الوقت- "ليست ايران وحزب الله او الفلسطينيون وانما اوروبا الغربية تمثل اهم تحد لاسرائيل في عام 2015"، هكذا تنبأ وزير الخارجية الاسرائيلي"اويغدور ليبرمان" مستقبل علاقات بلاده مع أوروبا "الأب الحنون" للكيان الصهيوني حتى الفترة الأخيرة، فهل أصبح الكيان الصهيوني "ولد عاق" بالنسبة لأوروبا؟ وهل وصل نفاد صبر الأوروبيين بالتعنت الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين لنقطة القطيعة؟ وهل يجعل إحباط الأوروبيين من سياسة التوسيع الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ميالين لفرض موضوع الدولة الفلسطينية، وصولاً الى القطيعة السياسية فالعقوبات الاقتصادية؟
ليبرمان وزير خارجية الكيان العدو اعتبر في اجتماع بسفراء اسرائيل لدى الدول الاوروبية انه من غير ايران تعتبر اوروبا ضمن اهم التحديات لاسرائيل للعام الميلادي الجديد، وقال:"الدول الاوروبية تكرر تهما في مواقفها ضد اسرائيل اشبه بافتراءات (بروتوكولات زعماء صهيون)".
كما ووجه ليبرمان انتقاده لبرلمانات الدول الاوروبية. اذ ان مجالس ايرلندا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول قد اعترفت بشكل رسمي بدولة للفلسطينيين، والذي ووجه بانتقاد شديد من قبل الحكومة الاسرائيلية.
وخلال حديثه خص وزير خارجية كيان العدو انتقاده للسويد وايرلندا، قائلا: ان اسرائيل هي الممثلة الوحيدة لقيم الغربيين في الشرق الاوسط، الا ان الاوروبيين يحاولون التخلي عن اسرائيل.
ربط ليبرمان أعمال السويد وايرلند بإتفاق ميونيخ عام 1938 الذي تخلت ضمنه بريطانيا وفرنسا عن السيطرة عن منطقة السوديت لألمانيا في محاولة فاشلة لمنع الحرب العالمية الثانية، وقال:"ان سلوك السويد وإيرلندا تجاهنا يشبه ذلك الذي أدى إلى تفكك تشيكوسلوفاكيا”.
في السياق نفسه هاجم وزير خارجية اسرائيل التحركات الفلسطينية المتزامنة فى الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي وجنيف، قائلا: إنها جزء من حملة سياسية مدبرة تستهدف فرض الأمر الواقع على إسرائيل.
وأضاف:"إن إسرائيل لن توافق على أي إملاءات فلسطينية محذرا من تدهور الموقف فى المنطقة إذا حاول الفلسطينيون الاستعانة بجهات دولية من أجل فرض الحل المرغوب فيه بالنسبة لهم على إسرائيل، على حد تعبيره. وزعم أفيجادور ليبرمان، أن الدول الأوروبية التي تتعاون مع الفلسطينيين فى هذه التحركات تصب الزيت على النار، داعياً إلى إطلاق مبادرة سياسية إسرائيلية لمواجهة التحركات الفلسطينية.
وأكد وزير الخارجية الاسرائيلي أن استمرار الجمود السياسي قد يفضي إلى فرض عقوبات اقتصادية أوروبية على اسرائيل مثل ما حدث في الملف الروسي الأوكراني، وقال: "يتحتم علينا التوصل الى اتفاق سياسي، ليس بسبب الفلسطينيين او العرب، وانما بسبب اليهود، فهذا يعتبر مهما بالنسبة لعلاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. ولمن لا يعرف فان الاتحاد الاوروبي هو اكبر سوق لنا، من ناحية الصادرات وكذلك من ناحية الواردات".
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن ليبرمان قوله: "اذا لم نبادر فسنصل الى تسونامي سياسي"، وحسب رأي ليبرمان، "يخطئ من يعتقد انه يمكن الحفاظ على علاقات اقتصادية وثيقة في وقت تتدهور فيه العلاقات السياسية".
دولة فلسطينية
محاوف ليبرمان تأتي بعد تصويت الإتحاد الأوروبي بأغلبية ساحقة “من حيث المبدأ” على دعم الإعتراف بالدولة الفلسطينية بعد اصدار المحكمة الأوروبية في لوكسمبورغ قراراُ يقضي بإلغاء إدراج حركة «حماس» على قائمة الإرهاب الأوروبية، مع العلم أن المذكرة نسخة مخففة لمشروع القرار الأصلي، الذي دعا الدول الأعضاء في الإتحاد الأووبي إلى الإعتراف بالدولة الفلسطينية من دون شروط.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية علقت على قرار محكمة لوكسمبورغ، قائلة: "يضاعف قرار المحكمة من التوتر بين "إسرائيل" والدول الأوروبية. لا سيما وأنه تزامن مع نفاد صبر الاتحاد الأوروبي من تعثر الجهود نحو إرساء السلام في الشرق الأوسط، وهو ما صب في مصلحة الآراء الداعمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
هذا وقد قامت كل من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيرلندا والبرتغال في وقت سابق، بتمرير مذكرات تدعم الإعتراف في نهاية المطاف بالدولة الفلسطينية،فيما ذهبت السويد أبعد من ذلك، واعترفت رسميا بفلسطين كدولة، كما أن فردريكا موغريني رئيسة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أعلنت رغبتها بقيام دولة فلسطينية في أثناء فترة عملها في المنصب الجديد.
عزلة دولية
في ظل الاعتداءات الوحشية للكيان الصهيوني على قطاع غزة، وتزامنا مع سياسة نتنياهو الاستيطانية ، تنامت عزلت الكيان الصهيوني على الساحة الدولية عموماً، والأوروبية على وجه الخصوص ،وما الاعتراف بدولة فلسطين عن هذا ببعيد.
نتنياهو انتقد القرار الأوروبي مذكراً الأوروبيين بستة ملايين يهودي "ذُبِحوا" على أرض أوروبا،وقد اعتبر شمعون شيفر في "يديعوت" أن نتنياهو في استخدامه لـ"المحرقة النازية" في مواجهة الأوروبيين، إنما استخدم "سلاح يوم القيامة"، متهماً الأوروبيين بالمسؤولية عن إحراق اليهود. وحذّر من أن هذا الأسلوب لم يعد مجدياً عند الأوروبيين، حيث نقل عن أحد ديبلوماسييهم قوله إن «هذه ليست المحرقة، ولن نتحمّل بعد الآن استمرار الوضع القائم .
اذاً، التحول في المواقف الأوروبية يترافق مع تزايد واضح في العداء لإسرائيل في داخل دول غرب أوروبا، حيث أظهر استطلاع أجراه معهد غالوب لصالح تلفزيون بي بي سي البريطاني، أن ثلثي وثلاثة أرباع السكان في كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا يحملون أفكاراً سلبية تجاه سياسات إسرائيل، فضلاً عن نشر صحف أمريكية تقريراً مفاده أن عداء الشعب الأمريكي للكيان الصهيوني، يفوق عدائه لتنظيم داعش الارهابي.
في الختام، صحيح أن الاتحاد الأوروبي استهدف حتى الآن المستوطنات التي أقيمت على أراضي الفلسطينيين، ولكن لا يستبعد أحد قيامه بفرض مقاطعة عامة في المستقبل، وقد تؤدي في النهاية الى عقوبات اقتصادية وبالتالي سلب شرعية الكيان الصهيوني في المجتمع الدولي.