الوقت- من المقرر عقد الاجتماع الثلاثي الأول عبر الفضاء الافتراضي لإيران والهند وأوزبكستان بشأن مشروع ميناء جابهار قريبا.
وفي هذا الصدد افاد موقع وزارة الخارجية الهندية بان "الاجتماع سيعقد بشكل مشترك على مستوى مساعدي وزراء جمهورية اوزبكستان والجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى مستوى مدير مكتب رئاسة جمهورية الهند".
وجاء في موقع وزارة الخارجية الهندية، ان هذه الدولة ترحب باهتمام أوزبكستان باستخدام ميناء جابهار كميناء ترانزيت، ما يوفر فرصا اقتصادية للتجار ورجال الأعمال في المنطقة. وإضافة إلى أوزبكستان، أبدت دول أخرى في آسيا الوسطى اهتماما باستخدام هذا الميناء. حيث تسعى الهند إلى تعاون وثيق مع دول المنطقة في هذا الصدد.
جابهار.. بوابة الهند للمنافسة ودخول آسيا الوسطى
ليست هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها الهند استخدام ميناء جابهار لبناء علاقات مع دول آسيا الوسطى. حيث تابعت الهند بالفعل من قبل بعض علاقاتها التجارية مع أفغانستان من خلال ميناء جابهار.
في العام الماضي، أرسل التجار الهنود جزءاً من صادراتهم من السكر والقمح إلى أفغانستان من ميناء جابهار الإيراني.
جابهار هو الميناء المحيطي الوحيد في إيران، وهو أحد النقاط الرئيسة على الخليج الفارسي وبحر عمان وله موقع مهم في الممر الشمالي الجنوبي. هذا وأصبح الميناء مركزا حيوياً لمرور البضائع الهندية إلى أفغانستان وما وراءها في آسيا الوسطى. حيث أعلنت حكومة الهند عن ميزانيتها المقترحة لتطوير ميناء جابهار في 2020-201 بنحو 14 مليون دولار، أي ضعف ما كانت عليه في العام الماضي.
وتعكس الزيادة في ميزانية ميناء جابهار التزام الهند بتطوير الميناء، فضلاً عن تصميم دلهي على جعله خيار اتصال قابل للتطبيق.
يعتقد الخبراء في القضايا الإقليمية أن ميناء جابهار مهم جداً للهند من حيث التبادلات الاقتصادية، والسبب الأكثر أهمية هو الموقع الاستراتيجي لهذا الميناء. ومع استمرار الهند في نزاعاتها مع جيرانها، بما في ذلك باكستان والصين، قررت تمهيد طريق جديد للوصول إلى غرب ووسط آسيا. حيث يسهل ميناء جابهار وصول الهند إلى أفغانستان عبر المياه الحرة.
يعد ميناء جابهار الإيراني منافس لميناء جوادر الباكستاني، ومن وجهة نظر الهنود، يمكن أن يساعد في الموازنة البحرية مع باكستان في المنطقة. تم بناء ميناء جوادر، على بعد 400 كيلومتر تقريبا عن طريق البر و 100 كيلومتر عن طريق البحر من ميناء جابهار، والذي تم بناؤه بالتعاون بين باكستان والصين، وبما أن هاتين القوتين هما المنافسان الأساسيان للهند في آسيا، فإن وجود مثل هذا الميناء في شمال بحر عُمان، والذي يقع على مسافة قصيرة من المدن الرئيسية في غوجارات ومومباي في غرب الهند، أثار مخاوف أمنية وجيوسياسية خطيرة لدلهي.
استراتيجياً ومن منظور قادة نيودلهي، يعمل ميناء جابهار بمثابة الثقل الموازن لتنظيم العلاقات السياسية والأمنية بين الخصمين النوويتين في جنوب آسيا، الهند وباكستان. حيث ان وصول الهند إلى ميناء جابهار لا يمكّن دلهي فقط من تحييد الوجود العسكري الباكستاني في بحر عمان وشمال المحيط الهندي وكسر الحصار الاستراتيجي لحليفتيها المتنافستين، الصين وباكستان، ولكن من خلال تجاوز الأراضي الباكستانية فهي تقوم بفتح طريق أكثر أمانا عبر إيران إلى أفغانستان. ونظراً لعضوية الهند في الممر الدولي بين الشمال والجنوب، سيسمح هذا المسار لدلهي بالوصول إلى أسواق دول آسيا الوسطى مثل طاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان واحتياطياتها من الطاقة، إضافة إلى تركيا وروسيا وأخيراً شمال أوروبا.
يعتقد المحللون أن الهند، باعتبارها إحدى القوى الاقتصادية الناشئة في جنوب آسيا، تحاول التسلل من خلال الاستثمار في ميناء تشابهار باستراتيجية طويلة الأجل لتطوير الأسواق المحلية، والوصول إلى أسواق أفغانستان وآسيا الوسطى، والتنافس مع الصين وباكستان وزيادة وجودها الاقتصادي والسياسي في المنطقة وايجاد بديل لميناء جوادر، الذي يعد طريقاً للعبور الترانزيتي بين الصين وباكستان.
خروج أوزبكستان من الطريق المسدود
من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن ميناء جابهار هو أسهل وأقصر طريق لوصول أوزبكستان الى المياه المفتوحة.
تتمتع أوزبكستان بإمكانية الوصول إلى المياه المفتوحة من خلال عدة طرق:
الوصول إلى البحر الأسود عن طريق السفر لمسافة 4900 كم والمرور عبر كازاخستان وروسيا وتجاوز بحر قزوين أو استخدام مينائي بحر قزوين.
طريق الوصول إلى المحيط الهندي الذي يمر عبر دولتي أفغانستان وباكستان والوصول إلى ميناء جوادر يبلغ طوله 2700 كيلومتر، وهو طريق قصير لكنه في الوقت نفسه الطريق الأكثر خطورة وصعوبة. ونظرا لحقيقة أن هذا الطريق يمر عبر المناطق الجبلية الصعبة في أفغانستان وبعض المناطق غير الآمنة في باكستان، فإن هذا الطريق يعتبر أيضا طويلًا وخطيرا.
طريق الوصول إلى ميناء جابهار الإيراني يمكن الوصول إليه من قبل الأوزبك عبر كل من أفغانستان وتركمانستان، ولكنه الطريق الأكثر أمانا نظرا لكون جزء كبير من هذا الطريق يمر عبر إيران وتوافر البنية التحتية المناسبة فيه للنقل. حيث يبلغ طول طريق الوصول إلى جابهار للأوزبك عبر كل من أفغانستان وتركمانستان نحو 2900 كيلومتر، لكنه سيكون أقصر وأسرع من حيث الوقت، حيث تمتلك إيران طرقا ومسارات نقل جيدة.
وبناءً على ذلك، فإن ميناء جابهار هو الخيار الأنسب لأوزبكستان للوصول إلى المياه المفتوحة وسوف يلعب دوراً حاسما في خروج البلاد من الحصار الجغرافي.
