الوقت- توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي يوم الاثنين الماضي إثر غيابه عن الوعي خلال حضوره جلسة محاكمة في قضية تخابر كان متهماً فيها.
وذكر مصدر قضائي وآخر أمني أن "مرسي" تحدّث أمام المحكمة لمدة 20 دقيقة وانفعل ثم أغشي عليه ونقل إلى المستشفى حيث توفي عن عمر ناهز 68 عاماً، وفور نشر خبر الوفاة، أعلنت وزارة الداخلية المصرية رفع حالة الاستنفار الأمني إلى الدرجة القصوى في البلاد.
وحول هذا السياق، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين التي كان ينتمي إليها "مرسي"، السلطات المصرية بـ "قتله ببطء" في بيان بثّته مساء يوم الاثنين الماضي على موقع حزب الحرية والعدالة.
وقال أحد محاميه، الذي كان يحضر جلسة المحاكمة مع "مرسي"، إن المحامين لم يستطيعوا رؤية مرسي والمتهمين الآخرين داخل قاعة المحكمة لأنهم يقفون في قفص زجاجي محاط بقفص آخر حديدي.
ولفت ذلك المحامي بأن "مرسي" سقط في القاعة مغشياً عليه، ومع ذلك، ذكر مكتب المدعي العام المصري في بيان أن التقرير الطبي أشار إلى عدم وجود إصابات أو جروح على جثة "محمد مرسي".
من هو الرئيس السابق "محمد مرسي"؟
"محمد مرسي"، هو أول رئيس لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والرئيس الخامس منذ إعلان الجمهورية، وصل "مرسي" إلى الرئاسة بعد منافسة حادّة مع الفريق "أحمد شفيق"، وشغل "مرسي"، الذي تلقّى تعليماً عالياً في أمريكا، منصب رئيس حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي سيطر على أغلبية البرلمان المصري، بمجلسيه الشعب والشورى، بعد فوز كاسح في الانتخابات التي جرت عام 2011، لكن في 2013 حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلان الانتخابات وحلّ المجلس.
ولد الرئيس "مرسي" عام 1951 في العدوة بمحافظة الشرقية، شمال شرقي القاهرة، وقد درس الهندسة، وحصل على الماجستير من جامعة القاهرة، ثم على الدكتوراة من جامعة جنوب كاليفورنيا بأمريكا.
وتحت حكم "مبارك"، تعرّض مرسي للمضايقات من السلطات، وحوكم عدة مرات، حاله حال قيادات الجماعة التي فرض عليها نظام مبارك حظراً صارماً، ولاحق أعضاءها لنحو 30 عاماً.
وفي عام 2006، دخل مرسي السجن، ثم وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله، ثم عادت السلطات إلى اعتقاله في كانون الثاني عام 2011 بعد قليل من اندلاع الثورة التي أطاحت بمبارك في 11 شباط من العام ذاته.
وقد فاز "مرسي" في الانتخابات الرئاسية بعد منافسة مع الفريق "أحمد شفيق" بنسبة 51.7 في المئة من الأصوات مقابل 48.3 في المئة من الأصوات لقائد سلاح الجو السابق.
وبعد الإعلان عن فوزه بالرئاسة، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين انتهاء عضوية مرسي بالجماعة، كما تقدّم باستقالته من رئاسة حزب الحرية والعدالة، إلا أنه تمسّك باستمرار عضويته في الحزب.
كان العام الذي قضاه مرسي في الرئاسة مليئاً بالاضطرابات والأزمات السياسية والاقتصادية، حيث اختفت السلع الأساسية كالمحروقات من الأسواق، وارتفعت نسب الجريمة في الشوارع، وفي غضون ذلك ظهرت حركة التمرّد التي خططت لتظاهرات ضخمة في يوم 30 حزيران 2013، وبالفعل نزل آلاف المصريين إلى الشوارع مطالبين برحيل مرسي، وانتهى الأمر بتحرّك الجيش بقيادة وزير الدفاع حينها "عبد الفتاح السيسي" في 3 تموز 2013، وقد تمّ عزل "مرسي" في ذلك اليوم واحتجازه في مكان مجهول، بالتزامن مع القبض على قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وقد ظهر مرسي لاحقاً في جلسات المحاكمة بتهمة التجسس لمصلحة دول أجنبية وتعذيب متظاهرين.
ردود الفعل الإقليمية والعالمية على وفاة الرئيس المصري السابق "محمد مرسي"
لقد تحوّلت قضية وفاة الرئيس المصري السابق "محمد مرسي" إلى أبرز الأخبار المهمة التي تداولتها العديد من وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية.
يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين اتهمت السلطات المصرية بقتل "مرسي"، ودعت مواطني هذا البلد إلى المشاركة في مراسم جنازة "مرسي".
ولم تصف الأخبار الرسمية مرسي بالرئيس الأسبق، واكتفى بعضها باسمه وأخرى بالمتهم، في حين وصفته بيانات عربية وعالمية بـالشهيد والمناضل وفقيد الديمقراطية، في المقابل، تصدّر وسم #محمد - مرسي تويتر في مصر والعالم بعد الإعلان عن وفاته وسط حالة من الحزن والغضب على ما اعتبروه إهمالاً طبياً أدّى لوفاته، كما نعته شخصيات عامة وحركات معارضة للنظام بينها حركة 6 أبريل.
وعلى المستوى الدولي، نعت تركيا على عدة مستويات مرسي، وعلى رأسها الرئيس "رجب طيب أردوغان" الذي دعا بالرحمة "للشهيد" مؤكدين أن الأمة لن تنسى المواقف المشرّفة للرئيس الراحل.
كما أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية أنها ستقيم صلاة الغائب على مرسي بالمساجد المركزية كافة، كما أدّى الفلسطينيون المقدسيون بصورة تلقائية عقب صلاة العشاء صلاة الجنازة على الرئيس الراحل.
من جهتها، أعلنت الجماعة الإسلامية الباكستانية أنها ستقيم صلاة الغائب في معظم المدن الرئيسة بعد ظهر اليوم، ونعى أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" وفاة "مرسي" قائلاً "تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة" مقدّماً التعازي لأسرته، الأمر ذاته قامت به الملكة "نور الحسين" عقيلة ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال مقدمة التعازي لأسرته أيضاً.
وقد نعى الاتحاد العالمي للعلماء إلى الأمة الإسلامية والشعب المصري وفاة الرئيس المنتخب، وقال في بيان له إن مرسي ناضل في سبيل قيم الحرية والشرعية وشعبه وأمته، ومات شامخاً في سبيل الحق.
ووصف "عبد الرزاق مقري" رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية وفاة الرئيس مرسي "في سجون الظالمين" بأنها "وصمة خزي ونذير شؤم وعلى السيسي ومن شايعَهُ في مصر وفي كل مكان، وعلى الأنظمة العربية التي خططت ودعمت الانقلاب العسكري المشؤوم".
