الوقت – استهدفت الوحدة الصاروخية للجيش اليمني وأنصار الله، وبعد عدة أسابيع من وقف إطلاق النار أحادي الجانب من قبل "صنعاء" تجاه النظام السعودي، القاعدة العسكرية السعودية في "نجران" بصاروخ "بدر بي 1" الباليستي.
بعد هذا الهجوم، أعلن "يحيی سريع" المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أن الهدف کان الثكنة العسكرية في "بئر عسكر" بنجران. وبعد التأکيد بأن الصاروخ قد أصاب الهدف بنجاح، أضاف بأن العملية أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات السعودية، بمن فيهم ضباط سعوديون.
ووصف القائد اليمني الهجوم بأنه رد على الهجمات السعودية الأخيرة على "صعدة"، ومقتل عدة مدنيين في غارة شنتها قوات التحالف السعودي على سوق في المدينة.
هجوم أنصار الله هذا هو أول هجوم صاروخي في عمق الأراضي السعودية منذ سبتمبر وإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد. هذا في حين أن محادثات السلام بين الجانبين بوساطة سلطنة عمان في مسقط، قد دخلت مرحلةً جديدةً الأسبوع الماضي، بعد أنباء عن استعداد الرياض لإجراء محادثات مباشرة ودون وسطاء مع الوفد اليمني.
وفي ظل هذه الظروف، كتب "محمد علي الحوثي" رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن، في حسابه على تويتر ليلة الأحد قائلاً: "على السعودية الانصياع للسلام لتقليل فاتورة الحرب المجبرة على تسليمها لحلفائها في العدوان على اليمن". وأشار الحوثي إلى أن "السعودية تعاني اقتصاديًا وما تقوم به من حلول لم ولن يجدي".
إن الحلول التي يصفها مسؤول أنصار الله بأنها غير فعالة دون إعطاء تفاصيل، يمكن أن تكون في الواقع دليلاً على جولة جديدة من هجمات أنصار الله على المواقع الاقتصادية الحيوية في السعودية.
وعلی الرغم من أنه لا يمکن اعتبار الضربة الصاروخية يوم الجمعة بأنها دليل قاطع على وصول المفاوضات إلی طريق مسدود، ولکن تطورات الحرب في الميدان قادرة دائمًا على تغيير المعادلات السياسية.
إن ضربة أنصار الله الصاروخية على قاعدة عسكرية في عمق السعودية، تحمل رسالةً واضحةً مفادها أنه يجب على السعوديين ألا يعتبروا نهج صنعاء لبناء الثقة وإعطاء الفرصة للمفاوضات، على أنه ضعف وعجز وميل نحو المصالحة بأي ثمن.
في الحقيقة، تُظهر أنصار الله عبر هذا الهجوم أنه كلما أرادت الحرکة واقتضت الظروف، فهي قادرة علی جعل ساحة الحرب أكثر صعوبةً على السعوديين. وهو الأمر الذي يتجلی بوضوح في النصيحة التحذيرية التي قدمها رئيس المجلس الثوري اليمني الأعلی من سوء الأوضاع الاقتصادية السعودية، تقول مفرداتها أنه إذا تواصلت الهجمات السعودية وبقي الحصار واستمرت الأطماع السعودية علی طاولة المفاوضات، فإن الطرف الأكثر تضررًا هو الجانب السعودي.
أنصار الله الآن في الموضع الأكثر شرعيةً للرد الساحق، بمعنی أنه بسبب جرائم السعودية منذ سنوات عديدة ضد اليمنيين المضطهدين، وضغوط الرأي العام العالمي على الحكومات لمنع الرياض من مواصلة هذه الجرائم، فإن أي رد من اليمن سيلقی دعم الرأي العام الإقليمي والدولي.
من ناحية أخرى، يجب أن نتذكر أن السعوديين قد يئسوا من الدعم العسكري الأمريكي عندما تتعرض المصالح الحيوية للسعودية للتهديد، وهذا يزيد من قدرة أنصار الله على ممارسة الضغط النفسي على الرياض، بضربات صاروخية تكتيكية على أهداف مختلفة في السعودية.
السعوديون يدركون هذا الأمر جيدًا، لكن بدلاً من إنقاذ أنفسهم عن طريق إنهاء الحرب، وجدوا الحل في زيادة المشتريات العسكرية، وخاصةً أنظمة الدفاع الصاروخي والتي أثبتت مرارًا أنها غير فعالة في التعامل مع الهجمات الصاروخية اليمنية.
وفي هذا السياق، وقعت السعودية يوم السبت الماضي اتفاقيةً مع شركة "ريثيون" الأمريكية ومقرها الرياض، لتوطين صيانة وتجديد منظومة الدفاع الجوي "باتريوت". وفي السابق أيضاً، طلب السعوديون من أمريكا نشر نظام الدفاع الصاروخي "ثاد"، لكن هجوم أنصار الله الأخير أثبت مرةً أخرى أن الدولارات النفطية لن تستطيع أن تكون درعاً لحماية قصور العائلة السعودية الحاکمة.