الوقت- شنّ الجيش السوري وحلفاؤه قبل عدة أيام هجوماً واسعاً على مواقع الإرهابيين القاطنين في مدينتي إدلب وحماة، وتمكّنت قوات الجيش السوري من التقدّم السريع باتجاه ضواحي هاتين المدينتين وسط دعم مدفعي وجوي تمهيدي كثيف، وبعد اشتباكات عنيفة مع مسلحين من هيئة "تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، و"جيش العزة" الحليف الأبرز للنصرة و"الجبهة الوطنية للتحرير" المدعومة من تركيا.
وحول هذا السياق، أكدت وكالة الأنباء السورية، أن الجيش السوري استعاد السيطرة على قرى الشريعة والجمازية والمستريحة وميدان غزال وباب الطاقة بريف حماة الشمالي الغربي والعريمة الواقعة ضمن الحدود الإدارية الجنوبية لمحافظة إدلب، وأشارت الوكالة إلى أن الجيش اقترب بهذا التقدّم من بدء عملية تحرير إدلب.
وذكرت الوكالة أيضاً، أن وحدات من الجيش أوقعت 40 ما بين قتيل وجريح في صفوف المجموعات الإرهابية التي تعمّدت خرق اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب عبر اعتداءاتها المتكررة على النقاط العسكرية، والبلدات الآمنة بريف المحافظة، ووجّه الجيش ضربات مركّزة على مقرات لتنظيم "النصرة" في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، ولفتت تلك الوكالة الإخبارية إلى أن الجيش السوري تمكّن خلال الأيام الماضية من تحرير تل عثمان الاستراتيجي ومزارع البانة وبلدة البانة (الجنابرة)، ومدينة كفر نبودة الاستراتيجية وبلدة قلعة المضيق وبعض القرى المحيطة بها كالتوينة والكركات.
موسكو تعارض أي "موقف مشترك" في مجلس الأمن حول سوريا
بالتزامن مع تقدّم الجيش السوري وحلفائه في العديد من مناطق محافظة "إدلب"، قامت روسيا بتعطيل ورفض مشروع بيان غير رسمي اقترحته الكويت وألمانيا وبلجيكا في مجلس الأمن للتعبير عن القلق البالغ من احتدام العمليات القتالية في شمال غربي سوريا، لا سيما في محافظة إدلب والريف الشمالي لمحافظة حماة.
ولقد عقد مجلس الأمن جلسة طارئة مغلقة بطلب من الدول الثلاث التي ترعى الملف الإنساني السوري داخل المجلس مساء أول من أمس، واستمع الأعضاء الـ15 إلى نائبة مدير شعبة التنسيق والاستجابة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "رينا غيلاني"، التي عرضت التطورات الحالية وتصاعد القتال الذي أدّى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا وتهجير عشرات الآلاف من المناطق الساخنة.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن أعضاء المجلس طالبوا بالتوافق على السماح بإيصال المساعدات الإنسانية وخدمات الإسعاف الأولية إلى هؤلاء وغيرهم من المحتاجين في مناطق القتال.
وشددت على ضرورة عدم التعرّض للعاملين في المجالين الإنساني والصحي، وعدم استهداف المنشآت الصحية، محذرةً من أن ذلك يشكّل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولفتت تلك المصادر إلى أنه بعد الجلسة الطارئة التي دعت إليها ألمانيا وبلجيكا والكويت، أعرب الدبلوماسي البلجيكي أمام الصحافيين عن أمله في أن يخرج المجلس بـ"رسالة مشتركة" من أجل التخفيف من العنف، وتحدث عن الرغبة في طلب ضمانات حول اتفاق خفض التصعيد مع التأكد من أن هناك خفضاً للتصعيد.
وفي سياق متصل، أعرب ممثل روسيا، قائلاً: "إن خفض التصعيد لا يشمل الجماعات الإرهابية، لا سيما جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وغيرها من المنظمات الموالية لتنظيم القاعدة".
يذكر أن القائم بالأعمال الأمريكي "جوناثان كوهين" حمّل روسيا المسؤولية عن استمرار استهداف المنشآت الصحية في إدلب.
أبرز تحديات الحرب
خلال السنوات الماضية، تحمّلت الحكومة السورية وحلفاؤها عبّء مواجهة الجماعات الإرهابية التي كانت تتلقى الكثير من المساعدات والدعم المالي والعسكري من الدول الغربية والعربية، وفي وقتنا الحالي يجب على الحكومة السورية وحلفائها الدخول في قتال جديد مع مجموعات إرهابية مختلفة تنتشر في مدينة "إدلب" السورية، وفي نفس الوقت حماية أرواح المدنيين القاطنين في تلك المدينة.
لقد تشابكت المعطيات الميدانية حول مسار العمليات العسكرية حالياً شمال غرب سوريا، والتي يقودها الجيش العربي السوري بمواجهة المجموعات الإرهابية، وذلك في بعض مناطق وبلدات ريفي إدلب الجنوبي الغربي وحماة الشمالي الغربي، وحيث كانت قد شهدت تلك العمليات في بداياتها، لأقل من أسبوع مضى، تقدماً لافتاً لوحدات الجيش المذكور، واستناداً لما تُظهِره الوقائع الميدانية على الأرض، يبدو أن الوحدات الأخيرة قد اختارت تخفيف وتيرة التقدّم بعض الشيء.
وحول هذا السياق، تعتبر جماعة "تحرير الشام" من أبرز الجماعات التي تمكّنت من السيطرة على أجزاء كبيرة من محافظة إدلب في عام 2017، والحزب التركستاني الإسلامي هو الآخر يُعدّ أحد الجماعات الإرهابية الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة والذي ينشط بشكل كبير في مدنية "إدلب".
وتشمل الجماعات الإرهابية الأخرى المنتشرة في مدينة "إدلب"، جيش البادية وجيش الملاحم الذين ليس لهم وزن كبير في الساحة السورية.
ولقد أفادت العديد من المصادر الاخبارية بأن تنظيم داعش الإرهابي لا يزال في وقتنا الحالي يسيطر على القرى والبوادي الواقعة بين مدينتي حماة وإدلب والتي انتزعها في وقتٍ سابق من أيدي جماعة "تحرير الشام" الإرهابية، بالإضافة إلى وجود تلك الجماعات الإرهابية في مدينة إدلب، هناك أيضاً جماعات إرهابية أخرى تنشط بشكل ملحوظ في هذه المدينة السورية مثل جماعة "أحرار الشام"، وجيش الأحرار، وفيلق الشام، وجيش العزة "جزء من الجيش السوري الحر" وبعض الجماعات الصغيرة الأخرى التي لا تنشط بشكل كبير في هذه المدينة السورية.
وبالإضافة إلى وجود تحدي الجماعات الإرهابية في هذه المدينة، فمن المحتمل أن تقوم الدول الغربية والعربية بشنّ هجوم كيماوي للقضاء على الإرهابيين المنتشرين في مدينة إدلب وهذا الأمر سوف يعوق الجيش السوري من التقدّم وتحقيق الانتصارات في هذه المدينة السورية.