الوقت-أعلن صندوق النقد الدولي أن وباء كوفيد-19 الذي اجتاح العالم تسبب بأزمة اقتصادية "غير مسبوقة" ستؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنسبة 4,9% وتهدد بخسارة 12 تريليون دولار على مدار عامين.
وقال صندوق النقد في تحديثه لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، إن احتمالات التعافي ما بعد الوباء، مثل التوقعات نفسها، غارقة في حالة من "عدم اليقين" بالنظر إلى المسار الذي لا يمكن التنبؤ به للفيروس.
وحذر الصندوق من أن "وباء كوفيد-19" كان تأثيره سيئاً على النشاط الاقتصادي في 2020 أكثر مما كان متوقعاً، ومن المتوقع أيضاً أن يكون الانتعاش تدريجياً بشكل أكبر من توقعات سابقة.
وشهدت إعادة فتح الأعمال في الصين والعديد من البلدان انتعاشاً في النشاط أكثر من المتوقع، لكن التهديد يأتي وفق التقرير من موجة ثانية للوباء.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد، غيتا غوبيناث، إنه "في ظل التوقعات الحالية فإن الأزمة ستقضي على 12 تريليون دولار في العامين المقبلين"، محذرة "نحن لم نخرج بعد من دائرة الخطر".
وأضافت أن "الدعم المشترك الضروري من السياسات المالية والنقدية يجب أن يستمر في الوقت الراهن".
وشدد تقرير صندوق النقد الدولي، على أن التراجع الاقتصادي "يضر بشكل خاص بالدول والأسر المنخفضة الدخل على حد سواء، ويهدد التقدم الذي تم احرازه في الحد من انتشار الفقر"، مشيراً إلى بيانات لمنظمة العمل الدولية تقدّر خسارة أكثر من 300 مليون وظيفة في الربع الثاني من العام.
وحذّر صندوق النقد أيضاً من المخاطر التي يمثلها تردي العلاقات بين الدول وداخل الدول نفسها، لافتاً إلى أن "توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على جبهات متعددة، والعلاقات المشحونة بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط، والاضطرابات الاجتماعية المنتشرة، كلها تشكل تحديات إضافية على الاقتصاد العالمي".
وأشار التقرير ألى فرصة أن يكون الركود أقل حدة من التوقعات على الرغم من الغموض، مع تحذيره من أن "مخاطر التراجع لا تزال كبيرة".
قال صندوق النقد الدولي إنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة إفريقيا جنوبي الصحراء 3.2 بالمئة هذا العام بسبب تداعيات
جائحة كوفيد-19، وهو ما يتجاوز تقدير سابق كان لانكماش نسبته 1.6 بالمئة.
وتوقع الصندوق في تحديث لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي أن ينكمش الناتج الإجمالي لجنوب إفريقيا، أكثر اقتصادات القارة تقدماً، ثمانية بالمئة في 2020، وليس 5.8 بالمئة كما في توقعات في نيسان/أبريل.
وأجرى الصندوق النقد مراجعة جذرية لمعظم توقعاته التي صدرت في نيسان/أبريل في الفترة الأولى من تفشي للوباء، حيث يخشى خبراؤه من أن تكون الأضرار التي ألحقها فيروس كورونا بالعمالة والتجارة دائمة.
وأطلقت الحكومات قوانين تحفيز اقتصادي هائلة، مدعومة بمعدلات فائدة منخفضة، وهي على الأرجح منعت الانكماش من التحول إلى كساد على الرغم من معدلات الديون الضخمة والمتزايدة التي نتجت عنها.
لكن حجم الضرر مع ذلك يبدو صادماً وعميقاً أكثر من أي تراجع اقتصادي آخر في العقود الأخيرة، فالانكماش في العديد من الاقتصادات الكبيرة سيبلغ أكثر من ضعف الرقم الذي اختبرته هذه الاقتصادات خلال الأزمة المالية العالمية عام 2009، والتي جاءت في وقت كانت فيه اقتصادات رئيسية مثل الصين والهند والبرازيل تعيش حالة ازدهار.
ومن المتوقع أن تحقق الصين نمواً بنسبة 1% هذا العام، وهو الرقم الإيجابي الوحيد في قائمة طويلة تضم اقتصادات كبرى يتابع صندوق النقد الدولي نشاطها.
وسيبلغ الانكماش في الولايات المتحدة 8%، أما في ألمانيا سيكون بنسبة أقل، في حين أن فرنسا وايطاليا واسبانيا وبريطانيا ستشهد انكماشاً برقم مزدوج.
وستشهد المكسيك أيضا تراجعاً كبيراً، في حين أن الوضع في البرازيل سيكون أكثر سوءاً مثل الأرجنتين العالقة في أزمة ديون ضخمة وسط أزماتها الأخرى الصحية والاقتصادية، بعد تخلفها مرة أخرى عن تسديد التزاماتها المالية الخارجية.
ويبقى أن العامل الذي "منع تحقيق خسائر أسوأ على المدى القريب" هو المساعدات الحكومية الهائلة لدعم العمال والأعمال، لكن صندوق النقد حض الدول على تجنب وضعية "يتم فيها سحب المساعدات قبل أوانها، او استخدامها بشكل غير مناسب"، بحيث يمكن أن يزيد هذا من الضرر الاقتصادي.
وحذّر الصندوق من أن "تراجع النشاط لفترة أطول يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الآثار السلبية، بما في ذلك تلك الناتجة عن عمليات إغلاق أوسع للشركات، مع تردد الشركات التي نجت بنفسها في توظيف الباحثين عن عمل".
ومع إغلاق قطاعي النقل والصناعة لأسابيع، يتوقع صندوق النقد انهيار حجم التجارة العالمية الى ما دون الـ12% بقليل، وستشهد الاقتصادات المتقدمة تراجعاً أكبر.
ويمكن أن تؤدي الاضطرابات التجارية إلى تقويض عجلة الانتاج، مع تحويل المصانع سلاسل الامداد في محاولة لحماية نفسها من أي أزمة مستقبلية أخرى، ومواجهة الشركات ارتفاعا في التكاليف لاعتمادها اجراءات النظافة والوقاية ومراعاة التباعد الاجتماعي.
وتسبب الإغلاق العام الذي فرضته الدول لمنع انتشار فيروس كورونا، بإيقاف مئات ملايين الوظائف، كما أن الاقتصادات الرئيسية في أوروبا تواجه تراجعاً بأرقام مزدوجة.