الوقت- لم يبلغ مستوى قلق رئيس حكومة العدو الاسرائيلية بنيامين نتانياهو في اي يوم واستحقاق سابق ما بلغه القلق الغضب الهستيري الذي سيطر على الرجل منذ أن أطل التفاهم النووي مع ايران رأسه فجرا من فيينا. الرجل الذي يهتاب من حركات التحرر وجولات الصراع معها، والذي لم ينم قلقا من ارتدادات عملية حزب الله الاخيرة الصفعة التي تلقاها ردا على تسرعه وحماقته في استهداف موكب قيادي للحزب في الجولان السوري المحتل منذ شهور، والتي كادت تهدد نجاحه في الانتخابات الاسرائيلية الداخلية انذاك. وهو الذي تؤرقه أيضا هذه الأيام الانتصارات التي يحققها حزب الله والجيش العربي السوري على الحدود الشرقية للبنان والجنوبية لسوريا على وقع المعارك البطولية التي يخوضها الحزب والجيش السوري امام اعين الجيش الاسرائيلي المتابع بدقة لمجريات المعارك الباهرة والتي يسحق بها التكفير تحت اقدام المجاهدين ويسحق الحلم الصهيوني معهم باستنزاف طويل الامد لمقاومة والجيش السوري جنوبا..
كيف الحال اليوم، وسط واقع متصدع تعانيه حكومة الرئيس الاسرائيلي المتشدد، حين سمع خبر التوصل الى اتفاق لطالما جال العالم هو وفريقه لكي لا يحصل. نعم وقع الاتفاق النووي صخرة على رأس الحكومة الاسرائيلية التي يرأسها بنيامين نتانياهو، فهو الذي عقد سياسته وشحن الاصوات الانتخابية مؤخرا على وقع تمسكه وتشدده في عدم قبول الاتفاق بين الدول الست وايران حول ملفها النووي. وهو الذي أوصل العلاقات الاسرائيلية مع الرئيس الامريكي اوباما الى مرحلة المواجهة المحتدمة والتحدي المباشر الذي دفع بنتانياهو لتحدي اوباما امام الكونغرس الامريكي ومخاطبته لمنع حصول توافق مع ايران يؤدي الى تكريس ايران دولة نووية تمتلك سلاحا فتاكا على حد زعمه.
واقع الحكومة الاسرائيلية البارحة كان متأرجحا بين السقوط والفرط، وبين الاستمرار المتبعثر. فما مصير الحكومة اليوم في ظل الضربة الكبيرة التي تلقتها والتي تمس اصل برنامجها الحكومي والانتخابي الذي قامت عليه ؟؟
بلسان نتانياهو الغاضب، وبتصريحات حكومته التي تجتمع على نعش نهايتها، مواقف تعكس حجم الخيبة الصهيونية من الاتفاق النووي وحجم الصدمة التي سقطت نارا ليس بردا على الحكومة الاسرائيلية.
مواقف تندد بفشل نتانياهو :
معارضو نتانياهو لم ينتظروا طويلا ليصوبوا اسهم نيرانهم الى الحكومة ورئيسها، فرئيس المعارضة الاسرائيلية اسحاق هرتسوغ وصف الاتفاق النووي بالـ"سيء ، لأنه سيجعل إيران دولة على عتبة نووية وسيؤدي الى سباق تسلح في المنطقة " .
هرتسوغ حمل بشدة على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قائلا "إنه أخفق في الموضوع الإيراني بدافع تغليبه مصلحته السياسية على العلاقات مع الولايات المتحدة" . معتبراً انه " تم التفريط بمصالح "اسرائيل"، بسبب النزاع الشخصي بين نتنياهو واوباما ".
يئير لبيد ، رئيس حزب "هناك مستقبل" ، صرح أن الاتفاق "يعرض أمن إسرائيل والعالم للخطر". وأشار إلى أن "الاتفاق يدل على فشل سياسة نتنياهو ".
عضو الكنيست عن حزب "هناك مستقبل" عوفر شيلح صرح في تعبير عن الاتفاق النووي إنه "يثير القلق وهو دليل على الفشل الذريع لسياسة نتنياهو في القضية التي جعلها كنزاً شخصياً وأدارها لوحده متجاهلاً الانتقادات في "إسرائيل" والعالم، متبجحاً بأنه يعرف كيف يوقف النووي الإيراني." وأضاف شيلح إن "نتنياهو اختار إستراتيجية المواجهة مع الإدارة الأميركية، وأقدم على خطوة فظّة داخل السياسة الأميركية في واشنطن، ما تسبّب بتغييب "إسرائيل" عن لوزان وفيينا، وأبعدها عن التأثير على المفاوضات في لحظاتها المصيرية ".
