الوقت- هناك في الشمال الشرقي لمصر تتجه الأنظار لانتظار ما ستؤول إليه الأمور في "أرض الفيروز"، حيث تشهد "سيناء" في هذه الأيام عملية عسكرية مصرية شاملة انطلقت في التاسع من فبراير لاحكام السيطرة وتطهير المنطقة من الإرهابيين بالكامل، وهناك عشرات علامات الاستفهام حول هذه العملية من وجهة نظر البعض على اعتبار انها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها مصر عن عملية شاملة هناك والنتيجة ماذا؟!، استمرار الارهاب وتوجيه ضربات موجعة لقوات الأمن المصرية واستهداف المدنيين وسط قلق شعبي له ما يبرره.
العملية التي تجري الآن في سيناء والتي نتمنى أن تأتي أُكلها وتقضي على الإرهابيين بشكل كامل، تتميز بكونها تجري وسط تعتيم إعلامي كثيف من مسرح العمليات ولا يصلنا من هناك، سوى ما ينقله لنا المتحدث العسكري المصري الذي بث بيانا تحدث فيه عن نتائج العملية حتى الآن والتي أسفرت عن مقتل 38 إرهابي وإلقاء القبض على 96 إرهابي وتفكيك 114عبوة ناسفة وتدمير 13 مخبأ تحت الأرض وتدمير عشرات السيارات، فضلا عن تدمير 126 هدف للإرهابيين.
والجميع يتساءل عن الأسباب التي دفعت مصر للإعلان عن هذه الحملة في هذا الوقت بالتحديد وما هي الأهداف المرجوة منها فعليا وهل ستقضي على جذور الإرهاب فعلا وتجفف منابعه هناك أم ستبقى الأمور بين أخذ ورد للاستفادة من هذا الموضوع كورقة سياسية في أي مناسبة قادمة وتوصيل رسالة للمصريين مفادها أننا نتعرض للإرهاب وعلى جميع الدول المجاورة والكبرى المساهمة في مساعدة مصر لاقتلاعه من جذوره.
الحقيقة ما يثير قلق شريحة واسعة من الشعب أن الرئيس السيسي شن عدة حملات ضد الإرهابيين في سيناء منذ توليه منصب رئيس الجمهورية وكانت النتائج على الشكل التالي، حتى العام 2016 شهدت مصر اكثر من 1165 عملية إرهابية، وفي عام 2017 تناقص العدد إلى 45 عملية إرهابية إلا انها كانت عمليات نوعية سببت آلما كبيرا للشعب المصري في سيناء وخارجها خاصة بعد حادثة مسجد الروضة التي راح ضحيتها 305 من المصريين في شهر نوفمبر من العام الماضي.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها مصر انها ستقوم بعملية شاملة في سيناء فقد تم ذلك في 8 سبتمبر عام 2015 والتي حملت اسم عملية "حق الشهيد" كانت الغاية منها القضاء على بؤر الإرهابيين على كامل أراضي سيناء وكان من المستغرب توقف العملية بعد 16 يوما من إعلان بدايتها وقيل وقتها أن المرحلة الأولى انتهت وتقول مصادر مطلعة أن الجيش المصري اكتفى حينها برد الفعل ولم يبادر بالهجوم إلا مرة واحدة أعقبها إعلان انتهاء المرحلة الأولى، ما أثار تساؤلات كبيرة في الداخل المصري عن أسباب التوقف.
وما يثير القلق في الشارع المصري هو التعاون المستمر مع الكيان الإسرائيلي في هذا الملف، ففي 3 فبراير 2018 تحدثت صحيفة نيويورك تايمز " عن تحالف سري يجمع القاهرة بتل ابيب في سيناء شنت بموجبه إسرائيل 100 غارة جوية في عامين بموافقة السيسي وعلم واشنطن، لكن القاهرة نفت ذلك فيما بعد.
ومن اللافت حديث يديعوت أحرونوت عن السيسي، حيث تقول أن السيسي ليس صديق "إسرائيل" إنه شريكها في منزلة اعلى من منزلة الرئيس الأمريكي.
الدلالات التي وراء العملية الشاملة في سيناء
أولاً: يجري الحديث الآن أن السيسي يستخدم ورقة سيناء لصالحه في الانتخابات المقبلة التي ستجري في أواخر آذار المقبل وزيادة شعبيته التي تراجعت إلى حد ما بعد تكرار العمليات الإرهابية في سيناء، وفي الوقت نفسه يريد السيسي الحصول على مساعدات غربية وكسب نقاط قوة أمام المجتمع الدولي من خلال إبراز دوره في محاربة الإرهاب.
ثانياً: يخشى المصريون أن يكون رئيسهم متورط فيما يسمى "صفقة القرن" وان غايته من هذه العمليات تهيئة المناخ أمام تطبيق الصفقة من خلال منح أجزاء من سيناء المجاورة لقطاع غزة لتوطين عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتناغم الإسرائيلي_المصري هذه الأيام خاصة بعد إعادة فتح السفارة في مصر الذي لا يبشر بالخير بهذا الخصوص، فضلا عن التنسيق بين الجانبين في سيناء والذي حصل السيسي على ضوء أخضر من الاسرائيليين بإدخال أضعاف القوات المسموح بإدخالها وفق اتفاق كامب ديفيد.
ثالثاً: وكما ذكرنا سابقا مهمة القضاء على الإرهابيين في سيناء ليست بالأمر السهل ولا نعلم إن كان السيسي سيتمكن من القضاء على أوكارهم حتى آخر هذا الشهر، حيث تنتهي المدة التي أعطاها السيسي لرئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد حجازي، للقضاء على الإرهاب في شمال سيناء.
ختاما؛ نأمل ألا يتكرر سيناريو سوريا والعراق في مصر وهذا ما يحاول إيصاله السيسي لأبناء الشعب المصري الذي لم يخفي قلقه بهذا الخصوص، لكن ما أظهره السيسي من استخدام جميع الوسائل المتاحة للقضاء على الإرهابيين قد يبشر بالخير إلى حد ما، والقادم من الأيام سيكشف الغطاء عما كان يتم التعتيم عليه هناك.