الوقت- خلال اجتماع المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب بدورته الأولى لعام 2021، والذي عقد بالعاصمة السورية دمشق تحت عنوان “التضامن مع سوريا في مواجهة العدوان والحصار الجائر” و”لا للمبادرات.. نعم لعودة كامل الأراضي الفلسطينيّة والقدس العاصمة الأبديّة”، والذي ناقش على مدى يومين أيضاً آليات عمل الاتحاد وتطويرها، والتنسيق والتعاون بين النقابات العربيّة، ودور الاتحاد في الدفاع عن القضايا القوميّة، وخطة العمل المستقبليّة والقضايا السياسيّة والتنظيميّة، دعا المشاركون في الاجتماع إلى رفع الحصار الجائر عن الشعب السوريّ في ظل الظروف الاقتصاديّة المأساويّة التي يعيشها، مؤكدين حق سورية في اتباع كل السبل للقضاء على الإرهاب والإرهابيين وتحرير كامل أراضيها المحتلة.
بعد أكثر من 10 سنوات على انخراط بعض الدول العربية والغربيّة المعروفة بشكل مباشر في الحرب على سوريا وافتعال وتدويل الأزمة في البلاد لتدمير دورها وتاريخها ومؤسساتها وتنفيذ المشاريع التآمريّة في المنطقة، أدان المشاركون في اجتماع المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب من دمشق، في بيانهم الختامي استهداف الدول الاستعماريّة لأيّ جزء من الأراضي السوريّة ودعم العصابات الإرهابيّة، مطالبين المجتمع الدوليّ بالضغط على تلك الدول المحتلة وإجبارها على الانسحاب من الأراضي السورية، في إشارة إلى الولايات المتحدة وتركيا.
وفي هذا الشأن، شدّد البيان على أن المكتب الدائم يؤيد حق الجمهورية العربيّة السوريّة في اتباع كل السبل للقضاء على الإرهاب والإرهابيين وما تبقى من فلوله على الأراضي السوريّة مؤكّداً على حق دمشق في استعادة أراضيها المحتلة وفي مقدمتها الجولان السوريّ الذي يحتله الكيان الصهيونيّ الغاصب، داعيّاً إلى رفع الحصار الجائر عن السوريين ومطالباً الحكومات العربيّة برفض تطبيق ما يسمى قانون “قيصر” الأمريكيّ المفروض عليها، وإعادة سورية إلى مقعدها الطبيعي في الجامعة بعد أن عُلّق في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011.
وعقب الانتصارات الكبيرة التي حققتها سوريا في الميدان العسكريّ بعد دحر الجيش السوريّ المجموعات الإرهابيّة المسلحة في أغلب المناطق السورية وسيطرته على معظم مساحة البلاد، بدعم من الحلفاء وخاصة محور المقاومة، أشار البيان إلى أن انتصار سوريا على العدوان جاء نتيجة تكاتف الشعب والجيش والقيادة وهو حلقة ناصعة من النضال العربيّ ضد الاستعمار وأعوانه موضحاً أن الطريق الصحيح أمام الأمة العربية هو العمل المشترك وتنمية العلاقات العربية - العربية والعمل نحو التكامل العربي اقتصادياًّ وسياسيّاً وعسكرياًّ.
وبالتزامن مع تصاعد الإجرام الصهيونيّ بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، أكد المحامون العرب أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والرئيسة والمركزيّة وأكّد أن ما يتعرض له الشعب الفلسطينيّ تحت الاحتلال من جرائم كبرى ترتكبها العصابات الصهيونيّة بهدف تصفية القضية الفلسطينية وكسر إرادة شعبها، وجدد البيان التأكيد على أن المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وأن المصالحة الفلسطينية واجب مقدس على الطريق الصحيح لاسترداد فلسطين مطالباً الحكومات العربية بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني وطرد سفرائه من العواصم العربيّة.
وبما يخص العدوان الصهيونيّ الأخير على غزة والذي راح ضحيته مئات الشهداء (نصفهم من الأطفال والنساء) وآلاف الجرحى مع دمار هائل في البنية التحتيّة، اعتبر البيان أنّه جريمة ضد الإنسانية ومخالفة للقوانين الدولية، وحيا في الوقت ذاته أبناء فلسطين في دفاعهم المشروع عن أرضهم وحقوقهم داعياً كل المؤسسات القانونيّة الدوليّة لأن تمارس اختصاصاتها ضد جرائم الصهيونيّة التي ترتكب ضد أبناء فلسطين وتقديم مرتكبها للمحاكمة الدوليّة، حيث استهدفت الآلة العسكريّة للعدو خلال هجومها الذي استمر 11 يوماً، المواطنين الفلسطينيين ومنازلهم والأبراج السكنيّة والبنى التحتيّة والمؤسسات الصحيّة والتعليميّة وخطوط المياه والكهرباء وتمديدات الصرف الصحيّ.
وفي الوقت الذي تعاني فيه محافظة الحسكة السوريّة، الواقعة شمال شرقيّ البلاد، من الابتزازات التي يقوم بها النظام التركيّ، بعد أن عمدت قواته إلى إيقاف عمل مضخة مياه الشرب في محطة "علوك" في ريف المدينة، رغم مفاوضات متعددة بين موسكو وأنقرة من أجل إعادة ضخ مياه الشرب إلى المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالي (23 ألف كم²)، أدان البيان الجريمة الكبرى التي ترتكبها تركيا منذ عام كامل بقطع مياه الشرب عن مليون ونصف نسمة يقطنون في تلك المنطقة، كما أدان المحامون العرب قطع النظام التركيّ المياه عن العراق واصفين ذلك بـ "الجريمة ضد الإنسانية" التي تضاف إلى جرائمه ومخالفة للقوانين الدوليّة.