شيلي يحيموفيتش، عضو الكنيست عن حزب العمل، قالت : " إن الاتفاق النووي مع إيران خطير وضار، وقد بات حقيقة ناجزة "، وطالبت نتنياهو بـ"الإقلاع فوراً عن المواجهة التي يخوضها مع الأميركيين وإيقاف الحديث عن سيناريوهات رعب، وضبط النفس خلال تطبيق الإتفاق ". وأضافت: "يحظر نتنياهو على حزب العمل أن يكون شريكاً في محاولات الالتفاف على الإدارة المدنية من خلال الضغط على واشنطن بواسطة الكونغرس، ليتّضح بعد ذلك وبدون أدنى شك أن المواجهة الشديدة التي خاضها نتنياهو مع الأميركيين كانت فشلاً ذريعاً، وسوف يتم تدريسه في كتب التاريخ. ولكننا لسنا منشغلين الآن بتاريخنا وإنما بمستقبلنا ".
نتانياهو وسط الواقع الجديد :
وصفت صحيفة يديعوت احرنوت وضع رئيس الحكومة الاسرائيلية بالقلق جدا. وكتبت أنّ" مكتب نتنياهو يبدو وكأنه في حالة حرب حقيقية، مع حرص شديد على التزام الصمت، سواء من مجلس الأمن القومي "الاسرائيلي"، أو وزارة الخارجية في تل أبيب، أو وزارة الحرب" موضحة عبر سرد لتفاصيل ما تواجهه القيادات الاسرائيلية من صعوبة في تغيير مسار المفاوضات، أن اليأس تغلغل الى نفوس أصحاب القرار في تل أبيب وسط تسليم شبه كامل بأن الاتفاق قد وقع وسيجر اسئلة مصيرية للكيان الاسرائيلي ولا جواب عليها لهذه اللحظة.
مصير الحكومة الصهيونية :
وسط مساع اسرائيلية حثيثة لتدارك الواقع الذي بات شبه محسوم، وفي ظل الاجماع الحاصل على ضرورة مواكبة عملية تفشيل الاتفاق بشكل مكثف في اللحظات الاخيرة، مع الاقرار بأم منع الاتفاق بشكل كلي ليس واردا، لكن ما زالت الاطراف الصهيونية تتأمل بأن تتمكن من منع ايقاف العقوبات الامريكية على ايران من خلال الضغط عبر الكونغرس الذي يتمتع فيه اللوبي الصهيوني بنفوذ قوي، ومحاولة التخريب في الاتفاق وعرقلته عبر منع تنفيذ كافة بنود الاتفاق مع ايران وبالتالي دفع ايران نحو عرقلة الاتفاق نتيجة عدم وفاء المجتمع الدولي بتعهداته معها نزولا عند الضغوط الاسرائيلية، وسط قناعة ضئيلة بأمكانية النجاح المطلقة في هذا التوجه الصهيوني.
وسط هذا، يكون نتانياهو قد وضع مجددا تحت سلطة المحاسبة في قضية مصيرية تهدد امن ومستقبل الكيان الاسرائيلي، وهذا ما يوحد كل الاطراف التي تناهض نتانياهو وبعض المترددين الذين ما زالوا يحافظون على علاقة بنتانياهو والتيار الديني بوجه الزعيم الذي قد أصبح مصير مستقبله السياسي رهن اشهر فقط وليس فقط مصير الحكومة التي يرأسها.
وسط هذا العجز في التوجه نحو تصعيد، مقابل عجز في تحقيق اعاقة كاملة لمسار الاتفاق، تقترب ساعة الصفر بالنسبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يخيط سرواله المفتوق بخيط من السورال نفسه، ويقف على عتبة حساسة جدا ومصيرية قد تخرجه من السياسة الاسرائيلية تحت تهمة التهديد لل من القومي الاسرائيلي والعبث بمستقبل الكيان الذي بات على شفى الهاوية.
مصير نتانياهو والحكومة الصهيونية، عبر عنه هرتسوغ حين قال : " أن ما حصل يشكّل فشلاً استراتيجياً وتكتيكياً لنتنياهو بكل ما للكلمة من معنى"، مضيفا " إن عليه أن ينتظر حساباً عسيراً معنا ".
وسط هذا الحساب الذي ينتظر نتانياهو وسط مضي من قبل المعارضة لمحاولة تدارك اللحظات الاخيرة الميؤوس منها، مصير عاصف وعد به نتانياهو من قبل معارضيه، قد يترك فيه الرئيس الطامح العنيد وحيدا يتلقى اتهامات تصل عقوبتها الى الاعدام السياسي.
ولكن السؤال الاهم الذي يطرح هنا، ما هو البديل المطروح وسط مجهول ينتظر الحكومة الاسرائيلية ؟؟ ومن هي الشخصية التي تستطيع جمع شتات الشارع الصهيوني المتصارع الى حد التصادم ؟؟ والى أي مصير وصل اليه الكيان الصهيوني في ظل عاصفة النووي الايراني السلمي ؟؟ فهل سيطيح النووي السلمي بوجود الاستعمار الاستيطاني الصهيوني عبر صراعات من داخله دون الحاجة الى السلاح النووي ؟؟