الوقت- بعد عدة أسابيع، على انتهاء العدوان الصهيونيّ الغاشم على قطاع غزة المحاصر، والذي راح ضحيته مئات الشهداء (نصفهم من الأطفال والنساء) وآلاف الجرحى مع دمار هائل في البنية التحتيّة، أوضحت قناة "كان" العبريّة مؤخراً، أنّ العدو الغاصب يواصل منع دخول المرضى من قطاع غزة لمستشفيات الضفة المحتلة والداخل المحتل للعلاج، في جريمة أخرى تضاف إلى جرائم الحرب الأخيرة التي تسببت فيها الآلة العسكريّة للكيان خلال هجومها الذي استمر 11 يوماً، والتي استهدف المواطنين ومنازلهم والأبراج السكنيّة والبنى التحتيّة والمؤسسات الصحيّة والتعليميّة وخطوط المياه والكهرباء وتمديدات الصرف الصحيّ.
ومع غياب محاسبة قادة الاحتلال على ما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانيّة في قطاع غزة، وإهمال كافة دعوات التحقيق في استهداف العدو الصهيونيّ عمداً مبانٍ سكنية للمدنيين في القطاع، بيّنت القناة العبرية، أنّ أحد مرضى السرطان في قطاع غزة المحاصر، توفيّ الثلاثاء المنصرم نتيجة رفض سلطات العدو منحه تصريحاً للخروج وتلقي العلاج الطبيّ في مستشفى "المقاصد" بالعاصمة الفلسطينيّة القدس، في إجرام جديد من قبل الكيان الصهيونيّ العنصريّ الذي لم يترك نوعاً من "جرائم الحرب" إلا واستخدمه ضد أصحاب الأرض والمقدسات بدءاً من تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، ومروراً بالجرائم الموجهة ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم الشخصية وتهجيرهم قسريّاً، وليس انتهاءاً عند التعذيب والإبادة الجماعيّة.
وبالتزامن مع تصاعد الدعوات المُطالبة بإجراء تحقيق في جرائم العدو الغاصب بسبب وصول الإجرام الصهيونيّ إلى درجة لا يمكن تخيلها، أشارت الإعلام العبريّ، إلى أن "إسرائيل" تفرض قيود صارمة جديدة منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وتمنع تنقل المرضى، في تعدٍ صارخ على حقوق الإنسان خاصة بعد ارتكبه العدو القاتل من جنايات في غزة، والتي لا يمكن أن تصفها الكلمات من هول الظُلم والاستبداد الذي تخطى جرائم الحرب بأشواط.
ولا يزال قطاع غزة مغلقاً أمام العاملين في المجال الإنسانيّ الفلسطينيين والحالات الطبية نتيجة التعنت الإسرائيليّ، فيما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها من هذا الإغلاق، وخاصة فيما يتعلق بالحالات الطبيّة، مؤكّدة على مواصلة التحرك باتجاه السماح للمرضى الذين يحتاجون إلى علاج طبيّ عاجل في الضفة الغربيّة بالمرور عبر معبر "إيريز".
وتتزايد الجرائم الصهيونيّة بحق الفلسطينيين وبالأخص المرضى المحاصرين في قطاع غزة، بسبب صمت العالم والمنظمات الدوليّة المعنية بحقوق الإنسان، على الانتهاكات البشعة للعدو الغاصب، وهذا ما يدفعه لارتكاب تلك الجرائم الوحشيّة بحق الأبرياء، في الوقت الذي يتعرض فيه الكيان الصهيونيّ لانتقادات دائمة حول خروقات حقوق الإنسان التي تتم في الأراضي المحتلة الموجهة ضد الفلسطينيين، بما يشبه نظام “أبرتهايد" أو الفصل العنصريّ تذكيرًا بنظام الحكم الأبيض والفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا الذي انتهى عام 1994، خاصة في السنوات الأخيرة مع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة، وقد تبنّى كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون للحكومة اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد.
ولا يخفى على أحد أنّ الكيان الصهيونيّ القاتل يسعى لتغييب كافة القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته لأرواح الفلسطينيين، وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ رغماً عنها.
وإنّ التطبيع المزعوم مع الكيان الصهيونيّ المجرم الذي أظهر من جديد أن التعامل السلميّ معه لا يؤدي سوى إلى تشديد عدوانه، يبرهن أنّ الأنظمة العربيّة المطبعة شريكة في "القتل العمد" الذي يمارسه العدو بحق المرضى والمصابين، في ظل تحركات صهيونيّة مكثفة للتضييق على أصحاب الأرض والقضاء على حقوق الشعب الفلسطينيّ.
خلاصة القول، إن تصريحات الأمم المتحدة عن "المضي قدماً في الملف السياسيّ الفلسطينيّ" دون وضع حد لجنايات الكيان الصهيونيّ، لا يعدو عن كونه هراء أثقب مسامع العرب والفلسطينيين، في ظل منع سلطات العدو المرضى بشكل عام ومرضى كورونا على وجه التحديد من دخول الضفة الغربية عبر قطاع غزة لتلقي العلاج، وإنّ الجرائم الصهيونيّة هذه تُضيف صفحة سوداء أخرى إلى سلسلة الجرائم الصهيونيّة ضد الشعب الفلسطينيّ المحاصر.