الوقت- غادرنا قبل يومين الرئيس السوداني الأسبق، المشير عبد الرحمن حسن سوار الذهب، حسب ما أعلن المستشفى العسكري في العاصمة السعودية الرياض، يوم الخميس، عن عمر يناهز 84 عاماً، تاركاً خلفه تاريخاً حافلاً من الإنجازات ودروساً في الكرامة والنزاهة والتواضع لا يمكن أن تُنسى.
ووفقاً للمعلومات الأولية، فإن جثمان سوار الذهب سيوارى الثرى بالمدينة المنورة بناء على وصيته.
من هو المشير عبد الرحمن حسن سوار الذهب؟!
ولد الراحل سوار الذهب بمدينة الأبيض السودانية عام 1935 وتلقى تعليمه العسكري في الكلية الحربية السودانية وتخرّج منها عام 1955، تقلّد عدّة مناصب في الجيش السوداني حتى وصل به المطاف إلى وزارة الدفاع كوزير معين.
واستلم السلطة أثناء انتفاضة أبريل 1985 بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي.
وفي أبريل/نيسان 1985، كان سوار الذهب قائداً عاماً للجيش السوداني، حينما ثار الشعب ضد حكومة الرئيس جعفر محمد نميري، التي حكمت البلاد لمدة 16 عاماً في الفترة من 1969-1985، ليعلن سوار الذهب انحيازه الكامل للشعب والإطاحة بنميري، واستلام السلطة لعام انتقالي واحد فقط، أعاد فيه التعددية السياسية في البلاد، وسلم السلطة لحكومة منتخبة واستلم مقاليد السلطة بعد انقلاب عسكري في السودان بأمرة ضباط على رأسهم الفريق تاج الدين واللواء عثمان عبد الله وتقلّد رئاسة المجلس الانتقالي إلى حين قيام حكومة منتخبة وارتقى لرتبة المشير فوراً.
وسلّم سوار الذهب مقاليد السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس وزرائها "الصادق المهدي" ورئيس مجلس سيادتها "أحمد الميرغني" وبعدها خرج من الجيش واعتزل العمل السياسي وتفرغ لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء.
ويعُدّ سوار الذهب أول رئيس عربي يرفض التمديد لفترته الانتقالية، وعُرف عنه الزهد والتواضع والتدين، وبعد تخليه عن السلطة تفرغ للعمل الطوعي والدعوي، وصار أميناً عاماً لمنظمة الدعوة الإسلامية التي تنشط في إفريقيا، وحصل على الدعم من الدول الخليجية.
وكان يشغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، ثم أصبح وزير الدفاع وذلك في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري، وعُرف برفضه لتسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائداً للحامية في أيام الانقلاب الذي تعرّض إليه النميري من قبل الجنرال هاشم العطا سنة 1971، وهو ما أدّى إلى فشل الانقلاب واستعادة النميري لمقاليد الحكم بعد ثلاثة أيام.
وفي سنة 1972 أُبعد من الجيش السوداني ومن السودان تعسفياً، فلجأ إلى قطر حيث عمل مستشاراً للشؤون العسكرية لدى الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر آنذاك، وكان بمثابة قائد للجيش والشرطة، ويُذكر له أنه كان أول من فرز الأرقام العسكرية القطرية وحدد أرقاماً منفصلة للشرطة وأرقاماً أخرى للجيش، وقام بفصل الجيش عن الشرطة وأسس كيانين مستقلين هما شرطة قطر والقوات المسلحة القطرية.
وبفضل حسن أدائه في قطر أُتيح لسوار الذهب العودة إلى السودان والتدرج في سلّم الرتب في الجيش السوداني حتى عُيّن رئيساً لهيئة الأركان ثم عيّن في مارس 1985 قائداً أعلى للقوات المسلحة السودانية لتكون له الكلمة الأخيرة في الإطاحة بالنميري في أبريل 1985.
نشاطات منظمة الدعوة الإسلامية
بعد أن تفرّغ الراحل سوار الذهب لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء، تمكّنت هذه المنظمة من إنجاز العديد من المشاريع التي مثّلت في وقتها نقلة نوعية للبلاد والتي كان من إنجازاتها: 1- تشييد أكثر من 55 مدرسة ثانوية، و150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة، 2- تشييد أكثر من 2000 مسجد في إفريقيا وشرق أوروبا، 3- حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وحفر أكثر من 10 محطات للمياه في إفريقيا. 4- تشييد 14 مستشفى عاماً ومتخصصاً، وحوالي 800 مستوصف، و120 مركزاً للطفولة والتغذية ورعاية الأمومة والتحصين، 5- تشييد 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها في إفريقيا، كما قدّم بحوثاً في مؤتمرات كثيرة عن الإسلام والدعوة إليه، والتحديات التي تواجهه، وذلك على المستوى المحلي، والإسلامي، والعالمي، وهو عضو في إحدى عشرة مؤسسة إسلامية وعالمية، يعدّ المشير سوار الذهب من أبرز الشخصيات الإسلامية ذات الشهرة العالمية، كما يحظى بتقدير عالٍ لمصداقيته في التخلي طواعية عن الحكم برّاً بوعده، ولما قام به من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين.