الوقت- لا أحد يستطيع أن يشكك بعمق العلاقة بين سوريا وفلسطين منذ وصول جحافل العدو الصهيوني إلى الحدود الفلسطينية وانتهاكهم للسيادة الفلسطينية واحتلالهم لأراضيها وحتى اللحظة، وكانت العلاقة بين البلدين ولا تزال عضوية مرت ببعض الظروف الصعبة والمعقدة نتيجة الأزمات التي مرت بها المنطقة، لكن تم تذليل هذه العقبات مع مرور الزمن وعادت العلاقات إلى ما كانت عليه، وتجلى ذلك من خلال تبادل الرسائل بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس السوري بشار الأسد في اليومين الماضيين، وحتى دون أن نعلم المحتوى يكفي أن يتم تبادل الرسائل بهذه الصورة العلنية وفي هذا التوقيت بالتحديد ليتضح لنا أن مستقبل العلاقات ماضٍ في مساره الصحيح وان القادم أجمل.
سوريا لم تكن تتعاطى مع القضية الفلسطينية على انها قضية دولة جارة تربطها بها علاقة وثيقة، وانما تبنت هذه القضية وتعاطت معها على انها قضيتها المركزية ولا تزال هذه القضية لها الأولوية بالنسبة لسوريا، واتضح خلال الحرب السورية هذا الأمر بالقول والفعل، ناهيك عن أن سوريا تحتضن العديد من الفصائل الفلسطينية وتؤمن لهم كل ما يحتاجون من المال والعتاد، ويعترف القادة الفلسطينيون من زعماء القوى المقاومة، بلا استثناء، أن سوريا وفرت لهم من الدعم اللوجستي والتجهيزات العسكرية والمنابر السياسية، ما لم توفره دولة عربية أخرى، ويعتقدون أن ما حظوا به في سوريا، لن تقدمه دولة عربية أخرى في المستقبل.
تبادل الرسائل ودلالتها في هذا التوقيت
تسلم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نائب رئيس مجلس الوزراء زياد أبو عمرو، من نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، رسالة خطية جوابية من رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، إلى رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
جاء ذلك خلال لقاء أبو عمرو، مع المقداد، يوم الاثنين، في العاصمة السورية دمشق، بحضور مدير عام الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية السفير أنور عبد الهادي. وأوضحت سانا أن الرسالة مرتبطة بالوضع الفلسطيني واستمرار العدوان الإسرائيلي الأمريكي على القضية الفلسطينية والرفض الفلسطيني المطلق لما يعرف باسم "صفقة القرن" ومخططات الضم الإسرائيلية.
وقال أبو عمرو عقب لقائه، اليوم، بفيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري في دمشق "تشرفت بنقل رسالة من الرئيس محمود عباس لأخيه سيادة الرئيس بشار، هذه الرسالة أنقل فيها مجمل القضايا التي يمر بها الوضع الفلسطيني والساحة الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق باستمرار العدوان الاسرائيلي الامريكي على الأراضي الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، ورفضنا المطلق لصفقة القرن ومخططات الضم الاسرائيلي".
وأضاف "كما نؤكد عبر الرسالة على تضامننا مع سوريا التي تتعرض إلى عدوان اسرائيلي ـ أمريكي، وأيضا لقرار امريكي بالاعتراف بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، نحنا في نفس المركب".
بدوره قال فيصل المقداد "حافظنا على اتصالات مستمرة مع أشقائنا في فلسطين، كما حافظنا على مواقف داعمة من قبل قيادة وشعب سوريا للشعب الفلسطيني المناضل لتحرير الأرض والانسان"، مشدداً على أن "القضية الفلسطينية" قضية مركزية بالنسبة لسوريا، ولا يجوز التنازل عن أي شيء فيها.
تبادل الرسائل بين سوريا وفلسطين هو تأكيد على وحدة المصير ووحدة الهدف ويبدو أن "السحر الأسود" أي "صفقة القرن" التي خرج علينا بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره كوشنير لتمزيق جسد الأمة العربية والفلسطينية سترتد عليهم وسينقلب السحر على الساحر، وأصبح واضح جداً أن المقاومة في المنطقة بدأت تتوحد وتتكاتف مع بعضها البعض أكثر من ذي قبل، وهذا ما لا يريده الصهاينة ولا حتى الادارة الأمريكية، ومشكلة هذه الادارة انها لا تتعلم من الدروس السابقة، حيث حاولت من خلال الصهاينة أن تقضي على "حزب الله" وتنهي وجوده في لبنان تمهيدا للتحكم والسيطرة السياسية على لبنان ونزع استقلاليتها وقرارها المستقل في العام 2006 لتكون النتيجة تعاظم قدرة "حزب الله" على جميع المستويات السياسية والعسكرية وأصبح الحزب يشكل قوة ردع لا يمكن المساس بها ولا حتى الاقتراب منها، واسرائيل اليوم تعد للمليون قبل ان تقدم على اي حماقة تجاه حزب الله اللبناني ولا نعتقد اليوم لديها الجرأة على خوض اي حرب معه، وكذلك الأمر بالنسبة للعراق التي جاءتها الولايات المتحدة الأمريكية على شكل قوات غازية تريد أن تحتل أرض الرافدين لتكون النتيجة تعاظم قوة حركات المقاومة في العراق والامساك بزمام الامور في البلاد والاهم هو الوحدة والتوحد مع محور المقاومة وهذا الأمر دفع أمريكا إلى الجنون ولم يعد بإمكانها أن تفعل شيء سوى محاولة نشر الفوضى هنا وهناك ولكن لم يعد بإمكانها أن تُحدث اي تغيير في العراق ولا أن تسيطر عليه.
مما سبق يمكن القول ان اي مغامرة تريد واشنطن وتل ابيب أن تقوم بها مجددا تجاه فلسطين وسوريا ستكون نتائجها كارثية عليهما وربما أقسى مما حصل في لبنان والعراق، خاصة وان جميع قوى محور المقاومة تنتظر على أحر من الجمر المعركة القادمة، ناهيك عن ان أمريكا واسرائيل لم يعد بإمكانهما القيام بأي مغامرة جديدة، في ظل الفوضى الداخلية داخل أمريكا وكيان العدو، وغير معلوم ان كان ترامب سيبقى ام سيرحل وكذلك نتنياهو لذلك ستكون الأمور لمصلحة محور المقاومة وعليه أن يستغل هذه الفرصة لإنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة وشل حركة "اسرائيل".