الوقت- بدأ الجيش التركي خلال الأيام الماضية جولةً جديدةً من إرسال المعدات العسكرية إلى محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وتأتي المساعدات الجديدة التي تقدمها أنقرة للمسلحين التكفيريين، في وقت تُعتبر فيه محافظة إدلب السورية الآن أهم تجمع للجماعات الإرهابية علی مستوی العالم.
وقد أفادت مصادر إخبارية سورية بأن عشرات الشاحنات من مختلف الأسلحة العسكرية والإمدادات اللوجستية، من بينها بطاريات مدفعية ثقيلة وذخائر مضادة للدبابات وناقلات جند متطورة وكتل خرسانية، عبرت معبر باب الهوى وقدمت المساعدات للجماعات الإرهابية في إدلب.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هو الهدف الذي تسعى الحكومة التركية إلى تحقيقه عبر إرسال أسلحة جديدة إلى محافظة إدلب؟
الاستياء الروسي والأميرکي من بدء جولة جديدة من الضربات العسكرية التركية في شمال سوريا
لا شك أن أحد أهداف تركيا الأساسية في إرسال أسلحة إلى شمال سوريا، هو التستر على فشلها الأخير في عدم القدرة على مهاجمة مناطق جديدة في شمال سوريا.
انتشرت شائعات خلال الأشهر القليلة الماضية عن جولة جديدة من الضربات العسكرية التركية في مناطق تل رفعت ورأس العين وتل أبيض، والتي أثارها أردوغان في قمة مجموعة العشرين مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو الأمر الذي عارضته واشنطن بشدة.
إضافةً إلى ذلك، أبدت موسكو معارضتها لأي هجوم تركي جديد على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. والأكثر من ذلك، هاجمت الطائرات المقاتلة الأمريكية مؤخرًا مواقع تابعة لتنظيم القاعدة أو تنظيم تحرير الشام نفسه (فرع القاعدة في سوريا) في محافظة إدلب، بحجة محاربة الإرهاب، الأمر الذي بعث برسالة واضحة لأردوغان وأنقرة، مفادها بأنه لن يكون أي هجوم جديد على شمال سوريا مقبولاً.
وهکذا، بعد إرسال مساعدات عسكرية جديدة، أولاً يُطرح السؤال حول إمكانية تخطيط أنقرة لدفع خططها العسكرية الأخيرة من خلال الميليشيات التابعة لها؛ وثانيًا يريد الأتراك أن يظهروا مرةً أخرى مكانتهم السياسية والعسكرية، والتي تضررت سواء بين الجهات الفاعلة الأخرى في الأزمة أو الجماعات الإرهابية التابعة لها، للقول بأن مواقف أنقرة ثابتة بشأن الحفاظ على وجود عسكري قوي على الأراضي السورية.
مساعي أنقرة للإبقاء على إدلب مركزاً لقوتها في المعادلات الميدانية السورية
على صعيد آخر، نتيجة المعادلات السياسية والدبلوماسية والميدانية لسوريا على مدى العامين الماضيين، أدركت حكومة أنقرة أنه لن يكون لهذا البلد مكان في مستقبل سوريا.
حيث تؤكد معايير القانون الدولي وتوازن القوى في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، حقيقة أن عودة الأراضي التي تحتلها تركيا وقواتها إلى الحكومة المركزية السورية، أمر لا يمكن إنكاره.
وفي مثل هذه الظروف، تنوي تركيا توجيه المعادلات الميدانية السورية في اتجاه مطالبها بإرسال أسلحة وقوات جديدة إلى محافظة إدلب.
حقيقة الأمر هي أن أنقرة والجهات الفاعلة الأخرى في سوريا تقر بأن أي صراع كبير في محافظة إدلب، بالنظر إلى عدد السكان الكبير والوجود الكبير للجماعات التكفيرية، يمكن أن يمهد الطريق لأزمة إنسانية كبيرة، ولذلك فإن القوى الإقليمية وعبر الإقليمية مهتمة أكثر بحل أزمة إدلب من خلال الدبلوماسية والمفاوضات، وتجنب الحرب.
تعزيز مواقع المتمردين في إدلب
وردت تقارير مختلفة خلال الأشهر القليلة الماضية عن اشتباكات داخلية بين الجماعات التكفيرية في محافظة إدلب.
وحتى في منتصف تشرين الثاني(نوفمبر)، قُتل وجُرح عدد كبير من المسلحين التكفيريين في اشتباكاتهم الداخلية، بعد تبادل لإطلاق النار في محافظتي الحسكة والرقة الشماليتين.
وحسب التقارير، اندلعت في ذلك الوقت اشتباكات دامية داخلية بين مسلحين تابعين لفرقة الحمزة الموالية لما يسمی بالجيش السوري الحر والمدرّبة والمجهزة من قبل الولايات المتحدة وتركيا، على أطراف مدينة رأس العين.
كما أن هناك أدلةً على وقوع اشتباكات كبيرة في الآونة الأخيرة بين عناصر من ميليشيا أحرار الشرقية وفيلق الشام المدعوم من تركيا، في مناطق عين عيسى وشركرك وحمام التركمان.
والآن، على ما يبدو، تحاول تركيا منع الاشتباكات بين المجموعات التكفيرية الموالية لها بإرسال معدات جديدة، إضافة إلى تعزيز مواقعها في محافظة إدلب، وتقوية مواقع التكفيريين في مواجهة هجوم محتمل للجيش السوري وحلفائه.
ومن الممكن الآن أن تقدم تركيا الأسلحة للجماعات التي كانت في وضع أضعف من الجماعات الأخرى خلال الاشتباكات الداخلية الأخيرة.