الوقت- إن الحكومة الإسرائيلية التي تشكلت قبل عام ونصف في الأراضي المحتلة، هي حكومة تتكون من أحزاب متعارضة تماماً ولقد حطّمت هذه الحكومة الإسرائيلية جميع السجلات السابقة للحكومات الإسرائيلية، وذلك نظراً لوجود رئيسين للوزراء في نفس الوقت، وهذا الأمر أوجد شكلاً جديدًا من النظام السياسي داخل الأراضي المحتلة؛ جعل جميع الدوائر السياسية في "تل أبيب" قصيرة العمر وقابلة للانهيار في أي وقت. وفي وقتنا الحالي، هناك العديد من المؤشرات والعلامات التي تؤكد اقتراب موعد سقوط هذه الحكومة وذلك عقب حدوث الكثير من الخلافات الجذرية والجوهرية بين "نتنياهو" و"بيني غانتس" وهذا الامر أخر تنفيذ ما يسمى بخطة ضم أجزاء من الضفة الغربية للأراضي المحتلة ومن أبرز تلك الخلافات، استغلال "نتيناهو" لقضية اختراق الهاتف الخلوي لـ"بيني غانتس"، وذلك من أجل الإطاحة به من رأس الهرم السياسي في إسرائيل.
انتشار خبر اختراق الهاتف الخلوي لـ"بيني غانتس"
كشفت العديد من المصادر الاخبارية، عن وجود توتر شديد بين "بيني غانتس"، ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" منذ اختراق الهاتف الشخصي الخاص بالأول. ولفتت تلك المصادر إلى أن هذه أكثر قصة جعلت "غانتس" متوترًا طوال الجولات الانتخابية الثلاثة للكنيست. يذكر أن بعض وسائل الاعلام الإسرائيلية، قد أعلنت في آذار الماضي، أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، "ناداف أرغمان"، استدعى غانتس إلى لقاء وأبلغه بأن هاتفه النقال قد تم اختراقه وأن مضمونه وصل إلى أيدي إيران. وما زالت الرقابة تمنع حتى اليوم، نشر تفاصيل حول المعلومات في هاتف غانتس. ولا تزال هذه القضية، حسب الصحيفة، تشكل أحد أسباب التوتر والشكوك بين غانتس ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبين قادة أجهزة المخابرات.
وبدوره، استعان "نتنياهو" بهذه القضية كسلاح مركزي في الانتخابات ضد خصمه "غانتس"، الذي كان مرشحًا لرئاسة الحكومة، فقد أعلن عشية جولة الانتخابات الأخيرة، في آذار مارس الماضي، أنه "لا يعقل أن يكون رئيس الحكومة في إسرائيل معرضا للابتزاز من إيران، ولا يمكن أن يكون هناك وضع يمارس فيه أحد ما ضغوطا عليه". وقام نتنياهو ومستشاروه خلال الحملة الانتخابية بنشر "مضامين شخصية حساسة" من الهاتف المخترق، وأبدى "نتنياهو" معرفة عميقة بتفاصيل مضامين هاتف "غانتس".
إعادة نشر الخبر مرة أخرى للقيام بعملية استغلال جديدة
الآن، في يوليو 2020، وبعد 14 شهرًا تقريبًا من نشر أنباء اختراق هاتف "بني غانتس"، ينتقم "نتنياهو" من "بني غانتس" ورفاقه من خلال استغلال هذه القضية لمصلحته ومن خلال متابعة هذه القضية، يسعى "نتنياهو" إلى تدمير "بني غانتس" وقمع أولئك الذين يرافقونه في مسيرته السياسية.
تصفية الحسابات بين "نتنياهو" ورئيس الشاباك الإسرائيلي
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية، أن "نتنياهو" عبّر في عدة مناسبات عن غضبه وخيبة أمله من رئيس الشاباك "أرغمان" الذي لم يطلعه على اختراق هاتف "غانتس"، وأنه بذلك منع كشفه على الملأ، خاصة وأن بإمكان الإيرانيين، بحسبه، أن يبتزوا "غانتس". واتهم "نتنياهو"، "أرغمان" بأنه يحرس "غانتس". ونقلت تلك المصادر الاخبارية عن أشخاص تحدثوا مع "نتنياهو" قولهم إن الأخير مقتنع بأن رئيس الشاباك أخفى المعلومات عنه لأسباب غير رسمية وإنما في محاولة لإسقاطه عن الحكم. ووصلت هذه الأقوال إلى "أرغمان" لكنه نفى صحتها. ومن جانبه، وجّه "غانتس" اتهام لرئيس الموساد، "يوسي كوهين"، بالتعاون مع "نتنياهو" في هذه القضية. ولفتت الصحيفة إلى أن مقرّباً من "غانتس" نقل رسالة بهذه الروح إلى "كوهين"، الذي ادعى أنه ليس ضالعًا في نقل أي معلومات حول "غانتس" إلى خصمه "نتنياهو".
