الوقت- بعد الانتهاء من أزمة برنامجها النووي مع السداسية الدولية تسعی إيران الی تنمية علاقاتها علی مختلف الأصعدة وفي جميع الإتجاهات مع دول المنطقة العربية والإسلامية، وباتت هذه القضية تشكل اولوية الاجندة السياسية الخارجية لايران عبر الزيارات التي ینوي وزير الخارجية «محمد جواد ظريف» ألقیام بها خلال الأيام المقبلة. فهل ستواجه الدول العربیة هذه الزیارات "بترحیب حار" لإخراج المنطقة من أزماتها، بعد ثبوت نجاح المفاوضات بین إیران والمجتمع الدولي، التي أبعدت المنطقة عن شبح الحرب، أم أن الفرصة ستضیع بسبب تعنت بعض دول المنطقة التي تصر علی الحلول العسكریة بدل الحلول السیاسیة؟.
بدایة یجب ألقول أنه لیس خفیا علی أحد أن عدد من دول الغرب وفي مقدمتها أمريكا بالاضافة الی الكيان الإسرائيلي يحاولون دائما تخويف دول المنطقة من إيران، وأسباب هذا التخويف معروفة للجميع ياتي في مقدمتها، السعي الی بيع عشرات المليارات من الدولارات سنویا من الأسلحة لهذه الدول من قبل الغرب وكذلك لضمان الحضور الامريكي في المنطقة. لكن لنعود قليلا بالذاكرة الی الوراء ونتعقل قليلا ونطرح بعض الأسئلة، ونسأل انفسنا، هل حقا أن إيران تهدد جيرانها العرب والمسلمين، او هل إعتدت علیهم في يوم من الأيام ونعني خلال عمر الثورة الإسلامية التي انتصرت في عام 1979 ام أنها كانت ولازالت دوما تساند وتدعم الشعوب العربية والإسلامية طيلة هذه الفترة ضد الإرهاب والكیان الصهیوني؟، الجواب بالطبع واضح بالنسبة لكل من یملك ذرة من الإنصاف.
في هذه الاثناء أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن «محمد جواد ظريف» وزير الخارجية سيبدء الیوم (الأحد) جولة لزيارة الكويت وقطر والعراق (علما بانه زار سلطنة عمان قبل ذلك)، لبحث سبل تنمية العلاقات الثنائية وآخر مستجدات المنطقة، بالاضافة الی بحث نتائج الإتفاق النووي مع مسؤولي هذه الدول. وفي سياق متصل دعا «علی أكبر ولايتي» مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران، دول المنطقة خاصة السعودية للجلوس علی طاولة حوار مشترك مع إيران للوصول الی تفاهم لحل الخلافات الثنائية بين طهران والرياض، موضحا أن «لدينا بعض المشتركات تمكننا مع الجلوس مع (السعودية)»، خلال حوار اجراه مع قناة الجزيرة القطریة، نشر علی موقع القناة يوم الجمعة الماضي. وأكد ولايتي خلال هذا الحوار أن إيران «مستعدة لتقديم خبراتها، وحتى النووية منها إلى جيرانها».
اضافة الی هذه المساعي من قبل إيران لتنمية علاقاتها مع الدول العربية أكد «أمير عبداللهيان» مساعد الشؤون العربية والافريقية في الخارجية الإيرانية خلال حوار صحفي له مع صحيفة الوفاق الإيرانية إن «الجمهورية الاسلامية الايرانية علی أتم الإستعداد للتعاون مع دول المنطقة بدءاً من التعاون البيئي وانتهاء بالتعاون الأمني في أجواء من الثقة والانسجام»، موضحا أنه «بإمكان الجمهورية الاسلامية الايرانية والسعودية ان يكونا جناحين مهمين للمنطقة، وان يتعاونا في مجال الاستقرار والرخاء والتنمية والأمن الاقليمي».
هذه المساعي الحثیثة من قبل إیران لتنمیة علاقاتها مع جیرانها، تأتي لتؤكد أن جميع ما يقال حول أن إيران تريد بسط نفوذها في المنطقة وتغيير المذهب السني وتشيع المنطقة، هو محض إفتراء لیس أكثر، حیث تاتي هذه الإفتراءات في إطار الإتهامات البعيدة عن الموضوعية والوثائق التي تثبتها علی أرض الواقع. وأن الضجة الإعلامية المفتعلة تجاه البرنامج النووي الإيراني، لم تأتي باي نتائج إيجابية لشعوب المنطقة، ومن الافضل لايران ودول المنطقة التخطيط لبناء علاقات إستراتيجية مشتركة وبنائة لتوطيد علاقاتهما السياسية والتجارية، لمنع إهدار طاقات الطرفين علی قضايا «لا تسمن ولا تغني من جوع».
الدول العربية لو دفعت مئات المليارات من الدولارات لروسيا والدول الغربية والكيان الإسرائيلي، لما أعطت هذه الدول شيئا من تكنولوجيتها النووية لهذه الدول، لذا ونظرا لان إيران أصبحت دولة في النادي النووي فعلی الدول العربية أن تستفيد من مساعدة إيران في هذا المجال لا أن تصنع من إيران عدو وهمي لها. حيث أن المنطقة الیوم بحاجة الی تكاتف جميع دولها وشعوبها لمواجهة الإرهاب والمؤامرات الاجنبية.
وبما أن العالم الغربي توصل الی حل سلمي مع إيران حول برنامجها النووي عبر المفاوضات، فانه من الأولی أن تتوصل دول المنطقة الی نتائج إیجابیة مع ايران في حال وافقت علی دعوات إیران لبدء الحوار المشترك، لانهاء الخلافات الثنائية التي باتت تكلفتها باهضة علی شعوب المنطقة.