الوقت- مرّت أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة الخليجية التي افتعلتها الإمارات والسعودية وحاصرت على أساسها دولة قطر في حزيران من العام 2017 بتهمة دعم الارهاب، الأمر الذي نفته قطر، وحاولت السعودية تضييق الخناق على الدوحة خلال السنوات الماضية ولكن دون جدوى، حيث تمكنت قطر من التكيف مع الحصار وبنت علاقات استراتيجية قوية مع دول الجوار التي ساعدتها في الخروج من أزمتها، حيث فتحت لها ايران مجالها الجوي الذي أغلقته السعودية والامارات في وجهها، وحتى ميزانية قطر لم تتأثر على عكس ميزانيات السعودية والامارات، وبالنتيجة كانت الامارات والسعودية الأكثر تضررا من هذا الحصار علماً أنهما هما من فرضاه على قطر، ومع ذلك حاولت بعض الدول الخليجية انهاء هذه الأزمة واصلاح ذات البين ولكن دون جدوى، واليوم تعود الكويت لقيادة المصالحة من جديد بدعم أمريكي كما يشاع في الإعلام، ويبقى السؤال هل تنجح الكويت في مهمتها وهل تتناول السعودية عن شروطها التي فرضتها على قطر لقبول المصالحة؟.
مصادر حكومية رفيعة كشفت عن اتصالات دبلوماسية تجريها الكويت حاليا من أجل لم الشمل الخليجي، وبذل المزيد من المساعي الجديدة الهادفة لإنهاء الأزمة بين قطر، ودول الحصار، للعام الرابع على التوالي، وكشفت صحيفة كويتية عن اتصالات تجري حالياً بشأن حل الأزمة الخليجية تقودها الكويت، مشيرة إلى وجود "آمال" في الأفق للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. وقالت صحيفة "القبس" المحلية، مساء الأحد: إن "مصادر حكومية رفيعة" - لم تسمها - أكدت أن "مساعي الكويت لحل الخلاف الخليجي مستمرة ولم تتوقف"، كاشفة عن "اتصالات تجري حالياً من أجل لم الشمل، وبذل المزيد من المساعي الجديدة الهادفة للتوفيق بين وجهات النظر التي تعد السبب الرئيس في تأخر إنهاء الخلاف حتى الآن".
واستبعدت المصادر في الوقت عينه دخول أي أطراف جديدة لحل الخلاف الخليجي، وتعول الكويت على نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وفوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن" بانتخابات الرئاسة، ما قد يمهد لحل للأزمة التي اندلعت في عهد الرئيس الحالي "دونالد ترامب" دون حل.
وفي 20 تشرين الأول الماضي، قال رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الصباح: إن بلاده ستواصل "المساعي الخيرة لإنهاء الخلاف الذي نشب بين الأشقاء (في المنطقة الخليجية) وأضعف قوتنا، وسنواصل دعم مجلس التعاون باعتباره محققاً لمصالحنا وتطلعات شعبنا".
وفي 23 من ذات الشهر، قالت مساعدة وزير الخارجية القطري والمتحدثة باسم الوزارة لولوة بنت راشد الخاطر إن " حل الأزمة الخليجية قد يلوح في الأفق، لكن الأمر سيستغرق وقتاً، وسيكون الحل تدريجياً".
والشهر الماضي أيضاً، أكدت مندوبة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، ترحيب بلادها بالمبادرات البناءة لخفض التصعيد وتسوية الخلافات في منطقة الخليج عبر الحوار.
وسبق أن حاولت الكويت وكذلك سلطنة عمان بذل جهود وساطة لإنهاء الأزمة الخليجية، دون أن تكلل جهودهما بالنجاح.
آفاق الحل
صحيح أن هناك مساعٍ كثيرة لانهاء الأزمة الخليجية لكن في الوقت نفسه هناك الكثير من العقبات، فالسعودية لا تزال تبحث عن المصالحة بشروطها وكذلك قطر، ففي تصريحات سابقة قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، إن بلاده على استعداد لحل الأزمة الخليجية بشروط، واصفاً مجلس التعاون الخليجي بـ"المشلول". وأشار آل ثاني إلى أن بلاده ما زالت على استعداد للتوصل إلى حل للأزمة الخليجية، بشرط ألا ينتهك سيادة قطر أو القانون الدولي.
في الحقيقة تفوقت الخلافات السياسية على التقارب التاريخي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي بين الدول الخليجية، فكل دولة تهتم بمصالحها الشخصية والشخصية فقط، وخاصة السعودية التي تريد أن تبقى "الزعيم" الأوحد بلا اي منازع وان تفرض شروطها على شركائها في الدول الخليجية وهذا ما ترفضه بقية الدول، فقطر اثبتت انها لا تقبل الانصياع للسعودية وهذا ما اثار جنون الرياض.
اليوم السعودية في موقف دولي حرج جداً، فهي عالقة في أزمة اليمن التي تقول واشنطن انها تريد الانسحاب منها، وتعاني من ظروف اقتصادية داخلية معقدة، وهناك شلل في الميزانية والمشاريع الاقتصادية، وجاءت كورونا لتزيد الطين بلة، وبالتالي المملكة اليوم في موقع الخاسر، ولكن هل تقبل التنازل عن الشروط التي فرضتها على قطر؟، هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، ولكن تنازلها سيبدد مكانتها بين الدول الخليجية وسيجعلها أضعف مما هي عليه اليوم، وبالتالي نستبعد أن تقبل بالتنازل وهذا يعني استمرار الأزمة الخليجية.
في المقابل قطر ايضا لن تقبل بشروط المملكة التي تعتبرها اعتداء على السيادة وتدخلاً بشؤونها الخاصة، وما يجعل قطر اقوى من اي وقت مضى، انها تمكنت بمرونة الخروج من الأزمة وبناء تحالفات قوية مع دول الجوار، واقتصادها لم يتأثر كثيرا، وخاصة ان القطريين كانوا من اكبر المستثمرين في الامارات والسعودية، والأهم ان السعودية خسرت سوق قطر لتصريف منتجاتها الغذائية، وبالتالي ستكون قطر ابعد ما يمكن عن التنازل وهذا الامر سيعقد الأزمة أكثر ويضع عراقيل في وجه المحاولات الكويتية الحثيثية لتحقيق المصالحة.