الوقت- ليس هنالك دولة على وجه الأرض ترغب أن تدخل بلادها أتون الحرب، لما يترتب على هذا الأمر من نتائج سلبية تحصد أعدادا هائلة من الأرواح فضلا عن التدمير الكبير الذي سيلحق بالبنى التحتية، ولكن في بعض الأحيان تكون الحرب هي الحل الوحيد للحفاظ على الأرض والكرامة والوجود وسط بيئة معادية. وكما هو الحال بالنسبة لأي قضية في هذه الحياة، هناك وجه إيجابي وسلبي لأي حدث، ومن إيجابيات الحرب أنها تصنع الانتصارات وتزيد من ثقة الشعوب في نفسها، كما أنها تفرض هيبة الدولة على الدول الأخرى، وتساعد في تطوير منظومات الأسلحة نظرا للحاجة الماسة للدفاع عن النفس، وهذا ما حدث خلال حرب اليمن التي جسّد أبناؤها هذا الأمر بطريقة كانت مدهشة للصديق قبل العدو. فقد سّطر الشعب اليمني المقاوم أروع ملاحم البطولة خلال سنوات العدوان على بلاده، وطوّر قدراته العسكرية الدفاعية منها والصاروخية، وتمكنت الأدمغة اليمنية من تطوير منظومات صاروخية استطاعت قلب موازين القوى في الصراع مع العدوان السعودي، الذي أصبح على يقين تام بأن الحرب على اليمن ليست بـ"النزهة".
وحول هذا السياق، كشف العميد "يحيي سريع" المتحدث الرسمي باسم القوات اليمنية يوم أمس الاثنين عن إحصائيات الغارات الجوية التي نفذها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن خلال العام 2020، مستعرضاً جملة الإنجازات العسكرية التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في مختلف الجبهات وعلى كافة المستويات بما فيها مجال التصنيع العسكري، وذلك في إطار الرد المشروع على استمرار العدوان. ولفت العميد "سريع" في موجز صحفي له، إلى حجم الخسائر التي تكبدها العدوان وأدواته، موجهاً العديد من الرسائل التحذيرية، ومنها وضع 10 أهداف حيوية داخل العمق السعودي ضمن بنك الأهداف التي سيتم استهدافها فيما إذا قررت القيادة. وأكد العميد "سريع" أن طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي الاماراتي، شن خلال العام 2020م أكثر من 8888 غارة جوية على ثلاثة عشر محافظة يمنية، منها 8478 شنها الطيران الحربي، فيما 410 غارات شنها الطيران المسيّر.
وفيما يتعلق بحصاد العمليات العسكرية والإنجازات العسكرية لمختلف وحدات القوات المسلحة خلال العام 2020م، أكد العميد "يحيى سريع" أن ابطال الجيش واللجان الشعبية، قاموا بتنفيذ أكثر من 974 عملية عسكرية منها 309 عمليات هجومية في مختلف الجبهات والمحاور القتالية وكذلك 623 عملية إغارة على مواقع العدو و42 عملية تسلل. وتحدث العميد سريع في الموجز الصحفي عن عمليات القوة الصاروخية، حيث قال: إن القوة الصاروخية كان لها حضور مهم في المعركة خلال العام 2020م، فقد نفذت بفضل الله عشرات العمليات الناجحة التي تمثلت في إطلاق 253 صاروخاً بالستيا ومجنحاً منها 178 صاروخاً بالستياً استهدفت مواقع ومعسكرات الغزاة والخونة المرتزقة في جبهات الداخل. وفيما يخص وحدة سلاح الجو المسير التابع للقوات المسلحة، كشف العميد "يحيى سريع" عن تنفيذها أكثر من 5613 عملية عبر الطائرات المسيرة المصنوعة يمنياً، وتنوعت تلك العمليات ما بين عمليات هجومية واستطلاعية منها 5166 عملية استطلاعية في الداخل والخارج و 267 عملية هجومية استهدفت العمق السعودي، و 180 عملية هجومية استهدفت مواقع ومعسكرات الغزاة والخونة في جبهات الداخل.
القدرة الصاروخية لـ"أنصار الله"
كشفت العديد من التقارير أن الأسلحة التي بحوزة اليمنيين جزء منها تم الحصول عليه من مخازن السلاح من أيام الرئيس السابق "علي عبد الله صالح"، وقسم آخر تم تطويره عن أسلحة روسية وكورية منها، صواريخ أرض – أرض يبلغ مداها حوالي 120 كم وصواريخ يبلغ مداها نحو 320 كيلومترا. وصواريخ سكود B بعدد يقدر بـ 500 صاروخ، اشتراها اليمن من الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات. وخلال الفترة الماضية تمّكن اليمنيون من تطوير تلك الاسلحة تصنيع المنظومات الصاروخية التالية:
منظومة صواريخ من طراز "الصرخة"، منظومة صواريخ "النجم الثاقب" 1-2، منظومة صواريخ زلزال 1 وزلزال 2 وزلزال 3، منظومة صواريخ قاهر إم، منظومة صواريخ قاهر1، منظومة صواريخ صمود، منظومة صواريخ "بركان 1"، منظومة صواريخ بركان 2، وآخر منظومة كشف عنها اليمنيون هي "منظومة صواريخ المندب"، تعد هذه المنظومة من أبرز الانجازات التي استطاعت الخبرات المحلية اليمنية صناعتها، حيث تمتاز بدقتها العالية في إصابة الهدف ومزودة بتقنية لن تستطيع سفن العدو العسكرية من فك شفراتها". ويتم الآن العمل على تطوير منظومات الدفاع الجوي التي سيكون لها أثر كبير في صيانة الأجواء اليمنية. هذه المنظومات البرية والبحرية والجوية تمكنت من ردع العدوان وتكبيده خسائر كبيرة بالأرواح والأموال، حتى أنها لم تقتصر على القيام بعمل دفاعي بل هاجمت العدو وهددت مدنه كما شاهدنا يوم السبت الفائت عندما وصل صاروخ بركان 2 إلى مطار الملك خالد في الرياض، وهو حدث له دلالات كبيرة على المستوى السياسي والعسكري، وهو إعلان انتصار ضمني لليمنيين وعجز سعودي واضح عن شل حركة "أنصار الله" رغم كل القصف اليومي وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية وممارسة أبشع أنواع العدوان على الشعب اليمني.
