الوقت- ان تسألني عن السودان، يتراود الى ذهني سريعاً الحرب الأهلية و المعارك و عمليات الاغتصاب و الهجمات الدامية و الوضع الغذائي الصعب و الأطفال الجياع. و كأن السودان لا تكفيه همومه حتى يضاف اليها همّ جديد، حيث أعلنت الخرطوم عن ارسال قوات عسكرية الى عدن للمشاركة في التحالف السعودي-الامريكي على اليمن، و ما يثير السخرية أنّ في السودان قوات لحفظ السلام مرسلة من قبل الأمم المتحدة من أجل الفصل بين الأطراف المتنازعة. فما هي أسباب مشاركة السودان في الحرب على اليمن؟ أليس بالأحرى أن تبقى هذه القوات في السودان لضبط الوضع الأمني هناك؟ و ما هو رأي المعارضة السودانية؟
أسباب المشاركة
آثار قرار إرسال السودان قوات عسكرية إلى اليمن، للمشاركة في التحالف السعودي الأمريكي جدلًا واسعًا، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش السوداني أحمد خليفة الشامي أنّ 300 جنديا وضابطا سودانياً وصلوا عبر البحر إلى عدن و إنَّ الهدف من استقدامهم هو المساعدة في الحفاظ على الأمن في المدينة، و يقول أحمد العسيري المتحدث باسم قوات العدوان أن مهمة القوات السودانية ما زالت غير واضحة، وكانت تقارير نشرت عقب مشاركة السودان في الحرب على اليمن تتحدث صراحة عن سببان كانوا وراء هذا التدخل:
1-التدخل جاء على خلفية الدعم الاقتصادي من السعودية للخرطوم، وهو ما أسفر عن مشاركة السودان في الطلعات الجوية، إلا أن كان هناك ترددًا واضحا في الدخول إلى الحرب البرية حتى وافقت السودان وأرسلت 6000 آلاف جندي. وكان الملك السعودي قد وجّه بعد مباحثاته مع الرئيس السوداني في الرياض الحكومة السعودية وصناديق التمويل والمستثمرين السعوديين إلى تقديم الدعم الكامل للسودان في المرحلة المقبلة.
2-و أكدت تقرير أمنية أخرى أن السعودية قامت بالتفاوض مع العصابات المسلحة في السودان من أجل الكف عن مهاجمة القوات السودانية و المدنيين و أن البعض من هذه القوات المسلحة المشاركة في العدوان على اليمن هم من الارهابيين!
رأي المعارضة
ويقول معارضون سودانيون عن هذا التدخل أن تحويل قضية اليمن إلى استقطاب طائفي خطأ كبير ويأتي بنتائج عكسية، حيث قال زعيم حزب الأمة السوداني في وقت سابق أن الموقف الصحيح للسودان هو أن يبادر باستعداده لإيجاد حل سلمي، واستخدام ما عنده من صلات بكل الأطراف اليمنية، كأنصار الله وعلي عبد الله صالح لوقف الحرب في اليمن، مؤكدًا أن إعلان الاستعداد للمشاركة في الحرب باليمن خطأ جسيم. وأضاف أن السودان فيه ما يكفيه من تكاليف عسكرية، مؤكدًا أن الاستقطاب الطائفي في المنطقة سيؤدي لنتائج عكسية، وسوف يتيح مجالاً من الفوضى تستفيد منه الحركات الإرهابية، مؤكدًا أن هذا يصرف النظر عن العداء الحقيقي وهو الاحتلال الصهيوني، مشيرًا أن هذا الاستقطاب العقيم سوف يفتح مجالاً لتهميش القضية الفلسطينية ولجعل المنطقة سوقاً واسعاً لمصانع السلاح الغربية والشرقية. و خرج زهير السراج كاتبًا مقالًا في صحيفة النيلين منذ شهور أكد فيه أن من الأفضل للسودان أن ألا تلقى بثقلها في الحرب اليمن، وإلا سينجم عن إصرارها على المشاركة عواقب وخيمة عليها لن يكون بمقدورها أن تتحملها.
خلاصة القول، ان الحروب الجارية اليوم في سوريا، والعراق، واليمن، حروب طائفيّة ستكون لها نفس النّتائج الخاسرة، لذلك ترفض الأمة العربية إقحام السودان عسكريًّا في حرب لن تحقّق سوى تعميق النّزاع الطائفيّ وسفك دماء الشّعوب المعنيّة وتدمير منشآتهم وتشريدهم وإتاحة الفرصة لتمدُّد أجندات الغلوّ، ما يستدعي حتما تدخُّلات أجنبية. فان مشاركة القوات المسلحة في عمليات قتالية في اليمن خاطئة ومضرة بالسودان وشعبه ولها تداعيات خطيرة على مستقبل البلاد وسمعته. و يجب على الجيش السوداني كما عهدناه في السابق أن يكون من أجل حفظ السّلام والعون الإنسانيّ، كما حدث في لبنان، والكويت، ولا لاجل سفك دماء الأبرياء و أن يقف الى جانب الشعوب العربية ضد الاحتلال الاسرائيلي يشارك في مهام قتاليّة ضدها، كما وقف الى جانب مصر ردًّا للعدوان الإسرائيليّ ، وبالتالي ليس هناك مصلحة في زج القوات المسلّحة السُّودانيّة في مهامٍ قتاليّة بين الدول العربية ويجب أن يُقتصر دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد الشّقيقة والصّديقة.