الوقت – اعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي ان حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي غادر بغداد يوم الاربعاء ( 25 تشرين الاول / اكتوبر ) متجهاً الى انقرة ومن ثم الى طهران. وسيرافق حيدر العبادي وزير الداخلية العراقي ووزير النفط ووزير التخطيط والطاقة ومستشار الأمن القومي ومسؤولين آخرين.
ومن المتوقع ان يلتقي رئيس الوزراء العراقي، في زيارته الى تركيا وايران، بمسؤولين من الجانبين التركي والايراني ويتباحث معهم سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والامنية والاقتصادية والتجارية، وايضا ايضاح منهاج العراق تجاه مستقبل المنطقة في مرحلة ما بعد داعش والحفاظ على وحدة البلاد وكذلك إعادة إعمار المناطق المحررة.
نهج التقارب والعلاقات الاستراتيجية مع تركيا وإيران
إن الحاجة إلى زيادة تعزيز العلاقات مع دول الجوار والتأكيد على التنسيق في مجال إيجاد الاجراءات اللازمة لممارسة الضغوط ضد المخططات الرامية الى تقسيم المنطقة، ولا سيما إقليم كردستان العراق، هي الاستراتيجية الحالية للعراق للنهوض بمصالحه القصيرة والبعيدة الأجل.
العراق والعلاقات الخاصة مع طهران
في الأيام القليلة الماضية، قام وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، والتي أثارت احاديثا تفيد بعدم انضمام العراق إلى محور المقاومة وعدم تماشيه معه، كما تم طرح قضية انضمام العراق إلى التحالف العربي - الغربي، ولكن السلطات العراقية وقادتها وعلى رأسهم رئيس الوزراء، أكدوا على ضرورة الحفاظ على العلاقات الخاصة مع طهران مُعربين انهم لن يُفرطوا بالعلاقات مع طهران من اجل علاقات اخرى، ومع زيارة العبادي هذه إلى طهران، فقد رَفض رئيس الوزراء العراقي جملة وتفصيلا، اجراءات وضغوط البيت الأبيض وبعض البلدان الإقليمية بتخفيض مستوى العلاقات مع طهران.
ولذلك، في سياق مرحلة ما بعد داعش وعودة الأمن والاستقرار إلى العراق، ستكون الحاجة ملحة بشأن تعزيز العلاقات مع العراق في المجال الاقتصادي، ولا سيما إعادة إعمار ما خلفته الحرب والدمار وستكتسب أهمية أساسية، حيث سيتم مناقشة هذه القضايا الاقتصادية في الزيارة المقبلة للعبادي الى العاصمة طهران. لذلك وفيما يتعلق بالتجارة الجيدة بين طهران وبغداد، أصبح توفير الارضية المناسبة لزيادة الاستثمار وتعزيز العلاقات الاقتصادية، أولوية للمسؤولين في بغداد في الوضع الراهن.
استمرار مكافحة الإرهاب بمساعدة دول الجوار
صحيح أن تنظيم داعش الارهابي قد تم القضاء عليه في العراق، ولكن أحد الركائز الأساسية لزيارة حيدر العبادي لطهران يجب أن يُنظر إليها في إطار حملة فعالة وشاملة ضد الإرهاب في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بمستقبل العراق وسوريا. إن الاهتمام الرئيسي للسلطات في بغداد هو استخدام قدرات طهران وغيرها من الجهات الاقليمية الفاعلة، لتوجيه الضربات النهائية للإرهابيين، ولا سيما ما تبقى من عناصر تابعة لتنظيم داعش، واتخاذ تدابير واجراءات جادة للحفاظ على استقرار وأمن البلاد في المستقبل.
ونظرا إلى أن جميع الأراضي العراقية قد تم تطهيرها من الإرهابيين تقريباً، فقد اثارت نقطتين قلق المسؤولين في بغداد فيما يتعلق بتحركات تنظيم داعش الارهابي. الأول، هو ضرورة مواجهة العمليات الانتحارية وغيرها بعد مرحلة داعش، والثانية، أن تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى لا تزال تزاول نشاطها الارهابي في سوريا المجاورة. وبالتالي، يبدو أن إيران، التي كانت قد وقفت دائما إلى جانب الحكومة والشعب العراقي، وقدمت في هذا المجال الكثير من المساعدات العسكرية والمادية والمعنوية للسلطات في بغداد للقضاء على الإرهابيين، ستستمر في التأكيد على هذا الدور ومواصلة استمراره وانها لا زالت ضمن جدول أعمال حيدر العبادي في المرحلة الحالية.
رسائل هذه الزيارة
هذه هي الزيارة الثانية التي قام بها حيدر العبادي لطهران في الأشهر الستة الماضية. ونظرا لرغبة العراق في عهد رئيس الوزراء العراقي الحالي، في الحفاظ على علاقات قوية وواسعة مع طهران، فيمكن لهذه الزيارة أن تكون أكبر رد على التخضيم الإعلامي من قبل وسائل الإعلام الغربية والعربية بعد الزيارات السابقة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي إلى المملكة العربية السعودية والأردن ومصر.
وتبين زيارة العبادي لطهران أن العلاقات بين إيران والعراق ليست زيارات فردية، بل ان لهذه العلاقات بعدا استراتيجيا لا تتأثر بتغيير المسؤولين من المناصب الحكومية في العراق، كما أن الشائعات وما تثيره وسائل الاعلام التي تعارض توثيق العلاقات بين البلدين الجارين، لن تؤثر على هذه العلاقات العميقة، وأن مسؤولي البلدين دائما قد أكدوا انهم على استعداد من اجل تعزيز العلاقات المشتركة في كافة المجالات التي تعود بالنفع على شعبي البلدين.
وبشكل عام، يمكن القول ان ابرز محاور المحادثات حول زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى العاصمة طهران، هي توسيع السياحة الدينية، واستمرار مكافحة الارهاب ومواجهته، وتنسيق الجهود لمنع دعوات الانفصال وتعزيز العلاقات الاقتصادية التي تتعلق باعادة اعمار وبناء العراق. هذه القضايا كلها تعكس عن وجود علاقات وثيقة بين شعبي وحكومتي البلدين.