الوقت - كشفت دراسة بحثية أن دول أوروبا تُقبل بشكل متزايد على شراء السلاح الإسرائيلي، في ظل ارتفاع الموازنات العسكرية للقارة بنسبة 3%. لتصبح أوروبا وعلى مدى السنوات الماضية ثاني أكبر مستورد للسلاح الإسرائيلي.
وتؤكد الدراسة التي نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن دول أوروبا ضاعفت صفقاتها العسكرية مع إسرائيل من 724 مليون دولار عام 2014 إلى 1,6 مليار دولار عام 2015، ووصلت في 2016 إلى 1,8 مليار دولار.
وتمثلت المكونات الأهم في اتفاقيات صادرات السلاح الإسرائيلية إلى أوروبا بتطوير طائرات وأنظمة جوية، وأجهزة المراقبة وأنظمة البصريات الإلكترونية، والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، والذخيرة ومعدات تسليح متطورة، وأنظمة رادار، وأنظمة استخبارات، وطائرات دون طيار، فضلاً عن بيع خبرات في مجال حرب "السايبر".
وشكلت لقاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" مع زعماء دول شرق أوروبا مؤخراً قاعدة لتوطيد العلاقات العسكرية الثنائية، بما في ذلك تعزيز موقع إسرائيل كمصدرة للسلاح إلى دول أوروبا.
وهناك جملة أسباب زادت من صادرات السلاح الإسرائيلية إلى أوروبا، منها انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدم اليقين بمصداقية الضمانات الأمنية الأمريكية للدول الأعضاء بحلف الناتو، مما خلق حاجة أكبر للصناعات العسكرية الإسرائيلية. فضلاً عن التعاون الإسرائيلي - الأوروبي المسبق في مجال تطوير الطائرات بدون طيار والصواريخ وعلم الفضاء.
انتعاش الصناعات العسكرية الإسرائيلية بفعل الأزمات الأوروبية
شكلت الأزمات والحوادث الأمنية، بما فيها التفجيرات الإرهابية المختلفة، في العواصم الأوروبية، سواء التي تبناها تنظيم "داعش"، أو منظمات وجماعات إرهابية أخرى، في العامين الأخيرين، بمثابة هدية سياسية لإسرائيل. فقد سارع رئيس نتنياهو في كل مرة يقع فيها هجوم إرهابي في أوروبا، لتوظيفه في خدمة سياسة الاحتلال.
وثمّة معطيات رسمية تظهر مدى ارتفاع الصادرات الإسرائيلية إلى أوروبا، في العامين الماضيين، مع التركيز على الصادرات الأمنية من الأسلحة المختلفة ومنظومات الحماية والحراسة المختلفة، بمعزل عن كل الخطوات والقرارات الأوروبية المتعلقة بمقاطعة منتجات المستوطنات في الأراضي المحتلة.
ووفقاً لدراسة جديدة نشرها "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي"، ازداد في الأعوام الأخيرة الطلب الأوروبي على وسائل قتالية مختلفة من صنع إسرائيلي. وذكرت الدراسة أن هذا الارتفاع في الطلب الأوروبي مرشح للزيادة باستمرار، خصوصاً من قبل دول أوروبا الشرقية،
ولفتت الدراسة إلى أن سبب هذا الارتفاع في المبيعات الإسرائيلية يتمثل أيضاً في زيادة حجم المخصصات المالية في موازنات الدول الأوروبية نفسها لأغراض الأمن، والتي ارتفعت خلال العام الماضي بنحو 3 بالمائة.
والصفقات التي أبرمتها إسرائيل مع الدول الأوروبية تضمنت أيضاً تحسين وتطوير مقاتلات جوية وأنظمة دفاع جوي (نحو 20 بالمائة من مجمل الصفقات)، وذخيرة وأسلحة نارية (13 بالمائة) وشبكات رادار وإنذار مبكر (12 بالمائة) وشبكات ومنظومات استخباراتية وتجسس و"سايبر" (8 بالمائة) وطائرات مسيّرة (7 بالمائة).
ومع أن التطورات الأمنية في القارة الأوروبية فتحت أمام إسرائيل أسواقا جديدة في أوروبا الشرقية، إلا أن الارتفاع الأكبر هو في صفقات السلاح التي أبرمت مع دول غرب أوروبا، إذ تحولت بعض الدول من مزودة للسلاح إلى دول مستوردة له. وهذا ما يحدث مثلاً في العلاقات مع ألمانيا التي باتت تبرم صفقات كبيرة مع إسرائيل على أثر البرودة في علاقاتها مع كل من أمريكا وبريطانيا.
وأشار موقع صحيفة "ميكور ريشون" إلى أن هذا التطوّر جاء بعد أيام على الكشف عن توقيع ألمانيا على عقد مع شركة "الصناعات الجوية" الإسرائيلية بقيمة 600 مليون دولار لشراء طائرات بدون طيار.
وذكر الموقع أن عمليات التسلح هذه جارية على قدم وساق في كل من رومانيا وبولندا وهنغاريا وفنلندا، وأن إسرائيل هي المستفيدة من هذه التطورات. فرومانيا لوحدها رصدت لعملية التسلح وبناء قوتها العسكرية لغاية الآن، أكثر من 14 مليار دولار.
وزادت الأزمة الأوكرانية (عام 2014) من المخاوف الأمنية الأوروبية، وعززت ميل بعض الدول الأوروبية إلى اتباع سياسة تقضي بالاعتماد على نفسها أكثر في مجال حماية أمنها القومي، وشكل هذا التحول فرصة لإسرائيل من أجل السعي لزيادة المبيعات العسكرية لهذه الدول سواء كانت أسلحة ثقيلة كالمدرعات والدبابات أو تقنيات لحرب "السايبر" والتجسس التكنولوجي المتطور.
وتدلل كل المؤشرات على أن الهجمات الإرهابية التي شهدتها بريطانيا أخيراً، لا سيما الهجوم الذي تعرّضت له العاصمة لندن ستسهم في تحسين الأوضاع لصالح إسرائيل من خلال رفع تعاونها العسكري والاستخباراتي مع الدول الأوروبية.
في هذا السياق، ذكر موقع صحيفة "معاريف" أن الممثلية الإسرائيلية في مقر حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بروكسل تعمل على تسويق منتوجات الصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية داخل الحلف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الممثلين الإسرائيليين الذين يزداد عددهم في مقرّ الحلف باستمرار يعملون بشكل حثيث للتوسط بين شركات التقنية والسايبر الإسرائيلية والأمانة العامة للحلف من أجل تحسين فرص التوقيع على المزيد من العقود مع الحلف.
وأعادت الصحيفة للأذهان حقيقة أن نجاح أية شركة إسرائيلية، سواء متخصصة في مجال تصنيع التقنيات العسكرية أو السايبر، في التوقيع على عقد لبيع تجهيزات أو برمجيات للأطلسي يعدّ "دفعة هائلة" لمبيعات هذه الشركة، على اعتبار أن للحلف متطلبات ضخمة، فضلاً عن أن نجاح شركة في الحصول على ثقة الحلف يعني توقيع مزيدٍ من العقود في المستقبل.