الوقت- مما لا شك فيه أن محنة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لا تقتصر على احتلال أراضيهم وفقدهم منازلهم من قبل الصهاينة، بل اخذت هذه الاعتداءات ابعاد أكبر حيث ظل بعضها مخفيا او تم تجاهله. ويتناول التقرير أحد أكثر الجوانب الفظيعة واللاإنسانية في هذه القضية، حيث بذل الكيان الصهيوني حتى الآن الكثير من الجهود لمنع كشفها.
ظاهرة الاعتداء على السجناء الفلسطينيين واغتصابهم
هنالك تقارير موثوقة تثبت أن معظم الفلسطينيين الذين أسرتهم قوات الاحتلال الصهيوني، يتعرضون لجميع أشكال الاغتصاب والاعتداء الجنسي على يد قوات الاحتلال، بالإضافة إلى التعذيب والمضايقات الجسدية والنفسية.
ونتيجة لذلك، فإن الضحايا الرئيسيين لهذه الاعتداءات والاغتصابات هم من النساء والأطفال الفلسطينيين، حيث تحاول السلطات الصهيونية، وخاصة في المؤسسات الأمنية والعسكرية دائما، تغطية القضية والتعتيم عليها ومنع إقامة شكاوى ضدهم على مدى السنوات الماضية، حيث لا توجد أرقام دقيقة لضحايا الاعتداءات أو شكاواهم. وتشير تقارير واحصائيات قليلة إلى أن 40 في المائة من الأطفال الفلسطينيين تعرضوا للتحرش الجنسي في السجون الصهيونية.
وتبين هذه الإحصائيات أن هذه القضية لا يمكن أن تقتصر على الحالات الفردية، خاصة وأننا نجد بين حين وآخر فتاوى من الحاخامات الصهاينة تجيز لقوات الاحتلال الاعتداء على الفلسطينيين واغتصابهم، خاصة في الحروب.
شهادة امرأة فلسطينية
بعد سنوات وعلى الرغم من العقبات والتعتيم، أفصحت امرأة فلسطينية عن قصة تعرضها للاغتصاب على يد الجنود الإسرائيليين وذلك خلال حضورها في احدى المحاكم. وقد كشفت المرأة الفلسطينية، بعد سنوات من الاغتصاب، الحادث في أواخر تشرين الأول / أكتوبر 2017.
ويُظهر إفصاحها المتأخر للاغتصاب، حساسية القصة ورغبة العديد من المسؤولين الصهاينة الى عدم الكشف عن هذه الحالة أو إدراج تقرير رسمي عنها، وكل ذلك جعل من الصعب جدا الحصول على أرقام موثوقة عن تلك الحالات.
وتقول المرأة الفلسطينية إن القضية تعود إلى الوقت الذي منعها الجنود الإسرائيليون من دخول القدس المحتلة، وبعد اعتقالها، اقتادوها إلى إحدى المقار الأمنية للكيان في القدس المحتلة، حيث تحرش بها جندي إسرائيلي. وأضافت، إن الجندي الصهيوني وضعها تحت ضغط شديد لعدة ساعات من أجل تلبية مطالبه المخزية. وتابعت، على الرغم من أنه لم يتمكن من الوصول إلى غايته الحيوانية، إلا أنه لم يمض وقت طويل قبل أن ينضم إليه جندي صهيوني آخر ليغتصبها.
وترفض العديد من الفتيات والنساء الفلسطينيات مقاضاة مرتكبي وجناة هذه الجرائم كونها تتعلق بشرفهن وكرامتهن وأسرهن، حيث ان هذه المرأة الفلسطينية، لم يكن لها ان تأتي الى المحكمة لولا وجود أحد أقربائها الذين لعبوا الدور الرئيسي في إقناعها بحضور المحاكمة.
نظرة في وقائع الاغتصاب في أرشيف النيابة العسكرية الإسرائيلية
قام عامر أورين، أحد أبرز الصحافيين الإسرائيليين في صحيفة هآرتس، بالهجوم على خطاب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، غادي ايزنكوت، وبالأخص فيما يتعلق بشأن «طهارة سلاح الجنود الاسرائيليين» معتبرًا أن بكلماته «خطأً كبيرًا»، ولفت إلى ما وصفه بـ “تاريخ من الفساد والعفن يقف وراء موروث المعارك الاسرائيلية".
وفي 3 أبريل / نيسان 2016، أصدر هذ الصحفي الإسرائيلي البارز تقريرا يرفض فيه تصريحات إيزنكوت، مستشهدا بأرشيف النيابة العسكرية الإسرائيلية، الذي كان مليئا بأدلة من جرائم الحرب، بما في ذلك تصفية الاسرى واغتيال وحالات اغتصاب السجناء الفلسطينيين الذين نَفتهم السلطات الصهيونية دون معاقبة مرتكبي الجرائم، وكانت حالة هذه المرأة الفلسطينية واحدة من تلك الحالات التي لا حصر لها.