وعلى سياق متصل، كشفت وحدة الصناعة العسكرية اليمنية، في تموز 2020، عن صاروخ مجنح يسمى "القدس" في معرض الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة. وصواريخ الكروز المجنحة هي فئة من الأسلحة الجوية ذاتية الدفع. تحتوي هذه الصواريخ على صواريخ اعتراضية تلقائية، كما أن استهدافها دقيق للغاية ويمكنها حتى استهداف أشياء بحجم سيارة. وهناك أنواع مختلفة من الصواريخ المجنحة، بعضها يصل مداها إلى حوالي مائة وبعضها إلى 3000 كيلومتر. وميزة هذه الصواريخ هي صغر حجمها، فضلاً عن سرعتها العالية جداً والارتفاع المنخفض، الأمر الذي يتطلب بنائه تقنية هندسيةً متطورة ومعقدة. وقالت مصادر عسكرية يمنية، إن الصاروخ محلي الصنع بالكامل، ويتحرك على ارتفاعات منخفضة، ويصل مداه إلى 2500 كيلومتر، وله دقة عالية في إصابة الهدف، وبمعدل خطأ أقل من متر ونصف.
الطائرات المسيّرة المصنعة محلياً
كشفت العديد من التقارير أن اليمن أصبح يمتلك منظومة متطورة من الطائرات بدون طيار، وأعلنت دائرة التصنيع العسكرية بوزارة الدفاع اليمنية عن صناعة عدد من الطائرات بدون طيار ذات التقنيات المتطورة في مواجهة تحالف العدوان السعودي الاماراتي ونشرت الدائرة عرضا مصوراً لهذه الطائرات وأنواعها ومواصفاتها المتطورة، والتي تؤدي الاغراض القتالية والاستطلاعية واعمال المسح والتقييم واعمال الانذار المبكر. وخلال سنوات الحرب، تمكن الجيش اليمني من إنتاج طائرات دون طيار خاصة ومتنوعة ذات قدرة قتالية عالية ودقيقة، وأهمها طائرات "صماد 1 – 2 – 2) و "قاصف K2". ويبلغ طول طائرة "صماد 1" دون طيار 15 كم، وهذا النوع من الطائرات لديه القدرة على الوصول إلی الأهداف المباشرة لغرفة العمليات. وأما طائرة "صماد 2" المسيرة فهي سلاح يمني دخل ساحة المعركة في النصف الثاني من العام الرابع للعدوان والحصار الأمريكي المفروض على اليمن من قبل المرتزقة السعوديين والإماراتيين. صماد 2 هو سلاح ذو قوة وتقنية عاليتين، ويبلغ مداه أكثر من ألف كيلومتر. كذلك، يبلغ مدى طائرة "صماد 3" دون طيار 1500 إلى 1700 كيلومتر، وقد وصلت إلى الإنتاج الضخم بعد عملية ناجحة لاستهداف المطارات السعودية والإماراتية
بشكل عام، كلما ابتعدنا عن بداية الغزو السعودي لليمن، زاد ميزان القوى في الحرب اليمنية ثقلاً لصالح حركة "أنصار الله" والشعب اليمني. وإن تحرك السعودية لإنهاء الحرب في اليمن، إذا حدث اليوم سيكون أفضل من الغد، رغم أنها تتکبَّد تكاليف عسكرية وسياسية باهظة. وفي وقتنا الحالي لا يعلم السعوديون كيف السبيل للخروج من مستنقع اليمن، فقد كلفتهم الحرب مبالغ طائلة واستنزفت أموالهم، فضلا عن كونها مجبرة بتقديم معونات عسكرية واقتصادية للدول المتحالفة معها في الحرب بهدف استمرارهم في دعم السعودية إقليميا، هذا الأمر دفع بالسعودية لاتخاذ إجراءات تقشفية في مواجهة زيادة الإنفاق وانخفاض أسعار البترول التي تمثل الدخل الرئيسي والأكبر للمملكة، ولأول مرة منذ عقود طويلة نسمع عن طلب المملكة الاستدانة من البنك الدولي. لقد دخلت السعودية حربا خاسرة مع شعب اعتاد الصمود والتحدي وتقديم الشهداء قرابين للدفاع عن أرضه وكرامته، وهو اليوم يتحدى ويحقق انتصارات على دولة صرفت مليارات الدولارات على صفقات الأسلحة التي لم تجد نفعا في اليمن، ونحن نعتقد أنه آن الآوان لكي تعلم السعودية بأن الحل العسكري لن يحقق أي هدف ولابد من الاتجاه إلى حل سياسي ستكون فيه السعودية مرغمة على التحاور مع انصار الله وإشراكه في العملية السياسية.