وحول الأوضاع في العراق، جاء في بيان المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب أن استقرار العراق مرهون بإبعاده عن الصراعات الطائفيّة التي تستهدف الهوية الوطنيّة العراقية التي يحرص عليها العراقيون، داعياً الشعب العراقيّ إلى الوحدة ونبذ الصراعات الناتجة عن احتلاله ومطالباً بإبعاد العراق عن التدخلات الإقليميّة والتأكيد على استقلاليّته وسيادته وإدانة الوجود العسكريّ الأجنبيّ الإقليميّ والدوليّ الذي يشكل انتهاكاً لسيادة هذا البلد واستقلاله وقراره الوطنيّ، مطالباً بتعزيز دور الجيش العراقيّ الوطني في التصدي للجماعات الإرهابيّة.
وبشأن لبنان الذي يعيش أزمات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة متفاقمة، لفت المكتب الدائم إلى أن حصار الشعب اللبنانيّ وضرب مرفأ بيروت والعمليات الصهيونيّة الإرهابية المتواصلة بحق هذا البلد ومؤسساته ناجم عن إرادة إسرائيليّة - أمريكيّة لإخضاع اللبنانيين وإلزام بيروت توقيع اتفاقية التطبيع مع العدو الغاشم، ونوّه البيان إلى أنّ تأخير تشكيل الحكومة اللبنانيّة يأتي خدمة لتفكيك ما تبقى منه وإحلال النظام الطائفيّ محل الدولة.
وبما يتعلق بتونس، دعا المحامون العرب إلى الابتعاد عن جميع الخلافات والجلوس على طاولة الحوار بين الرؤساء الثلاثة وإرساء المؤسسات الدستوريّة للخروج من الأزمة الخانقة وقبول الحوار الوطنيّ وإبعاد شبح الإفلاس والانهيار.
وفي خصوص سد النهضة الإثيوبيّ، ساند المكتب الدائم للمحامين العرب موقف كل من مصر والسودان في حقهما الثابت كدولتين في مياه نهر النيل طبقاً للقانون الدوليّ المنظم للأنهار الدوليّة والاتفاقات الدوليّة الموقعة في هذا الصدد، داعيّاً المجتمع الدوليّ للضغط على أثيوبيا لتنصاع لالتزاماتها الدوليّة حول نهر النيل، عقب الفشل التام الذي رافق مفاوضات ملف "سد النهضة" خلال الأعوام الماضية بسبب تعنت أديس أبابا.
وحول الحرب على اليمن الذي يرزح تحت العدوان السعودي منذ 6 سنوات بكل ما يحمله من جرائم ومجازر بشعة لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ وكوارث يندى لها جبين الإنسانية وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة بحسب توصيف الأمم المتحدة، دعا البيان إلى إنهاء الصراع الدائر وطالب بالحوار بين أبناء اليمن بدلاً من الاقتتال الذي يغذيه أعداء اليمن، رافضاً أيّ تدخل عسكريّ ضد أي دولة عربيّة ومطالباً الدول العربيّة بإيجاد حل سياسيّ لليمن ووحدة أراضيه.
وبخصوص المسألة المغربيّة، شدّد المحامون العرب على وحدة الأراضي المغربيّة ورفض الاحتلال الإسبانيّ لجزر سبتة ومليلة وباقي الجزر المغربيّة، وطالب مدريد بالجلاء عنها واتخاذ كل الإجراءات الدبلوماسيّة والقانونيّة الكفيلة بتحقيق ذلك، داعيّاً لفتح الحدود بين الجزائر والمغرب، في ظل التوترات المتصاعدة بين البلدين وخاصة بعد التطبيع المغربيّ مع العدو الصهيونيّ الغاصب مقابل اعتراف واشنطن بالأراضي التي تحتلها الرباط في الإقليم الصحراويّ التابع لـ "جبهة البوليساريو".
يشار إلى أنّ اتحاد المحامين العرب هو منظمة عربيّة دوليّة غير حكوميّة، تأسست عام 1944، ومقرها الدائم العاصمة المصريّة القاهرة، ويشغل المكاوي بن عيسى منصب الأمين العام، وتتكون بشكل أساسيّ من جمعيات ونقابات المحامين المنتخبة في الوطن العربيّ، ولها صفة استشاريّة لدى المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ في الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو، وتحمل صفة مراقب في كل من اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، والاتحاد الإفريقيّ، وفي المجلس الاقتصاديّ والاجتماعي في "جامعة الدول العربية"، وعضو في كل من نقابة محامي المحكمة الجنائية الدوليّة، و الاتحاد الدوليّ للمحامين بفرنسا UIA، وتحالف (الكونسورتيم) الدولي للمساعدة القانونية ILAC.
بناء على ما ذُكر، كانت سوريا وما زالت الصوت الصادح، والحضن الكبير، والداعم الأول والأكبر، في الدفاع عن مصالح الدول العربيّة وزيادة تضامنها وتعاونها في مختلف المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، إضافة إلى التحرر من السيطرة والاستعمار الأجنبيّ وتحقيق الوحدة بين الدول العربيّة، وإنّ الصوت العربيّ الذي أُريد كتمه من دمشق عاد بعد 11 عاماً من الحرب على سوريا ليدعم العرب كل العرب، ويدعو لانعتاقهم من أيدي المُحتلين وتحررهم من المشاريع الهدامة.