الوقت - كتبت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها: "تتعرض حكومتا الصين وإيران لضغط أمريكا، بالنسبة إلی الصين، فقد دخلت في حرب تجارية كبرى مع أمريكا، وفيما يخص إيران، فإنها تواجه عقوبات شديدة من قبل واشنطن".
وتابعت الصحيفة الأمريكية: "لكن الحرب التجارية وفرض الرسوم الجمركية على بكين والضغط الاقتصادي على طهران لم يحقق رغبات ترامب بعد، وتشير التطورات الأخيرة إلى أن عدويّ ترامب قد يجدان أرضيةً مشتركةً كبيرةً".
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" قوله في مجلس الشورى الاسلامي، حول المحادثات بين طهران وبكين والاتفاق الذي سيستمر 25 عاماً: "إن هذا الاتفاق قد يعزز التعاون الاستخباري والأمني للبلدين، بما في ذلك العمليات العسكرية في العراق وسوريا، ويزيد من حضور الشركات الصينية في مشاريع السكك الحديدية والموانئ والاتصالات الإيرانية".
بالإضافة إلى ذلك، ستقوم الصين بإنشاء مناطق للتجارة الحرة في أجزاء خاصة من إيران، وهو ما يؤدي إلی زيادة حضور إيران في مشروع طريق الحرير الصيني.
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، فقد جرت المناقشات الأولية للاتفاق بين إيران والصين في عام 2016، قبل بداية رئاسة ترامب، ومع توسيع التعاون بين البلدين، سيصبح من الصعب إحضار إيران إلى طاولة المفاوضات بناءً على طلب أمريكا.
نيكي هيلي تعترف
وصفت السفيرة الأمريكية السابقة في مجلس الأمن، التعاون الإيراني - الصيني بأنه نهاية عزلة طهران المزعومة.
وغرّدت سفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي" علی تويتر، أن التعاون الإيراني الصيني هو نهاية عزلة طهران على الساحة العالمية.
يعود تاريخ الاتفاق الاستراتيجي لـ 25 عاماً بين إيران والصين إلى زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى طهران في فبراير 2016. عندما وقّع البلدان بياناً مشتركاً ورسميّاً، تحدّث أحد بنوده عن الإرادة القوية لدى الجانبين لتوسيع التعاون الشامل لـ 25 عاماً.
قال الرئيس الصيني بعد هذا الاتفاق: "إنّ اقتصادي الصين وإيران يکملان بعضهما بعضاً، وفي هذه الزيارة اتفقنا على خطة للتعاون الاستراتيجي لمدة 25 عامًا، ونحن على استعداد لتوسيع وتعميق التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية على مستوى الشركاء الاستراتيجيين، ونرى ضرورة إنشاء آلية لزيادة التعاون الأمني في مواجهة الإرهاب".
لقد تمّت متابعة هذا الموضوع العام الماضي خلال زيارة وزير الخارجية "محمد جواد ظريف" للصين، وقُدِّمت الوثيقة الأولية والمسودة إلى السلطات الصينية. وبعد تحديد تفاصيل التعاون المشترك بين إيران والصين، وافق مجلس الوزراء الإيراني على مسودة أخرى لخطة 25 عاماً في 1 يوليو/ تموز، وكلف ظريف بمواصلة المفاوضات مع الصين.
فشل سياسة الضغط الأقصى الأمريكية
قال "بول بيلار" الرئيس السابق لقسم تحليل العمليات بوكالة المخابرات المركزية: "إن وثيقة التعاون لمدة 25 عاماً بين إيران والصين، تفشل سياسة أمريكا المتمثّلة في الضغط الأقصى".
کما وصف "غاريث بورتر" المحلل الأمني الأمريكي البارز، وثيقة التعاون الاستراتيجي الإيراني-الصيني الجديدة، بأنها هجوم مضاد ومفاجئ على جهود أمريكا للضغط على الاقتصاد الإيراني.
وغرّد بورتر في رسالة على حسابه على تويتر: "إن إيران وعبر شراكة استراتيجية ستستمر لـ 25 عاماً مع الصين، قامت بهجوم مضادّ على محاولة أمريكا لتدمير اقتصاد هذا البلد".
وفي إشارة إلى محتوى وثيقة التعاون المشترك بين إيران والصين، كتب المحلل الأمريكي البارز أن الوثيقة ستوفر 400 مليار دولار من الاستثمارات في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات وقطاعات أخرى في السنوات الخمس الأولى، بالإضافة إلى التعاون الجوي والبحري الجديد مع إيران.
بدوره أشار "مايك موريل" النائب السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وعبر حسابه على تويتر، إلى وثيقة إيران والصين التي ستستمر لـ 25 عاماً، وقال: "لقد فازت الصين وإيران، وخسرنا نحن".
وأضاف موريل: "هذه نتيجة مباشرة لسياستنا الأحادية الجانب تجاه إيران".
إفشال خطة واشنطن
كما كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في تحليل لوثيقة التعاون الجديدة بين إيران والصين: "لقد أقامت إيران والصين بهدوء شراكةً اقتصاديةً وأمنيةً واسعةً، ستمهّد الطريق أمام مليارات الدولارات من الاستثمارات الصينية في صناعة الطاقة والقطاعات الأخرى، وتحبط جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عزل الحكومة الإيرانية".
وتابعت صحيفة نيويورك تايمز، أن وثيقة "خطة التعاون الشامل بين إيران والصين لمدة 25 عامًا"، توسع بشكل كبير من مشاركة الصين في الأعمال المصرفية والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية وعشرات المشاريع الأخرى.
