الوقت- أصدر النائب العام السعودي يوم الاثنين 23 ديسمبر حكماً بالإعدام على 5 أشخاص متهمين بمقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
وبحسب البيان الصادر عن مكتب النائب العام السعودي، تم توجيه الاتهام إلى خمسة أشخاص في هذه القضية، وتم البت بالتهم الموجه إليهم خلال 10 جلسات استماع في المحكمة، يشكل هذا الحكم بطبيعة الحال إغلاقاً لإحدى القضايا الجنائية الأكثر صخباً في التاريخ المعاصر في القرن الحادي والعشرين، والتي على الرغم من اهتمام وسائل الإعلام وضغوط الرأي العام وحتى الحكومات، لم تكشف أبداً أبعاد القصة وزواياها المخفي، الحقائق التي كان يمكن أن تطيح بالكثير من الاشخاص وصولاً إلى رأس هرم السلطة السعودية، ولكن تم دفنها تحت رقابة وتواطؤ الحكومات، ولربما سيتم نبش قبر هذه الحقائق التاريخية مرة أخرى في يوم من الأيام.
متهمو المحكمة
وفق البيان الصادر عن مكتب المدعي العام السعودي، تم توجيه الاتهام إلى 11 شخصاً في القضية، وتم البت بالتهم الموجه إليهم خلال 10 جلسات استماع في المحكمة، ومن بين المتهمين، حُكم على خمسة بالإعدام وثلاثة آخرين بالسجن لمدة 24 عاماً، وأوضح "شعلان الشعلان" المتحدث باسم المدعي العام السعودي، أن ممثلين عن عائلة خاشقجي، إضافة إلى أشخاص من تركيا وعن خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن كانوا حاضرين في مسار المحاكمة.
لكن الأتراك أعلنوا سابقاً أن فريق القتل كان لوحده 15 شخصاً، ففي العام الماضي، كشف موقع "خبر 7" التركي أسماء خمسة من المتهمين في تنفيذ جريمة القتل، كما كتبت صحيفة صباح التركية متناولة بعض التفاصيل: "قام ثلاثة من أعضاء هذا الفريق، وهم ماهر المطرب وصلاح الطبيقي وذعار غالب الحربي ، بالإشراف على عملية التخلص من جثة الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي".
وبالنظر إلى التفاصيل المسربة، فإن محاكمة هؤلاء المدعى عليهم الأحد عشر في المحكمة هم ليسوا المتهمين الرئيسيين، لأن أسماء المتهمين الثلاثة هؤلاء لا يشاهد بين المتهمين، سعود القحطاني المستشار المقرب من ابن سلمان، الذي شهد مقتل خاشقجي عبر السكايب، والشخص الثاني هو أحمد العسيري، الرئيس السابق لجهاز المخابرات، والشخص الثالث كان القنصل العام للسعودية أثناء حدوث جريمة القتل، هذا في وقت قام ابن سلمان بعزل الثلاثة على الفور من أجل الحفاظ على سمعته حيث كانت هذه الحركة بمثابة اعتراف ضمني بجرم هؤلاء الأشخاص الثلاثة.
محكمة صورية
اعترف ابن سلمان في ذكرى مقتل خاشقجي بالتورط في تلك الجريمة. ونقلت رويترز عن ابن سلمان قوله: " أتحمل المسؤولية الكاملة كقائد في السعودية خاصة أنه حدث من جانب مسؤولين سعوديين".
كما اتهمت أغنيس كالامارد، المقررة الأممية بشأن عمليات الاغتيال خارج القضاء، محمد بن سلمان، مراراً في تقاريره بالتورط في هذه الجريمة، ومع ذلك، فإن محاكمة الجناة الصغار في هذه الجريمة تثير تناقضاً مهماً، لأنه يدل على أن ابن سلمان لا يزال يسعى للتضحية بالآخرين من أجل أغراضه الخاصة.
وعقب الجلسة الأخيرة للمحكمة، قال المتحدث باسم مكتب المدعي العام السعودي: "لقد كانت لحظة ارتكاب الجريمة عندما التقى رئيس الفريق التفاوضي بخاشقجي في مقر القنصلية لأن إمكانية نقله إلى مكان آخر لم تكن متاحة"، حيث تشير هذه التصريحات الى أن النيابة السعودية تسعى لقول إن عملية القتل قد حدثت على الفور وتلقائياً دون أمر مسبق، بينما هناك الكثير من الأدلة على أن الاغتيال قد حدث بتخطيط مسبق وأمر مباشر من ابن سلمان.
