الوقت- كوربن يقلق "إسرائيل"، حسناً من هو الشخص أو الجماعة التي لا تقلق السيدة "إسرائيل"؟!، عندما يشتمّ هذا الكيان الغاصب رائحة قادمة من أبعد مطبخ سياسي عنه يقول إنهم حتماً يحضّرون له "السم" للتخلص منه، إذا كانت تدّعي أنها تملك كل هذا الكم من القوة التي تتحدث عنه الصحف الإسرائيلية والمسؤولون الإسرائيليون ولديها مجتمع متجانس وموحد وتربطه قومية موحدة لماذا كل هذا القلق؟!.
ما يجري اليوم أن جيريمي كوربن زعيم حزب العمال البريطاني "منذ عام 2015- حتى الآن" يقلق "إسرائيل" لدرجة أنه أصبح شغلها الشاغل وتحرّض كما هي العادة الرأي العام الأوروبي والإسرائيلي خاصة والعالمي عامة ضده وتستعين باللوبيات الإسرائيلية في بريطانيا لإنجاح المهمة بإقصائه من المشهد السياسي ككل وليس فقط من زعامة حزب العمال، خاصةً وأنه أحد المرشحين البارزين لخلافة تيريزا ماي، فلماذا كل هذا الآن؟!
أولاً: يكفي أن نقول أن كوربن عضو فعّال في "حملة التضامن مع فلسطين" لتعلموا أهم أسباب "إسرائيل" لمحاربته، فكيف إذا كان هذا المسؤول السياسي بريطاني ومرشح للفوز بالانتخابات المقبلة ويتزعم حزب العمال.
كوربن "69 عاماً" من أشد المعارضين لسياسة "إسرائيل" ضد الفلسطينيين لدرجة أنه شبه في العام 2010 حصار "إسرائيل" لقطاع غزة بالحصار الذي فرضته ألمانيا النازية على لينينغراد وستالينغراد في الحرب العالمية الثانية.
وشارك كوربن في تظاهرات احتجاجية عدة ضد حرب "إسرائيل" في قطاع غزة وسياسة الأبرتايد ضد أقلياتها العربية، وهو يتميز بين سياسيي بريطانيا بوقوفه ضد تدخل "إسرائيل" في سياسة بلاده الداخلية، إذ دعا في عامي 2012 و2017 إلى فتح تحقيق رسمي حول تأثير سفارة "إسرائيل" في لندن على بعض النواب والسياسيين البريطانيين، فهو يتهم علناً أحد أعلام "إسرائيل" وسفيرها في لندن خبير العلاقات العامة مارك ريجيف ولوبيّها البرلماني وأصدقاءها في الإعلام وخصومه في حزب العمال نفسه، بتنظيم حملة منسقة لتهشيم قيادته لزعامة المعارضة.
ومؤخراً بدأت حرب كلامية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكوربن، إذ اعتبر نتنياهو، الأسبوع الفائت، أن وضع كوربن باقة من الورود على مقابر "الإرهابيين" المشتبه بهم في تنفيذهم لـ"مذبحة" ميونخ، يحتاج إلى إدانة من الجميع"، (نتنياهو يتحدث عما جرى في العام 2014عندما وضع كوربن أكاليلاً من الزهور على قبور فلسطينيين، هم ضحايا غارة إسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية عام 1985).
وردّاً على نتنياهو قال كوربن: إنه "كان هناك لأنه يرغب برؤية إحياء ذكرى مناسبة لكل من يموت بسبب أعمال إرهابية في أي مكان.. يجب وقف ذلك.. لا يمكن تحقيق السلام ومواصلة دائرة العنف".
وأضاف: إن ادعاءات نتنياهو كاذبة، وإن "ما يستوجب الإدانة من دون مهادنة هو مقتل أكثر من 160 فلسطينياً في غزة من قبل القوات الإسرائيلية منذ شهر آذار/مارس، بما في ذلك مقتل عشرات الأطفال"، ولفت كوربن إلى أن "قانون القومية الذي تدعمه حكومة نتنياهو تمييزي ضد الأقلية الفلسطينية".
ثانياً: هناك حنق من قبل نتنياهو تجاه كوربن ففي أواخر العام الفائت أعلن زعيم حزب العمل البريطاني جيرمي كوربن رفضه المشاركة في حفل عشاء رسمي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناسبة الذكرى المئوية لوعد بلفور، الذي قضى بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهذا الأمر كان كفيلاً بإعادة الخلاف إلى الواجهة والذي ما زال مستمراً حتى اللحظة، خاصةً وأن هذه المناسبة حساسة جداً للإسرائيليين.
صحيفة الغارديان وثلاث صحف يهودية بريطانية "يوروني كرونيكل" و"يهود نيوز" و"ييغ تلغراف"هاجمت كوربن بشراسة ووجهت له اتهامات مباشرة بمعاداة السامية وهي التهمة الكفيلة بإسقاط أي سياسي في دول الغرب، ومع ذلك لايزال كوربن صامداً وهناك تخوف حقيقي من وصوله إلى رئاسة الوزراء.
على هذا الأساس بدأت الغارديان بمهاجمة زعيم حزب العمال عبر التذكير بما فعله خلال العقود الماضية، فقد اتهمته الصحيفة بإقامة صلات مع قادة الشين فين في وقت كان الجيش الجمهوري الإيرلندي السري يفجر قنابله في بريطانيا في الثمانينيات، وتقارن ذلك بصلات كوربن بـ "القضية الفلسطينية وبمنظمات مثل حماس"، وتتساءل: "أنه شيء مثير للاستغراب أن ترى شخصاً ما يمكن أن يصبح رئيس وزراء قد سعى لقضية مشتركة مع أولئك الذين يستهدفون تدمير قلب الدولة الديمقراطية التي يسعى لحكمها؟!".
ثالثاً: تخوّف "إسرائيل" يأتي أيضاً على خلفية الاضطرابات التي يشهدها حزب المحافظين الذي تتزعمه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد أخذ يتقدّم في بعض استطلاعات الرأي، وعلى الرغم من أن الانتخابات لن تعقد قبل أربع سنوات أخرى، إلا أن الجدل الذي أثاره طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أطلق إمكانية إجراء تصويت قريباً، إلا أن ماي تكافح للحفاظ على حكومتها.
ونظراً لهذه الأحداث وغيرها يحاول الصهاينة جاهدين إسقاط كوربين من المشهد السياسي، لأن وصول أي شخص كهذا في هذا الوقت بالذات خاصة أنه من أشدّ المعادين للسياسات الإسرائيلية وقضية انتقال القدس سيصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية، لذلك سنجد الصحف العالمية ستكرر اسم كوربين وإلى جانبه عبارة "معاداة السامية".