ومن الجدير ذكره، أن "كوهين" مقرب جدًا من نتنياهو، الذي مدد هذا الأسبوع ولاية "كوهين" برئاسة الموساد، التي تنتهي مطلع العام المقبل، لنصف سنة أخرى، من دون التشاور مع "غانتس"، الذي سيخلفه برئاسة الحكومة. وفي المقابل، لم يمدد "نتنياهو" ولاية "أرغمان" التي ستنتهي في أيار المقبل.
وبحسب تلك المصادر الاخبارية، فإن هذه القضية ما زالت تتفاعل، بدليل إحاطة وزير الأمن خلال فترة الحكومة الانتقالية، "نفتالي بينيت"، بشأن اختراق إيران لهاتف "غانتس" وتبعاته. وبيّنت تلك المصادر الاخبارية، أن سياسيين إسرائيليين بنوا نظريات مؤامرة مختلفة ومتنوعة حول مضامين هاتف "غانتس"، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، "إيهود باراك"، الذي اخترق هاتفه المحمول أيضا، شكك بأن الإيرانيين اخترقوا هاتف "غانتس"، وقال إن "على أي مواطن أن يقدر من الذي سرب ولماذا سرب".
الاستعداد لمهاجمة "بيني غانتس"
شكلت معارضة "بني غانتس" لـ"نتنياهو" خلال الشهر الماضي عقبة خطيرة أمام تنفيذ ما يسمى بخطة ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن للأراضي المحتلة وهذا العقبة الخطيرة أدت إلى وقوع "نتنياهو" في ورطة سياسة داخلية كبيرة في "تل أبيب". وبالإضافة إلى شعور العديد من الدول الأجنبية خلال المدة الماضية بأن "غانتيس"، هو رئيس وزراء الكيان الصهيوني، فقد اكتسبت هذه الشخصية الصهيونية أيضًا مكانة مهمة بين الدول الأجنبية، وخاصة أمريكا والأوروبيين، لذلك يتطلع "نتنياهو" إلى إزالة هذه العقبة الخطيرة والكبيرة من أمام مسيرته السياسية.
ونظراً، إلى أن "غانتس" لن يتمكن من الترشح في الانتخابات المقبلة، وفقًا لاستطلاعات الرأي، بعد أن خسر جزءًا كبيرًا من حلفائه في تحالف "أزرق وأبيض"، فإن "نتنياهو" يبحث حالياً عن خطة لطرد "غانتس" من السلطة، والتسوية مع "نداف أرغمان" هي نقطة البداية لتحرك "نتنياهو" ضد "غانتس".
الجدير بالذكر أن الصراع يتواصل في إسرائيل بين رئيس الحكومة الإسرائيلية "نتنياهو" و"بيني غانتس"، بشأن خطة "الضم" للأراضي الفلسطينية، حيث هدد "نتنياهو"، "غانتس" بحل الحكومة والذهاب إلى انتخابات رابعة، إذا لم يدعم خطة فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن. واختلفت مواقف حزب الليكود، بقيادة "بنيامين نتنياهو"، الذي يدعو إلى ضم الأراضي الفلسطينية بأسرع وقت ممكن، مقارنة بموقف "كاهول لافات" الداعي إلى موقف مماثل لوزير الدفاع "بيني غانتس" بتأخير خطة "الضم" للأراضي الفلسطينية.
وحول هذا السياق، أعتبر الخبير في المركز الأمريكي الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب، "سيرغي الكنيد"، أن الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل مستمرة قائلا: "كل ما يحدث بين غانتس ونتنياهو هو دليل مباشر على أن الأزمة السياسية لم تنته وهناك تهديد بانهيار ما يسمى بالائتلاف". وأضاف "الكنيد" قائلا: "من المتوقع حدوث مثل هذا التطور للأحداث في إسرائيل". أما السفير السابق لإسرائيل في روسيا، "تسفن ماغن"، فقد علق قائلا: "المشكلة ليست في الأزمة، ولكن في الخطة الموضوعة والتي يختلف عليها الأطراف". وأضاف "ماغن" قائلا: "عندما ذهب الليكود وكاهول لتشكيل ائتلاف موحد فهموا ما ينتظرهم، على أي حال سيكون عليهم مواجهة مواقف مختلفة بشأن القضايا المهمة وإيجاد حلول وسط".
الاقتراب من توقعات ما قبل الانتخابات
بالنظر إلى الوضع المذكور أعلاه، فإن التوقعات التي قدمتها الدوائر السياسية في الأراضي المحتلة، أصبحت واقعية وحول هذا السياق، أشار المحللون ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية، بعد تحالف "نتنياهو" و"غانتس" إلى أن "نتنياهو" لن يسمح لـ"غانتس" بالوصول إلى السلطة، وأنه سوف يقوم بتعطيل مجلس الوزراء، وذلك لكي لا يتمكن "غانتس" من أن يصبح رئيسًا للوزراء. الآن، ومع أنباء اختراق الهاتف المحمول لـ"غانتس" والإجراءات المتخذة ضد "نداف أرغمان"، يبدو أن عملية إبعاد "غانتس" عن السلطة قد بدأت وأن خطة الضم أصبحت على وسط الانهيار.