الوقت- يؤكد الكيان الصهيوني الغاصِب كل يوم أنَّه لا يمكن للعدو أن يكون صاحباً وأنَّ الثعلب الماكر مهما تودَّد أو ادعى ذلك فإنَّه يتحيَّن الفرص للانقضاض على فريسته ليمزقها إرباً، كلام يبدو أدبياً في الظاهر بيد أنّه يمثل الواقع في التعامل مع عدو لا يشبه سوى سرطان يتغلغل أكثر فأكثر في فلسطين المحتلة وينشر شره ومكائده كيفما استطاع في الداخل والخارج ، كيف لا؟ فمن يقف خلف هذا العدو عدو أكبر وأشرس في الشر والطغيان والاستبداد يتمثلُ بالإدارة الأمريكية .
لعنةُ القرن
تُظهر وسائل الإعلام العالمية مدى استماتة الاحتلال الإسرائيلي وإدارتة الأمريكية لتطبيق "صفقة القرن" وتحقيق أهدافهم الخبيثة في تهويد القضية الفلسطينية، حيث تشكل القدس المحتلة و الضفة الغربية العنوان العريض لتطبيق تلك الصفقة، ولم يألُ الاحتلال الصهيوني جهداً في سعيه لتنفيذ خطواتها ، فقد قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتجهيز خرائط لضم مستوطنات الضفة الغربية، في محاولة لفرض سيادتهم الاحتلالية الكاملة على الضفة الغربية والقدس، عبارة جاءت على لسان رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو حيث قال إن صفقة القرن سوف تعزز ما أسماه الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية ، وسوف تؤمن مستقبل وجود "إسرائيل" في المنطقة على حد تعبيره ، وبدا كأنه يضع اعترافاً أمريكياً بهذا الاستيطان في جيبه ، ولم يخفِ في تصريحاته سعي حكومة الاحتلال لتحويل الضفة الغربية إلى جزء لا يتجزأ من "إسرائيل" .
تداعيات خطيرة للضمّ
من المؤكد أن الإسرائيليين لا يدركون التبعات الخطيرة لخطة ضم الضفة الغربية ، أو أنهم يودون تجربة مغامرة سيدفعون ثمنها غالياً إن طبقت ، فمن سابع المستحيلات كما يقال أن تسير الرياح كما تشتهي سفينة الاحتلال الإسرائيلي.
تحذيرات أطلقها الإسرائيليون أنفسهم حيث بينت المستشرقة الإسرائيلية " كسينيا سفيتلوفا" أن "إسرائيل" ستدفع الثمن غالياً فيما لو نفذت هذه الخطة التي ستؤثر بشكل مخيف على العلاقات مع الوطن العربيّ بأكمله ، وتزعزع استقرار المملكة الأردنية ، وتقضي على أيّ أملٍ للتعاون مع الكيان الإسرائيلي في المنطقة ، وتعرض الأمن الإسرائيلي للخطر، واعتبرت "سفيتلوفا" أنّ ضم غور الأردن ومُستوطنات الضفة الغربيّة سيقوض المعتدلين و يعزز ما أسمته "العناصر المُتطرفة" ، وأوضحت أن الخطة تهدد "تطلعات إسرائيل" لبناء علاقات دبلوماسية و تجارية مع الدول العربيّة.
كذلك نقلت المستشرقة الإسرائيلية عن قادة إسرائيليين رفيعي المستوى ، ممن تربطهم علاقات وثيقة وقديمة مع بعض المسؤولين العرب إدراكهم للخطر المحدق من سياسة الضم الإسرائيلية ، حيث حذر الرئيس السابق للشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الحرب الجنرال " عاموس غلعاد" من أنّ فرض سيادة "إسرائيل" على الضفة وغور الأردن سيقوض معاهدة السلام مع الأردن ، وهذا ما قاله أيضاً رئيس الاستخبارات الإسرائيلية السابق "داني ياتوم" .
من جهة أخرى لايبدو أنَّ الإسرائيليين قد نسجوا خيوط مؤامرتهم الدنيئة بذكاء ، فمع انشغال الإدارة الأمريكية التي يعول عليها نتنياهو وزمرته في "إسرائيل" بأزمة فيروس كورونا ، إضافة إلى التحضير للانتخابات الرئاسية الأمريكية ، ستؤجل أحلام الصهاينة التي لن تتحقق استناداً إلى الظروف السياسية في المنطقة والعالم.
خلاصة القول إن الممارسات الاستيطانية والعدوانية التي يمارسها المحتل الإسرائيلي الغاشم ضد الشعب الفلسطيني لن تتوقف بأي حال من الأحوال خاصة مع الدعم اللامتناهي من قبل الإدارة الأمريكية والتي تعطي للمحتل الأرعن الجرأة للتمادي في ظلمه وجبروته واستبداده ، وإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن في يوم من الأيام جهة وسيطة بل كانت وماتزال طرفاً في العدوان على الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم ، و خنجراً مسموماً في ظَهر الحرية والتحرر وحقوق الإنسان ، و رأس حربة ضد أي قرار أو مشروع يصب في مصلحة الفلسطينيين ، فلم تأتِ هذه المؤامرة القذرة بجديد ، فقد اعتدنا جميعاً على رؤية الوجه الحقيقي لرعاة الإرهاب والإجرام والقتل والتشريد والحصار ، ولقد سئمنا بشكل لا يوصف من الخداع الأمريكي المفضوح، وكما يقول المثل "من يُجَّرب المجرَّب عقلهُ مخرَّب ".