الوقت- كشفت تقارير حقوقية موثقة عن العديد من حالات التعذيب الوحشية داخل السجون السعودية، مؤكدة وجود آلاف المُعتقلين في غياهب السجون يعانون من شتى وسائل القمع والتنكيل وبدون أي تهمة مُحددة أو محاكمات عادلة بالاضافة الى إجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها.
وتحدثت التقارير الحقوقية عن وفاة عدد من المعتقلين تحت التعذيب في سجن ذهبان وهو سجن مركزي ذو حراسة مشددة، الذي يقع على بعد 19 كيلومترًا إلى الشمال من وسط جدة ويعتبر من أكبر السجون في السعودية.
ومن الأمثلة على القمع والتعذيب في السعودية، قيام الأمن باعتقال الناشط خالد العمير لمدة 8 سنوات وذلك لاحتجاجه على العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، ولم تفرج عنه الرياض الى قبل أشهر بعد اعلان اضرابه عن الطعام ، نتيجة انقضاء فترة اعتقاله التعسفي، من أجل المطالبة بالإفراج عنه، الأمر الذي لم يحدث إلا في أبريل (نيسان) من العام الحالي، ويؤكد العمري نفسه أن تعرض للاختفاء القسري لمدة طويلة قاربت الشهرين دون السماح له بالاتصال بأهله كما أنهم لم يعرفوا مكان احتجازه، وأنه أمضى الأسبوعين الأولين من اختفائه في سجون المباحث، ثم نقل إلى سجن الحاير وحُبس في زنزانة انفرادية لمدة شهر ونصف، قبل أن ينقل إلى العنابر الجماعية ويسمح لأهله بالزيارة، كما تعرض للتعذيب أثناء التحقيق معه وبعد نقله لسجن الحاير، و تعرض للمعاملة السيئة من قبل السجانين خلال فترة اعتقاله.
وفي مثال أخر يروي محامي سعودي كيف أجبر 30 فرداً يحملون جنسيات سعودية وإيرانية وأفغانية على الاعتراف بالتجسس لحساب إيران واحتجزوا بعد القبض عليهم بمعزل عن العالم الخارجي، وحرموا من الاتصال بأسرهم و بمحامين لثلاثة أشهر؛ وأُخضِعَ بعضهم للحبس الانفرادي فترات مطولة.
الممارسات الوحشية للأمن السعودي طالت أيضا المعتقلات النساء، اذ تشير تقارير حقوقية الى ان المعتقلات يتعرضن للضرب بالسياط، مع تصويرهن أثناء التعذيب بالكاميرات المحمولة من قبل ضباط الأمن السعوديين، كذلك يأمرن بخلع ملابسهن للتفتيش، ولو اعترضتن على عدم وجود جهاز الكتروني للتفتيش يتم ضربهن وتعذيبهن باستخدام العصا الكهربائية.
تعذيب وحشي للمقيمين
التعذيب داخل سجون المملكة لا يقتصر على المواطنين السعوديين بل يطال حتى المقيمين من الجنسيات العربية، سواء بصورة شرعية أو غير شرعية، ويروي أحد المقيمين اليمنيين في المملكة معاناة التعذيب التي تعرض لها، حيث أكد عبد الله محمود صالح أنه تعرض للتعذيب خلال أربع سنوات قضاها سجينًا في عدد السعودية على يد ضباط ومحققين سعوديين، ويضيف قائلاً:" لقد نكلوا بي وعذبوني، سحبوني إلى الحمام ووضعوا وجهي في مكان المخلفات البشرية (من بول وبراز) وغيرها من النجاسات، ثم داسوا على وجهي بنعالهم، ولم أستطع أن أتعرف على وجوه من فعلوا بي ذلك، لأنهم غطوا على عيوني"، ويشير صالح الى أنه وبعد اربع سنوات قضاها في السجن تبين للأمن السعودي أنه ليس الشخص المطلوب.
كما حكى المواطن الكويتي ناصر الهاجري، عن اعتقاله تعسفيًا لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في السعودية، ذاق خلالها صنوفًا بشعة من العذاب الجسدي والنفسي، دون توجيه أي اتهام له، أو عرض على محكمة بحسب أقواله، وأصيب خلال فترة الاعتقال بسرطان الجلد، وتم إهمال علاجه أو عرضه على طبيب، مما أدى إلى تفاقم حالته وانتشار المرض في أنحاء جسده.
منظمات حقوقية: السعودية تتبع أساليب وحشية في سجونها
بدورها تؤكد جمعية حسم المعنية بحقوق الانسان في السعودية والتي أسسها 11 ناشطًا حقوقيًا وأكاديميًا عام 2009، وجود شهادات موثقة عن الضباط تفيد بتوجيهات وتعليمات من وزير الداخلية الأسبق الأمير نايف بشكل صريح للممارسات أقصى طرق التعذيب وحشية، مشيرة الى أنها تملك شهادات موثقة عن أن الضباط يحصلون على توجيه من محمد بن نايف"، والذي كان مساعد وزير الداخلية آنذاك.
في حين أكدت منظمة العفو الدولية في أكثر من تقرير أن السعودية فشلت في تطبيق توصيات الأمم المتحدة بشأن تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، متهمة المملكة بأنها صعدت حدة القمع، باللجوء إلى احتجاز المعارضين بشكل تعسفي وتعذيب الناشطين.
وأكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي 2016 – 2017، أن السلطات السعودية تتبع أساليب وحشية للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لانتزاع اعترافات من المحتجزين لاستخدامها دليلًا ضدهم في المحاكمة. وأنها كثيرًا ما أدانت متهمين استنادًا إلى اعترافات مطعون فيها، أُدلِيَ بها خلال الاحتجاز السابق للمحاكم.
كما اتهم مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية السعودية بالاعتماد على نفوذها السياسي والاقتصادي من أجل ردع المجتمع الدولي ومنعه من انتقاد سجل السعودية السيئ جدًا في مجال حقوق الإنسان بحسبه، وأردف قائلًا: "إنه وبسبب احتجاز الناشطين السلميين وتعذيبهم وسجنهم بطريقة تعسفية في السعودية منذ ذلك الوقت، فإن المجتمع الدولي له واجب التدخل ومحاسبة السلطات".