الحاخام الأكبر لجيش الاحتلال أفتى بجواز اغتصاب الفلسطينيات!
"يجوز لجنود إسرائيل اغتصاب الفلسطينيات وغير اليهوديات في حالة الحرب."
هذه الفتوى هي واحدة من سلسلة الفتاوى المثيرة للجدل التي أصدرها أيال كريم، الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي. وفي فتاوى أخرى، أجاز كريم بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين، لانتزاع الاعترافات وقتل للفلسطينيين المصابين. وهذه الفتاوى هي في الواقع وثيقة لا يمكن إنكارها، وأدلة على جرائم الحرب واغتصاب الفلسطينيين، وهو ما لفت اليه مقال أروين وانتهى في نهاية المطاف بإهمال مرتكبي الجرائم وعدم معاقبتهم.
وردا على تصريحات كريم المثيرة للجدل، قال إيزنكوت "ان هذه الفتاوى والأقوال تتعارض مع قيم الجيش الإسرائيلي"، ولكن هذا لا يعني إدانة الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي أو عزله عن منصبه.
شهادات عن التعرية القسرية والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب
"لدينا شهادات عدة موثقة ومروعة لأسيرات فلسطينيات معتقلات في السجون الإسرائيلية أو محررات، جميعهن يؤكدن أن المحققين الإسرائيليين يتحرشون بالأسيرات ويهددونهن بالاغتصاب، إذا لم يدلين باعترافات مطلوبة منهن."
هكذا يقول عبد الناصر فراونة، الباحث المختص بشؤون الأسرى، مدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية. فبالإضافة إلى حالات الاغتصاب التي استعرضناها في التقرير، تروي بعض الفلسطينيات المحررات من الأسر، ما تعرضن له من اعتداءات جنسية، وتعرية قسرية، وتحرش جنسي، وتهديد بالاغتصاب من جنود الاحتلال الإسرائيلي في سجون إسرائيل. من بين هذه الحالات، كانت الأسيرة المحررة «أ. ح» التي قالت بأنها «تعرضت لمحاولات اغتصاب ولتعذيبٍ قاس ما زالت آثاره على جسدي حتى اللحظة على رغم مرور سنوات طويلة عليها"
وهو أمر مشابه لما تعرضت له أسيرة أخرى، حيث تعرضت إلى تحرش المجندات وتفتيشها عاريةً أمام الجنود وتقول: «في لحظة اعتقالي كان هناك أربع مجندات أدخلنني وفتشنني تفتيشًا عاريًا، وكان أحد الجنود في الغرفة، وعندما رفضت خلع ملابسي أمامه، أمرهم بالاعتداء عليّ بالضرب الشديد وخلعوا عني ملابسي بالقوة».
التعذيب الجنسي ممنهج في سجون الاحتلال.. ولم يسلم منه 40% من الأطفال المعتقلين
"السلطات الإسرائيلية تراقب التعذيب الجنسي الممنهج".
هكذا خلص تحقيق للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، وأجرى التحقيق دانيل واشيت، العضو باللجنة، وانتشر التحقيق في نوفمبر 2015، وجاء تحت عنوان "التعذيب الجنسي من السلطات الإسرائيلية ضد الرجال الفلسطينيين" وتضمن التحقيق شهادات الاعتداءات الجنسية في الفترة من عام 2012 وحتى عام 2015، ورأى منفذه أن هذا التحقيق هو الأول من نوعه.
وكشف التحقيق أن الرجال الفلسطينيين، عرضة أيضًا للاعتداءات الجنسية من قوات الاحتلال وليس النساء فقط، وتمكن واشيت من توثيق 60 شهادة حول الاعتداءات الجنسية والتعذيب الجنسي الذي تعرض له الفلسطينيون، تضمنت77 حالة اعتداء جنسي، تنوعت بين التحرش الجنسي اللفظي (36 حالة)، والتعرية القسرية (35)، والاعتداء الجنسي البدني (6).
التعدي القاسي على طفل فلسطيني واعتقاله
وفي ذات السياق، لم يسلم الأطفال الفلسطينيون أيضًا من الاعتداءات الجنسية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ففي نوفمبر 2014، أصدرت مجموعة «نادي السجناء الفلسطينيين» تقريرًا أفاد بأنه من بين 600 طفل الذين اعتقلوا في القدس منذ يونيو (حزيران) 2014، هناك 40% منهم تعرضوا لاعتداءات جنسية من قوات الاحتلال، وهو ما يعادل 240 طفلًا.