الوقت- تاريخ الكيان الإسرائيلي الدموي في فلسطين ولبنان كان ولا يزال يبرَر في كثير من الإعلام العالمي المسيس، على شكل تاريخ طبع ويطبع على صورة أعمال دفاعية وحروب يخوضها هذا الكيان للدفاع عن نفسه وتثبيت وجوده في فلسطين أرض الأجداد. لكن ماذا سيقدم هذا الإعلام من تبريرات وتجميلات للوائح الفضائح الطويلة التي تنشر كل فترة، بما بات يعرف بـ"إسرائيل ليكس"، عن دور الكيان الإسرائيلي في دعم وتوجيه وتقوية الإرهاب في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط بشكل خاص. مع الأخذ بعين الإعتبار ما يتبع تلك الفضائح من تداعيات في الملفات الإقتصادية والسياسية العالمية التي تربط الكيان الإسرائيلي بحلفائه.
إذ بعد أن تمكن عدد من قراصنة العالم الإفتراضي من اختراق أجهزة الحاسوب الشخصية للعديد من قادة الكيان الإسرائيلي الأمنيين، ظهرت وقائع وشواهد خطيرة خاصة في ملف تعاون هذا الكيان مع الجماعات الإرهابية. وكان من أهم المخترقين أحد موظفي مكتب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، منذر الصفدي والذي بات معروفاً باسم مندي الصفدي، والذي يلعب دورا بارزا في الملف السوري. والخرق طال الصفدي في جهاز الحاسوب والهاتف الشخصي على عدة أشهر، ووصلت لتطال عدة شخصيات لبنانية وشخصيات سورية معارضة وأخرى عربية لاعبة في الملف السوري بشكل خاص.
ونتيجة للتنصت ثبت بوضوح دور الصفدي في التنسيق مع عدة شخصيات لبنانية وسورية للعمل على إيصال الدعم اللازم للمجموعات الإرهابية المقاتلة في الداخل السوري وعلى رأسها الدعم بالسلاح، وطبعا عبر المنفذ اللبناني ومن الجولان السوري المحتل أسوة بالمنفذ التركي. أمر لن يكون مفيدا للكيان الإسرائيلي من ناحية إضعاف النظام السوري والمقاومة اللبنانية فقط، بل سينعش الكيان بالمال المتدفق من السعودية وقطر مقابل ثمن السلاح المباع للجماعات الإرهابية.
والصفدي هو ليس بالشخص العادي، فهو ليس فقط من أكثر المقربين من نتانياهو بل وعلى ارتباطات قوية بالكنيست وبشعب المخابرات، كما يعمل في مجال تجارة السلاح وله عدة شركات في الكيان الإسرائيلي، وتتغلغل أصوله التي تعود لقرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل ليلعب أدوارا سياسية في داخل الكيان من جهة، كرئاسة جمعية الدروز يدافعون عن اسرائيل، ومن جهة أخرى يستغل علاقاته ليلعب دور المنسق مع الجماعات الإرهابية في سوريا وخاصة جبهة النصرة. ومن هنا كان عليه فتح الكثير من شبكات التعاون الممكنة في المنطقة، على رأسها التعاون مع شخصيات لبنانية، بهدف دعم تلك الجماعات وفتح باب التجارة معها، وحتى امدادها بالعتاد والذخيرة والغذاء والإستشفاء، وطبعا حصد ثمن ذلك كله من المال القطري والسعودي.
وللصدفة فقد كشف خرق لأحد زعماء داعش في العراق وجود تواصل بينه وبين الصفدي يطلعه فيها على تفاصيل أعمال التنظيم. وفي تفاصيل المعلومات المسربة، تبين أن لداعش شبكة تنسيق كبيرة تمتد من العراق إلى الرقة في سوريا حتى تركيا، حيث يتواجد مندوب عن داعش وضابط من الكيان الإسرائيلي، موتي كوهان، يساعده الصفدي، وينسقون فيما بينهم في مجالات تعاون عدة، كتجنيد العملاء، نقل مستلزمات القتال، تبادل المعلومات الإستخباراتية، عقد اجتماعات سرية يحضر بعضها ضباط أمريكيون، وغيرها من الأمور التي أقل ما فيها أنها تنم عن تحالف سياسي وعسكري خفي ما بين الكيان والتنظيمات الإرهابية.
وفي خبايا بعض الرسائل المتبادلة، اجتماعات عمل الكيان الإسرائيلي على عقدها في العاصمة التشيكية براغ لتنجز فيها صفقات سلاح لصالح كل من الجبهة الإسلامية، أجناد الشام وجبهة النصرة. لكن بعض الجماعات المسلّحة، كجبهة النصرة، ارتابت من توقيع الصفقة بعيدا عن مكاتبها في سوريا حيث تملك فرصا أكبر للمناورة التجارية. كما وكشف عن صفقات ضخمة وعديدة تمت أكثرها على الأراضي الأردنية شملت أنواعاً متطورة من السلاح والعتاد مع عدد من شركات الكيان الإسرائيلي والشركات الأمريكية.
وإضافة لما سبق، ذكرت كثير من المراسلات التي جمعت من عدد من العاملين في أجهزة المخابرات التابعة للكيان الإسرائيلي، خططا لمستقبل التعاون بين الكيان والجماعات الإرهابية، تشمل سبل التكامل في جبهة واحدة ضد المقاومة اللبنانية والجيش السوري، وحماية حدود الكيان وجبهات القتال المحتملة من الجهة اللبنانية والسورية، كما سرب من حاسوب موشه كاهان من الكيان الإسرائيلي.
لذا فالشراكة والتحالف بات واضحاً بين الكيان والجماعات الإرهابية، والأمر ليس بمستغرب، فالتصريحات التي صدرت عن بعض المجموعات الإرهابية باستعدادها للتحالف مع الشيطان حتى تربح معركتها مع النظام السوري، كما وأن النجاح التقريبي لمنظمة إرهابية توصلت لبناء ما يشبه الدولة القوية كما جرى مع الكيان الإسرائيلي يشكل نموذجا مثاليا للمنظمات الإرهابية، وحتى لو اختلفت الديانة لكن الأهداف والجغرافيا والعدو الواحد والأسلوب الواحد يجمع بينها، وحتى يجمع أولئك الذين يمارسون الإرهاب نفسه، على رأسهم القطري والسعودي، وبشهادة وثائق حلفائهم، وذلك عبر العمل عن بعد عبر التمويل المباشر لصفقات السلاح، فأين كانت الوسيلة فالإرهاب والإجرام واحد لا يعرف لونين.