الوقت - تعاني المجتمعات العربية والإسلامية من نقصٍ في المعرفة في مواضيع اجتماعية وتربوية عدة وخاصة في موضوع تربية الأطفال، ومن بينها ما يتعلق بـ "التربية الجنسية للأطفال" والتي تعتبر في الكثير من الأحيان من المحظورات في بعض المجتمعات العربية والاسلامية. فقد ذكرت منظمة اليونسكو في عام 2007 ان التربية الجنسية للأطفال تؤدي الى تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الاطفال واتسامه بالمزيد من المسؤولية.
الا ان العديد من المجتمعات والناس يرفضون الاقتراب من هذا الموضوع وفي المقابل يرى اخرون ان غياب الابوين عن هذه المساحة كليا يشكل ضررا على أبنائهم ويترك فراغاً يعرضهم للكثير من المشكلات في المستقبل، خاصة وأننا نعيش اليوم في مجتمعات كَثُر فيها الشذوذ والتحرش والانحراف الجنسي وأصبح كل شيء متاحاً للصغار قبل الكبار حتى الأفلام الإباحية. لذا علينا أن نخرج من القوقعة التي وُضعنا فيها وعلينا إعادة التفكير بمفهوم "العيب" الذي للأسف يُستخدم دائما في غير موضعه.
وبين وجهتي النظر، تطرح الأسئلة التالية: ما هي الثقافة الجنسية ولمن ينبغي الحديث عنها وفي أي عمر وما هو المقدار اللازم منها؟
ان التربية الجنسية للأطفال مهمة جدا، فمع تقدم المعرفة في العالم اليوم، أصبحت القضايا الجنسية للأطفال أكثر تعقيدا، بحيث يجب على الآباء والعائلة التصرف بطريقة تجعل الأطفال يستخدمون غرائزهم بشكل صحيح عبر متابعتهم الفورية لهم في المنزل وفي الوقت المناسب.
مراحل التطور الجنسي للأطفال
كلما أصبح الطفل أكبر في المظهر والجسد، فإنه ينمو أيضا من حيث الفهم الجنسي، وهذا النمو لديه المراحل التالية:
1-من الولادة إلى سن 3:
- ان الطفل، في هذه المرحلة يتفاجأ بأعضاء جسمه المختلفة ويسعى الى اكتشافها. بحيث يشعر باللذة بلمس اعضائه(على الرغم من أن هذه المتعة مختلفة عن المتعة الجنسية).
- بدون أي احراج يتحدث بسهولة عن أعضاء جسمه.
- تدريجيا، يمكن تعليمه ان لبعض الأعضاء خصوصية؛ فعلى سبيل المثال، يجب على الأم أن تربي طفلها منذ يومه الأول على أن جسده له خصوصية فلا تقوم بتغيير ملابسه أمام أحد. للأسف بعض الأمهات تغير لطفلها على الملأ ويبدأ البعض باللعب بالأعضاء التناسلية للطفل والضحك عليه على أساس أنه "صغير وما بفهم" حتى إذا صار عمره سنتين يبدأ بالركض بالمنزل أمام الجميع دون ملابس ولا تجد العائلة ذلك عيباً! في حين أنه وجب عليها أن تقوم بهذا العمر بالحديث معه بشكل مستمر كلما غيرت ملابسه أو أدخلته المرحاض عن أن جسده ملكه هو فقط وأن هناك أعضاء من جسده خاصة جداً لا يجب لأحد أن يراها أو يلمسها إلا الأبوان أو المربية لغاية النظافة وبإذن منه فقط؛ وإن قام أحد بلمسه أو محاولة الكشف عن جسده يجب عليه أن يصرخ ويخبر والديه لأن هذا أمر خاطئ.
- إذا كان الطفل يلعب مع طفل آخر من غير جنسه وفهم الفرق بينهما، يمكن للاهل أن يفسروا الفرق بين الصبي والبنت بلغة ذكية.
2-الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-5 سنوات
- في هذا السن، يزداد فضول الأطفال بشكل غريب من اجل معرفة جميع الجوانب الجنسية، وعلى سبيل المثال، يبدأ بطرح أسئلة مثل ما هو الفرق بين الفتاة والصبي؟ كيف يولد الطفل و ...
- ان الطفل، ومن خلال الألعاب كلعبة الطبيب والمريض، يسعى الى إرضاء فضوله حول أعضائهم التناسلية وغيرها.
- هنا يجب على الاهل الإجابة بكل بساطة ومهنية على أسئلة اطفالهم. بحيث يجب مراعاة فهم الاطفال فمثلاً في عمر الخمس سنوات تتحدث اليه عن أن النباتات فيها الذكر وفيها الأنثى وأن هناك ما يسمى التلقيح وهذا ينتج نباتاً جديداً. ثم تتحدث إليه عن الحيوانات وهكذا بحسب المرحلة العمرية. ويمكنك لفت نظره الى الآيات التي ذكر الله فيها أنه خلق ذكراً وأنثى ويمكنك أيضاً سرد قصة سيدنا لوط لتبين له أن هؤلاء خرجوا عن فطرة الذكر والأنثى فعذبهم الله.
3-الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 -9 سنوات
- ان معظم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-9 سنوات يحبون اللعب مع أطفال من مثل جنسهم وهم حساسون تماما لهذه الامور.
- يولي اهتماماً خاصاً لاحاديث الآخرين وأفراد الأسرة ووسائل الإعلام، و... عن المسائل الجنسية.
- لديه إدراك شبه كامل حول أدوار الفتيان والفتيات.
- وبما أن الطفل أصبح أكثر وعيا فيجب على الاهل ان يكونوا أكثر وضوحاً في شرح الأمور.
4-الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10-14 سنوات
- في هذه المرحلة، يصبح الطفل أكثر اكتمالا، والمشاعر العاطفية والسلوك العاطفي والجنسي تتجلى فيه.
- في هذه المرحلة يجب على الاهل ان يُشعروا الطفل بالأمان عند الحديث عن الأمور الجنسية ويوفروا له مساحة آمنة للسؤال عن كل ما يسمع ويرى ويتبادر لذهنه وان لم يفعلوا ذلك فسوف يكون هناك بديل ونحن لا نعرف ما هو ومن هو هذا البديل؛ فقد يكون فيلم اباحي أو صديق منحرف أو معلومات خاطئة.
5-الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15-18 سنوات
- الفهم الجنسي في هذه المرحلة هو في أكثر مراحله اكتمالا.
- يميز الشخص العلاقات الجنسية السليمة والمرغوبة من العلاقات غير الموثوقة وغير المشروعة.
- يمكن للمراهق اختيار طرق صحية للتعبير عن الحياة الجنسية والعواطف.
- يمكنه ان يدرك الآثار السلبية للعلاقات الجنسية ويتعلم منها.
ومن هذا المنطلق، تظهر لنا اهمية التربية الجنسية للأطفال ويتوجب علينا كأهل ومسؤولين عن اطفالنا أن نقوم بمهمتنا التربوية بشكل صحيح لأنها أمانة وضعها الله في أعناقنا وسنسأل عنها يوم الحساب، لذلك علينا أن نثقف أنفسنا وأن ندرك أن الثقافة الجنسية ضرورة ملحة وليست عيباً.