الوقت - إن إعلان مجلس سوريا الديمقراطية الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، السبت "28 يوليو 2018" إثر لقاء مع ممثلين عن دمشق، تشكيل لجان بين الطرفين للمضي قدماً في المفاوضات بهدف وضع خارطة طريق تقود إلى حكم "لا مركزي" في البلاد، يعتبر أحد التطورات التي زادت الآمال في الاقتراب من نهاية الأزمة السورية.
في الوضع الحالي، أصبحت قوات الجيش السوري التي تسيطر بالكامل على المناطق الجنوبية من البلاد في طريقها إلى تحرير إدلب بالكامل، وفي حال وافق الأكراد نقل المناطق الخاضعة لسيطرتهم في الحسكة، ديرالزور، حلب، والرقة إلى عهدة الجيش السوري ستكون خطوة مهمة على طريق إعادة سيادة دمشق على كامل البلاد.
وبعد التحرير الكامل للمناطق الجنوبية، أصبح السؤال الآن، هل ستؤثر المفاوضات والاتفاق المحتمل بين الأكراد والحكومة السورية على مستقبل التطورات السورية؟، حيث إن هذه المسألة أخذت على محمل الجد في الدوائر السياسية والإعلامية.
ومن أجل متابعة آخر تطورات هذا الملف، أجرى موقع "الوقت التحليلي الاخباري" حواراً مع الخبير الإقليمي الإيراني الدكتور سعدالله زارعي.
وحول المحادثات بين الأكراد والحكومة السورية، يرى الدكتور زارعي، أن هذا الحدث سيمثل بداية النهاية للأزمة السورية، وفي حال تنفيذ بنود الاتفاق سيواجه الأمريكيون هزيمة كبرى، ولن تكون هناك أي ذريعة أخرى لاستمرار وجودهم شمال سوريا.
كانت العلاقات بين الأكراد السوريين ودمشق قائمة على الاتفاق والتفاهم منذ اندلاع الأزمة
في سياق المحادثات بين قوات سوريا الديمقراطية " معظمهم من الأكراد" والحكومة المركزية، يعتقد سعد الله زارعي أن العلاقات بين الأكراد السوريين ودمشق، كانت قائمة على الاتفاق والتفاهم والحوار منذ البداية، ولكن بعد دخول أمريكا على خط الأزمة السورية، بدأت بإعطاء الأكراد وعوداً وهمية حول مستقبلهم ومستقبل البلاد، وقامت بتوريطهم باتخاذ مواقف معارضة للحكومة السورية شهدناها في فترات متقطعة من عمر الأزمة، ونتيجة لذلك، رأينا الأكراد ينخرطون في عدة عمليات مشتركة مع الأمريكيين في محافظتي ديرالزور وحلب، وبشكل خاص في محافظة الرقة.
ليس لدى الأكراد السوريين حل آخر غير التفاوض والحوار مع الحكومة السورية
يؤكد الخبير الإقليمي أنه في الأسابيع الأخيرة، عندما تم تطهير المناطق الجنوبية السورية من الإرهابيين، أظهر الجيش السوري عملياً عزمه تحرير إدلب باعتبارها آخر منطقة يوجد فيها الإرهابيون، ولم يتبق أمام الأكراد سوى التفاوض مع دمشق، وفي الواقع أُجبروا على الالتزام بتعهداتهم الأولى وأن يبدؤوا التعاون المتبادل مع دمشق.
بالإجمال، يمكن القول إن المفاوضات الحالية بين الأكراد السوريين والحكومة المركزية كانت طبيعية تماماً ويمكن التنبؤ بها، وتقوم المحادثات حالياً على منطق عقلاني ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على تسوية الأزمة في سوريا.
إذا تم وضع اللمسات النهائية للاتفاقية، فإن أمريكا ليس لديها أي أمل باستمرار وجودها في سوريا
في جزء آخر من الحوار، يعتبر زارعي أن أحد أهم إنجازات المفاوضات الكردية مع دمشق إنهاء بقاء أي ذريعة لاستمرار وجود الأمريكيين في البلاد، وفي هذا السياق يقول زارعي: "كان الأمريكيون حاضرين في سوريا بذريعة دعم الأكراد شمال البلاد وبطلب من الأكراد كما تدّعي واشنطن، وإذا ما توصل الاتفاق بين دمشق والأكراد السوريين إلى نتيجة واضحة ومرضية للطرفين، فلا خيار أمام الأمريكيين سوى مغادرة سوريا".
لا تلعب روسيا دوراً في مفاوضات دمشق مع الأكراد، وتعني العملية فشل استراتيجية واشنطن
يتابع الخبير الإيراني بالقول: " أعتقد فيما يتعلق بنهج روسيا ودورها في المفاوضات الكردية مع الحكومة المركزية أن الروس لم يتخذوا أي موقف تجاه الأكراد السوريين، وعلى نفس المنوال، لم يكن هناك حوار بين الأكراد وموسكو، لذا يمكن القول إن الروس لديهم تأثير ضئيل على الأكراد في سوريا.
كان الأكراد يضغطون من أجل التفاوض مع الحكومة المركزية في المرحلة الحالية، كنتيجة لفشل الخطط التي كانت موجودة في الماضي فيما يتعلق بمستقبل سوريا، وفي الواقع تشير التطورات الآن إلى أن أي جهة كانت تريد حدوث مواقف وتوترات مختلفة بين الأكراد ودمشق قد تعرضت لفشل ذريع بهذا الخصوص، وفي هذه الأثناء، كان الأمريكيون هم المعارضون الرئيسيون لمفاوضات دمشق مع الأكراد السوريين، لذا فإن المحادثات التي تجري حالياً بين الحكومة السورية والأكراد تمثل فشلاً كبيراً لأمريكا.
يمكن أن تكون المفاوضات الكردية مع دمشق الخطوة النهائية لإعادة وحدة تراب سوريا
شدد سعد الله زارعي في نهاية حديثه على تداعيات ونتائج المحادثات بين دمشق والأكراد السوريين وأكد على أنها مؤشر واضح على مقاربة نهاية الأزمة السورية ويمكن أن تكون إشارة إيجابية جداً لعودة اللاجئين والاستقرار السياسي وتعزيز السلامة الإقليمية لسوريا، وفي الواقع، إن تحرير إدلب سيؤدي إلى تسريع عملية نشر سيادة دمشق على البلد بأكمله. باختصار يمكن للحكومة - من دون الدخول في حرب جديدة - استعادة هيمنتها على محافظات حلب والرقة ودير الزور والحسكة، وهي خطوة إيجابية وخطوة كبيرة نحو إعادة وحدة التراب السوري.