الوقت- إن روسيا هي الدولة المحورية والأكثر تأثيرا في سوريا، التي تسعى إلى حل جدي لنزيف الدم السوري من خلال اللقاءات التي تعقدها على أكثر من صعيد وأهمها اللقاءات والإتصالات التي يقوم بها الرئيس بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف بعد بيان مؤتمر فيينا الأسبوع الماضي. وكانت روسيا بعد مؤتمر فيينا قد أعلنت أنها تخطط لإقامة حوار حقيقي يشمل جميع الأطراف المعارضة السورية إضافة إلى الحكومة حيث يعرضون فيه وجهات نظرهم لإيجاد الحل السياسي للدمار الشامل الذي يتعرض له بلدهم. نحن في هذا المقال نحاول الإجابة على السؤال التالي: هل تنجح روسيا في جمع الدولة السورية وجميع أطراف المعارضة على طاولة واحدة؟
إن الدور الروسي الهام والسعي الدؤوب لحل الأزمة جعلها تنجح في عقد اللقاء الرباعي الأول في 23 أكتوبر والذي جمع إضافة إلى روسيا، أمريكا، السعودية والجمهوريه الإسلامية الإيرانية. ثم اللقاء الثاني في 29 أكتوبر، والذي نتج عنه مؤتمر فيينا بحضور سبعة عشر دولة في 30 أكتوبر.
هذا المؤتمر ما كان ليحصل لولا النتيجة التي توصل إليها الجميع بأن الوضع الإنساني والميداني في سوريا وصل إلى مرحلة خطرة، والإستمرار فيه مكلف جدا للأطراف الداعمة للإرهابيين، فهم يعملون طبقا لمصالحهم ومنافعهم الخاصة في المنطقة ويتطلعون إلى حل متوازن لا رابح فيه.
وفي الواقع هم يريدون إنهاء الحرب الدائرة من دون أن يراق ماء وجههم ومن ناحية أخرى فإن الإرهابيين بدؤو في سورية واليوم وصلوا إلى اوروبا وأفريقيا وأصبحوا يشكلون تهديدا حقيقيا لهذه الدول الداعمة لهم. نحن في هذا المقال نقوم بعرض تفاصيل اللقاءات التي تجريها روسيا مع مختلف الأطراف الدولية ونظرة مختلف الأطراف للأزمة السورية وخاصة بعد مؤتمر فيينا والتطور في المواقف.
أولا: نبدأ مع الزيارة الرسمية التي قام بها مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الأربعاء 4 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى العاصمة الروسية موسكو للبحث في الحوار التي دعت إليه روسيا. هذه الزيارة بحثت أيضا النتائج التي صدرت بعد مؤتمر فيينا في 30 أكتوبر الماضي والمباحثات التي أجراها دي ميستورا في دمشق.
وبعد لقاء جمع سيرغي لافروف مع دي ميستورا أعلنت المتحدثة بإسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن اللقاء تناول العملية السياسية في سوريا وأكدت أن ممثلي النظام والمعارضة سيدعون الأسبوع القادم إلى موسكو لإجراء مشاورات حول سبل الحل مضيفة إن الجانبين وعدا بالمشاركة في الحوار.
وأضافت زخاروفا إن موقف موسكو من التسوية السورية لم يتغير وإنتقدت الصحف الغربية التي تحاول تحريف هذا الموقف مؤكدة بأنها ستقف بالمرصاد لكل هذه المؤامرات، مصرحة بالقول " أستطيع هنا التأكيد بأن الموقف الروسي إزاء التسوية السورية لم يتغير، والمسألة الأهم من حيث المبدأ بالنسبة لموسكو هي الحفاظ على الدولة السورية المستقلة بهويتها العلمانية".
ثانيا: المباحثات في مؤتمر فيينا
المفاجأة الأولى من موسكو، أعلنها ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قبيل انعقاد اجتماع فيينا، بأن موسكو والرياض تبادلتا قوائم بشأن الشخصيات المعارضة التي يمكن أن تشارك في مفاوضات مع الحكومة السورية، بما فيها "الجيش الحر" والأكراد .
والمفاجأة الثانية كانت تلميح إيران إلى تفضيلها مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر تعقبها انتخابات لتحديد مصير الرئيس بشار الأسد، لكن نائب وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد الإيراني في المحادثات أمير عبد اللهيان نفى هذا الكلام الذي نسب إليه. ومع أن النفي الإيراني قد يكون ضروريا لدواعي دبلوماسية، فإن قبول إيران بتحديد فترة زمنية لمرحلة انتقالية قد يعتبر تعاملا جديدا .
وبعيد مؤتمر فيينا بحث سيرغي لافروف هاتفيا مع نظيره الأمريكي جون كيري لقاء فيينا والنتائج التي توصل إليها بشأن سوريا. وفي نهاية محادثات فيينا قال لافروف "إن المجتمعين لم يتفقوا على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، ونحن نرى أن ذلك أمر يحدده السوريون وحدهم". وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي كيري ودي ميستورا أكد بأنهم لم يتوصلوا إلى إتفاق حول وقف إطلاق النار.
خلاصة القول أن نحن نرى دعوة روسيا المعارضه السورية للحوار هي مقدمة لإجتماع دولي سيشمل جميع الأقطاب، ومن المؤكد أن لأمريكا وإيران دور كبير في الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية التي بدأت عامها الخامس، فاليوم يرى جميع الأطراف بأن الوقت أصبح مناسبا للوصول إلى رؤية واضحة لحل الأزمة السورية إذا ما قامت السعودية بعمل تخريبي مفاجئ.
أما السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل ستتمكن موسكو والأمم المتحدة من جمع أطياف متعددة من المعارضة السورية، بما فيها أطياف المعارضة الأخرى التي لم تشارك في مشاورات "موسكو 1" و"موسكو 2"؟ وهل ينتج عن الحوار مشاورات "موسكو 3"؟ وماذا عن مواقف إيران والسعودية في الفترة المقبلة مع تقدم المشاورات والمباحثات؟