وعلى عكس بعض الادعاءات في وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز، بشأن کون الوثيقة سريةً، لم تكن هناك أية سرية في الإعلان عن مراحل صياغة هذه الوثيقة حتی الآن.
البحث عن الحلول لمواجهة العقوبات
أفاد تقرير إعلامي بريطاني أن وثيقة التعاون الإيراني – الصيني، ستنعش الاقتصاد الإيراني وتحسن موقعها الإقليمي.
وکتب موقع "ميدل إيست آي" أن "الاتفاق الإيراني - الصيني، إذا تم تطبيقه، سيحيي الاقتصاد الإيراني ويثبت سياستها. ومثل هذا التحسن الاقتصادي والسياسي سيحسن من موقف إيران الإقليمي، وربما يحفز أعدائها على نزع فتيل التوترات مع طهران بدلاً من اتباع السياسات الأمريكية. کما من المرجح أن تسارع الدول العربية إلی إبرام اتفاقيات خاصة مع الصين".
کما كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير: "إن وثيقة التعاون بين إيران والصين تسعى لتخفيف الضغط الأمريكي ضد البلدين، وأظهر البلدان أن لهما حلولاً للتخلص من الضغوط الأمريكية".
وأشار مؤلف المقال إلى أن البلدين يحاولان تحييد الضغوط الأمريكية من خلال "الشراكة الواسعة"، وربط توسيع التعاون بين بكين وطهران بعلاقات الطرفين المتوترة مع الولايات المتحدة، وقال: "بكين وطهران منخرطتان في علاقات متوترة مع واشنطن. حيث دخلت الصين في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، والاقتصاد الإيراني يتصارع مع العقوبات الأمريكية".
نبأ سيّئ للکيان الصهيوني
وصفت إحدى وسائل الإعلام الصهيونية الاتفاق الإيراني الصيني بشأن التعاون في مختلف المجالات، بأنه "خبر سيء لإسرائيل"، وكتبت أن الاتفاق سيبطل إلى حد كبير سياسة "الضغط الأقصى" الأمريکية ضد إيران.
وتحت عنوان "الصفقة المقترحة بين إيران والصين هي خبر سيء لإسرائيل"، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن: "الضغط الأمريكي الأقصى كان له آثار كبيرة على إيران، لكن تدفق الاستثمارات الصينية سيكون خطوةً كبيرةً نحو تحييد هذه الآثار".
وأضافت الصحيفة "في الوقت الذي تعمل فيه إيران والصين على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق أمني واقتصادي مدته 25 عاماً، فإن لدى إسرائيل أسباباً كثيرةً للقلق بشأنه، بل وحتى أن تكون في حالة تأهب".
وأردفت "جيروزاليم بوست" قائلةً إن "مخاطر هذه الاتفاقية واضحة لإسرائيل".
بدوره قال "كاريس ويت" المدير الإداري لمركز "سيجنال" للأبحاث والمتخصص في تحليل القضايا الصينية الإسرائيلية: "إن كل دولار يدخل في النظام الإيراني هو أموال يمكن إنفاقها ضد إسرائيل".
تضليل وسائل الإعلام المعارضة لمصلحة أمريكا
في حين اعترفت وسائل الإعلام والمحللون والمسؤولون الغربيون بفوائد وثيقة التعاون الإيراني - الصيني للبلدين، وفشل الضغط الأمريكي الأقصى بواسطة هذا التعاون، نجد أن وسائل الإعلام المعارضة الناطقة باللغة الفارسية، بما في ذلك "بي بي سي الفارسية" و"إيران انترناشيونال" و"يورونيوز" وغيرها، هاجمت وثيقة التعاون هذه إرضاءً لترامب.
حيث زعمت وسائل الإعلام المعارضة، وفي ظل عدم وجود أي تفاصيل بشأن وثيقة التعاون الإيراني - الصيني، أن إيران ستتخلى عن جزيرة "كيش" للصين لمدة 25 عامًا! والكذبة الأخرى المتكررة هي أنه وفقًا لوثيقة التعاون الإيراني الصيني، ستتمركز قوات عسكرية صينية في إيران!
وسائل الإعلام هذه هي فقط تنطق باللغة الفارسية، ولا ينتابها أي قلق بشأن إيران والشعب الإيراني ومصالح البلد. ولهذا السبب، فإنها تستغل كل فرصة للضغط على الشعب الإيراني.
إن الوثيقة الاستراتيجية للتعاون الإيراني – الصيني، أقلقت الولايات المتحدة والکيان الصهيوني وأدوات الأمريكيين، وجعلتهم يصرخون عالياً.
مستعدون للمفاوضات النهائية مع الصين
وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" وعلى هامش اجتماع لجنة الصناعات والمناجم بمجلس الشورى الإسلامي وأمام المراسلين، أشار إلى مفاوضات لتوقيع وثيقة تعاون شاملة بين إيران والصين، وقال: "في 22 فبراير، قدم الصينيون مسودتهم بناءً على مسودتنا، ونحن نتفاوض للانتهاء من المسودتين والتوصل إلى اتفاق".
وتابع ظريف: "في مؤتمر عبر الفيديو أجريته مع وزير الخارجية الصيني قبل 10 أيام، أبلغتهم أننا مستعدون للتفاوض لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الوثيقة، وبدأنا المفاوضات. وبمجرد الانتهاء من هذا النص والموافقة عليه من قبل الطرفين، سيتم اعتماده من قبل السلطات القانونية".
وأضاف: "يجب اتخاذ القرارات على أساس محتوى النص ومقدار الالتزامات المحددة فيه أو البرامج".