الوقت-بعد عودة دوران عجلة العمل على طريق دمشق-عمّان، يُفتح الباب مجدداً أمام قوافل اقتصادية، تعطي بدورها تأشيرات دخول الانفراج السياسي من معبرٍ لطالما عملت القوى الغربية لاستغلاله في الضغط على دولة تمكنت بقبضات جنودها من إعادة المتنفس لشعبها من جديد.
“مفتاحٌ اقتصادي للشرق” لما له من أهمية لجميع الدول المجاورة وخاصة العربية، هكذا يرى الاقتصادي السوري مصان النحاس معبر نصيب من خلال حديث له مع موقع قناة المنار. يشير النحاس بدايةً للانعكاسٍ السلبي الكبير من إغلاقه على الأردن ولبنان بالدرجة الاولى إضافة لما هو الحال في سورية، وخاصة ما يتعلق بالمواد الغذائية وما لحقها من خسائر هائلة.
من الجانب اللبناني، يشير النحاس لعودة سهولة التصدير عبر الأراضي السورية للمنتجات الزراعية والغذائية، منوهاً إلى عودة اسعارها للارتفاع بعد الكساد الكبير الذي أصابها خلال فترة إغلاق المعابر.
وبالنسبة لرجال الأعمال السوريين، لا بد من لمس الجانب التصديرية من ألبسة ومنسوجات ومواد وغذائية وفواكه، والاستيراد سيكون واضح جداً بالنسبة للاقتصاديين السوريين وغير والسوريين، إن كان على مستوى إيران ودول الخليج والأردن ولبنان.
القطع الأجنبي والعملات ستتوفر في البنوك السورية، وبالتالي ستحقق قفزة نوعية، كما أن معبر نصيب الذي شبهه الاقتصادي مصان النحاس بأنه الشريان الحيوي الاقتصادي لرجال الأعمال، سيحقق إمكانية استيراد المواد التي كان من الصعب استيرادها، ما يعود بالنفع أيضاً على المواطن العادي، من خلال توفير جميع الحاجيات.
لغة الارقام هي الأوضح في الاقتصاد، فمعبر نصيب أساس مهم جداً للعمل، وبغضّ النظر عن توفر أرقام بسبب حداثة عودة المعبر للخدمة، إلا ان التقديرات بحسب النحاس دخول مئات ألوف الدولارات يوميا الى الخزينة السورية مقابل الخدمات التي يقدمها المعبر، للسائقين والشاحنات التي كانت متوقفة خلال فترة إغلاق المعبر، أما حركة الاستيراد والتصدير، فيتوقع أكثر من 20 ألف دولار من الأرباح التي تعود للخزينة السورية نتيجة تبادل البضائع، وذلك كله نتيجة عودة دوران العجلة الاقتصادية في المنطقة. وهذه العائدات ستكون أيضا للدول المجاورة وعلى رأسها لبنان والأردن، كما دول الخليج.
اتصالات بدأت منذ حوالي الأسبوع بين اقتصاديين سوريين ونظرائهم لبنانيين، ومنها اجتماع للاقتصادي السوري النحاس مع رجال أعمال لبنانيين، دار حول أهمية معبر نصيب وعودته للعمل وما يقدمه من خدمة للاقتصاد اللبناني، ومعبر نصيب هو الأهم لجهتهم، وخلال الأيام القادمة سيتدفق العمل بشكل كبير من المعبر.
إعادة الإعمار في سورية، تأتي ضمن أهم الملفات على مستوى الشرق الاوسط، وليس فقط سورية، حيث لدينا بالتقديرات الأولية أكثر من 500 ألف وحدة سكنية في دمشق وريفها، وذات الرقم في باقي أنحاء البلاد، وهذا البرنامج الضخم يكلف آلاف المليارات من الدولارات، بكل ما تحتاجه هذه العملية من مواد أولية وآليات، ومعبر نصيب هو الطريق الأهم لإدخال المواد الأساسية من حديد واسمنت وغيرها، عبر الدول القريبة لسورية بدلاً من أوروبا بكلفتها الكبيرة.
وقد خص الاقتصادي مصان النحاس موقع قناة المنار بالتنويه إلى أن وفدا رسميا كبيراً يضم رجال أعمال سيزور طهران خلال الساعات القادمة، برئاسة البرلماني السوري والاقتصادي محمد حمشو، لتنشيط العلاقات الاقتصادية بين دمشق وإيران، وذلك على إثر إعادة فتح معبر نصيب الحدودي، كما سينشط عمل المؤتمرات والمعارض الاقتصادية في الفترة القادمة.
من جهته وبالنظر إلى الجانب السياسي، أكد الكاتب والمحلل السياسي د. عمار مرهج لموقع قناة المنار، أن المعبر كان أداة ضغط كبيرة بيد الولايات المتحدة على سورية، حيث طمحت لجعل دمشق تنصاع لإملاءاتها، ولكن الجيش السوري بتمكنه من إعادة بسط السيطرة على غالبية الأراضي السورية، تمكن من التخلص من أدوات الضغط الأمريكية، والمثال الأبرز هو إعادة فتح المعبر مع الأردن، بانتظار فتح بقية المعابر مع العراق.
وأوضح مرهج أن الوضع السياسي بات أفضل وأكثر أريحية، بعد بدء التخلص من الضغوط الاقتصادية، منوها إلى أن نصيب هو بوابة سورية الاقتصادية على العالم، وسورية عقدة العالم الاقتصادية، كما هي عقدة سياسية من خلال مواقفها النضالية.
الاقتصاد والسياسية بتكاملهما، يشكلان مرحلة جديدة بعد الحرب الدولية على سورية، ومن خلال هذا التكامل يكون كل منهما رافعة للآخر، إضافة لما يحققه العامل العسكري بانتصاراته المتواصلة.