الوقت - بعد عدة أشهر من تکليف سعد الحريري لتشکيل حکومة جديدة في لبنان، لم يتم تشكيل هذه الحكومة الجديدة بعد. وقد أدى ذلك إلى مواجهة لبنان عدة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.
وفي هذا الصدد، قال النائب اللبناني علي حسن خليل في كلمة ألقاها يوم الجمعة إنه "إذا لم يتم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في أسرع وقت ممكن، فإن البلاد ستنهار".
ورغم إنه قيل إن رئيس الوزراء اللبناني المکلف يعتزم تسليم قائمة أعضاء الحكومة الجديدة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، إلا أن ذلك لم يحدث. وهكذا، دخلت أزمة عدم تشكيل حكومة لبنانية جديدة مرةً أخرى مرحلةً أكثر تعقيداً.
ويرى الرئيس اللبناني أن سعد الحريري هو السبب الرئيسي لعدم تشكيل حكومة جديدة، لأنه لا يقوم بمسؤولياته.
وفي هذا الصدد، أصدر المكتب الإعلامي للرئاسة اللبنانية بيانًا جاء فيه: إن "سعد الحريري غير مستعد لتحمل مسؤولية تشكيل الحكومة. إنه يواصل الإصرار على انتهاك الدستور اللبناني في تشكيل الحكومة الجديدة".
وقال المكتب في بيانه: "لطالما أكد الرئيس اللبناني أنه لا يؤمن إلا بالسلطة الدستورية في تشكيل الحكومة الجديدة. وسعد الحريري ينوي تقويض الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة. وقد أدى عدم وجود حكومة إلى ظهور مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية في لبنان. وعدم قدرة رئيس الوزراء المکلف على تشكيل الحكومة، جعل من المستحيل عملياً إيجاد حلول للمشاكل الحالية."
خلال الأشهر القليلة الماضية، أكد ميشال عون مرارًا علی جهود سعد الحريري لتجاهل السلطة القانونية للرئيس في تشكيل الحكومة. ولهذا يتخذ موقفاً حازماً ضد تحركات الحريري لتشكيل حكومة جديدة. لأن الحريري الآن يصر على أن تكون الحكومة اللبنانية الجديدة تكنوقراطيةً بالكامل.
وهذا يعني أن الحريري لا يؤمن بوجود سياسيين في الحكومة، وهو ما أكده الدستور أيضاً. كما يعتقد الرئيس اللبناني أن مثل هذا الشيء مخالف للمبادئ القانونية. ويصر الحريري على تقديم وزراء الوزارات الحيوية إلى مجلس النواب منفرداً ودون موافقة ميشال عون.
على سبيل المثال، يريد رئيس الوزراء المکلف تعيين شخصية مسيحية في منصب وزير الداخلية في الحكومة اللبنانية. لكن عون يعتقد أن له أولويةً أکبر من سعد الحريري في اختيار وزير الداخلية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "الجمهورية" في مقال تناول الخلافات بين سعد الحريري وميشال عون بشأن تشكيل الحكومة: "لا يريد سعد الحريري أن يترك انتخاب وزير العدل لميشال عون. والسبب في ذلك أن الحريري يخشى في هذه الحالة النظر في قضايا عدد من أقاربه الذين تولوا أو مازالوا يتولون مسؤوليات في المؤسسات الحكومية".
من ناحية أخرى، من الأمور التي حالت دون تشكيل الحكومة اللبنانية حتى الآن، هي استمرار التدخلات الفرنسية في هذا المجال، واتباع سعد الحريري خطة باريس بشكل عام وخطة إيمانويل ماكرون بشكل خاص.
وخلال لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في "عين التينة"، لعب رئيس الوزراء اللبناني المکلف مرةً أخرى في ملعب باريس، وأعلن عن مساعيه لتنفيذ الخطة الفرنسية لتشكيل الحكومة.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "البناء" في إشارة إلى المحادثات بين سعد الحريري ونبيه بري: "على الرغم من أن الأجواء الإيجابية سادت لقاء رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء المکلف، وانتهى اللقاء بين الجانبين في نفس الأجواء، إلا أنه لم ترد أنباء عن تشكيل حكومة لبنانية جديدة. وقال سعد الحريري لنبيه بري إنه ما زال يصر على ضرورة تنفيذ خطة باريس لتشكيل الحكومة الجديدة."
في الواقع، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء مشاورات جادة معه في عملية تشکيل مجلس الوزراء اللبناني، ولا سيما في الوزارات الرئيسية مثل الاقتصاد والطاقة وغيرها.
وبشكل عام، الهدف الأساسي للتدخل الفرنسي في تشكيل حكومة لبنانية جديدة، هو تمهيد الطريق لتشكيل حكومة من دون حزب الله.
تصر فرنسا على أن يتولى الحلفاء المقربون منها ومن الدول الغربية مسؤوليات الوزارات الرئيسية في لبنان؛ مطلبٌ يحاول الحريري تحقيقه بجدية، وقد زادت هذه المحاولات نفسها خلافاته مع عون.
على أي حال، يبدو واضحًا أن إصرار سعد الحريري على ضرورة تنفيذ خطة باريس لتشكيل حكومة لبنانية جديدة، أصبح من أكبر العقبات أمام تقديم أعضاء مجلس الوزراء الجدد.