وفيما يتعلق بهذه القضية قدمت تركيا الكثير من الوثائق إلى أوروبا وأمريكا، وذكرت وكالة أسوشيتيد برس في تقرير لها في يوليو: أن " قاض أمريكي أمر إدارة ترامب بتسليم وثائقها المؤلفة من 300 ألف صفحة حول مقتل جمال خاشقجي"، ورغم تلك الوثائق قالت النيابة السعودية أنه لا توجد وثائق وادلة ضد احمد العسيري وسعود القحطاني وأعلنت ان محمد العتيبي كان في مكان آخر وقت وقوع الحادث، كما تجاهلت النيابة العرف الدبلوماسي لانه من المستحيل مقابلة خاشقجي مع فريق التفاوض السعودي في القنصلية السعودية في تركيا دون إذن من محمد العتيبي الذي وضعته وزارة الخارجية الأمريكية على قائمة العقوبات في ديسمبر ومنعته من دخول الأراضي الأمريكية.
سعود القحطاني هو أبرز المتهمين، الذي يعمل – بحسب ما كتبت صحيفة رأي اليوم، كمستشار ومنسق لعمليات القتل خارج السعودية. وهو أيضاً خبير إعلامي يستخدم أدوات سيبرانية لمنع تشويه صورة المملكة العربية السعودية وبن سلمان. وبعد تبرئته، أصبح وسم # سعود - القحطاني الأكثر تداولاً في العالم على موقع "تويتر".
ردود الفعل العالمية
من بين ردود الفعل المختلفة، الادارة الأمريكية فقط هي من علقت بشكل ايجابي على قرارات المحكمة ورحب بها، وذكرت رويترز أن مسؤولاً كبيراً في الإدارة الأمريكية وصف المحكمة بأنها خطوة أولى مهمة في معاقبة مرتكبي جريمة اغتيال خاشقجي وحث الرياض على مواصلة هذا المسار بشكل عادل وشفاف"، هذا الموقف من قبل البيت الابيض هو نتيجة لتعرض ترامب والادارة الأمريكية لانتقادات متكررة من قبل الكونغرس ووسائل الإعلام على بيعهم الأسلحة إلى السعودية والتسامح مع ابن سلمان بعد اغتيال خاشقجي، لذا تسعى الادارة الأمريكية، مثل ابن سلمان، إلى إغلاق قضية خاشقجي.
لكن أعضاء الكونغرس الأمريكي كان لهم ردة فعل مختلفة تماماً؛ فقد قال السناتور الديمقراطي عن ولاية رود آيلاند "جاك ريد" في بيان: "إنها ليست عدالة؛ إنها مزحة.
إن عقوبة الإعدام والسجن لعدد من الأشخاص المتورطين بنسبة قليلة في هذه الجريمة البشعة وعدم معاقبة الذين أصدروا الاوامر والمراقبين والمخططين والمتسترين على هذه الجريمة هي محاولة مخيفة لكنس الحقائق"، كما كتب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب "آدم شيف" على تويتر: أن الأحكام التي أصدرتها محكمة سعودية، اليوم، في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، استمرار لجهود الرياض في إبعاد القيادة السعودية عن الجريمة بما في ذلك ولي العهد محمد بن سلمان.
إن موقف الحكومة التركية مهم للغاية بالنسبة للسعودية والمجتمع الدولي لأن موافقة تركيا هي أحد المؤشرات المهمة لمقبولية أحكام المحكمة. وفي هذا الشأن قال حامي أقصوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية "هذه الاحكام لم تلبي التوقعات. تركيا والمجتمع الدولي يريدان توضيح جميع جوانب هذه الجريمة وتجلي العدالة.
كما علق وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أيضا على حكم الاعدام بحق 5 اشخاص في قضية اغتيال خاشقجي. وقال: "يجب محاكمة جميع مرتكبي جريمة القتل".
إذن، شكليّة المحكمة السعودية واضحة تماماً للمجتمع الدولي، حتى أن هناك شكوك جدية حول التنفيذ الفعلي لهذه الأحكام لأن منفذي اوامر ابن سلمان منذ الآن فصاعداً لن يبقوا في مأمن من أضرار قراراته المستقبلية، وستؤدي هذه القضية الى انخفاض مستوى الوفاء لابن سلمان، وهذا هو خط أحمر بالنسبة للأمير السعودي الطامح.