطع تم على عجل. أدت هذه القضية إلى إذلال وسخرية السعودية من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
- الشخص الذي لعب دور مسؤول في حزب الله في هذا المقطع لم يكن لديه ثقة كافية بالنفس وكان تلعثمه واضحاً. يبدو أنه قد حفظ بالفعل الجمل المطلوبة وهو الآن يجد صعوبة في التعبير عنها. بينما كل قادة ومسؤولي حزب الله يتحدثون دائما بسهولة وبصراحة.
- نقطة طريفة أخرى في هذا المقطع هي أن رمز (شعار) حزب الله عُرض بأبعاد كبيرة وبارزة على اللابتوب. يدعي التحالف المعتدي نفسه أن حزب الله له دور سري في حرب اليمن. فلماذا يعرض حزب الله شعاره الخاص؟
من ناحية أخرى، فإن المقطع الذي نشره تركي المالكي زعم فيه أن تورط حزب الله في الحرب اليمنية كان في الواقع جرحًا للسعودية. من خلال القيام بذلك، أقر التحالف السعودي بشكل غير مباشر بهزيمته في حرب اليمن وأعلن أنه عندما فشل في تحقيق نتيجة ملموسة في الحرب اليمنية على الأرض، فإنه سيبحث عن أعذار فارغة لتبرير جرائمه ضد المدنيين اليمنيين. ونشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هذا المقطع ليس في اليمن فقط بل في لبنان وسوريا والعراق ودول أخرى في سياق إذلال وسخرية من السعودية. وقال بعض المستخدمين إنه لو استمع تركي المالكي للمتحدث باسم جماعة أنصارالله ورئيس الفريق المفاوض اليمني محمد عبد السلام لما احتاج إلى هذه الألعاب السخيفة. يظهر واقع الأرض للحرب اليمنية أن السعودية منهارة تمامًا والإمارات تحاول إظهار نفسها كخاسر ذكي، وفي هذا الصدد تستخدم أساليب مختلفة لتجنب تداعيات هزيمة التحالف السعودي في الحرب اليمنية.
المملكة العربية السعودية، التي لا تزال في عزلة دولية بعد أعمالها القمعية والاغتيال الوحشي للصحفي السعودي الناقد جمال خاشقجي، تم إعلانها مرة أخرى دولة فاشلة في المنطقة. وكشفت دوائر لبنانية مقربة من السعودية، أن الرياض تتجه نحو تصعيد التوترات مع لبنان، وأن السفير السعودي لا ينوي العودة إلى بيروت. كما لا يعتزم المسؤولون السعوديون اتخاذ أي موقف من لبنان أو دعم أي طرف في البلاد، حتى يتضح من سيكون الزعيم السني في الانتخابات النيابية اللبنانية. وأكدت الدوائر نفسها أن السعودية لن تتخذ أي موقف واضح تجاه لبنان حتى إعلان نتيجة الانتخابات النيابية اللبنانية.