الوقت- أحداث دموية متنقلة تجتاح العواصم والمدن الاوروبية, عبرهجمات تدور حولها تحاليل وتساؤلات كثيرة.
ظاهرة مرافقة لما يحدث أصبحت بارزة ومتكررة, تتجلى بالتصريحات الاسرائيلية والسلوك السياسي الملازم لكل عملية ارهابية, باتت تشكك في عدم ابتعاد اصابع عصابات الهاغانا الجديدة بلباس داعشي عما يحصل.
الحديث الاعلامي مؤخرا تناول عملية ارهابية طالت كنيسة في كوبنهاغن, وما سبقها في استراليا, واسبانيا, والعاصفة الارهابية المتعددة الرؤوس التي ضربت فرنسا, وما قبلها من احداث طالت الدنمارك والسويد..
مقابل هذا استثارة زكت ومهدت لهذه الحملات العنيفة عبر تهكمات وهتك حرمات تستفز طائفة اساسية في هذا العالم, تحت شعار حرية التعبير والاعلام التي بلغت مستوى حرية الاساءة والأذية وهتك الحرمات واستثارة النعرات الطائفية, وما شابهها من اعمال تجلى حرق القرآن من قبل قس امريكي محسوب على تيار معروف بالصهيونية المسيحية, وتعمد نشر صور وفيديوهات حول هذا العمل ومن ثم نشر صور كارتكاتورية وافلام مسيئة لحضرة الرسول الاكرم محمد(ص) وما تمثله هذه الشخصية النبوية العظيمة لملايين المسلمين حول العالم.
مسلسل الاساءات المتكررة التي لعبت دور المحرض, كانت تمهد لهذا اليوم الذي نسمع فيه في الاعلام بأن حركة اسلامية متشددة تتواجد بصورة الوحش حول العالم وتحمل سكينا وتحرق بشرا وتبيع نساءا, لتحتل راية داعش السوداء وشعاراته الاسلامية المنتقاة بعناية و افلام ذبح وحرق هوليوودية لافتة صفحات الانترنت والاعلام بلحظات وبدون موانع !!
إن سلوك هذا التيار التكفيري الخطير الناشط حول العالم وسط ادعاء عجز الاستخبارات الغربية عن مكافحته, يجعل المتفكر بتجرد والراصد بعين تحليلية لكل عملية يقوم بها تنظيم داعش الارهابي وما ينتج عنها وما يرافقها من تصريحات اسرائيلية وحراك سياسي يوازيها, عبرت عنه ألسن رجال الدين الصهاينة بأن داعش الارهابي هدية الرب لتحميهم ويعكسه القادة السياسيون الصهاينة في خطابهم بأن هذا التنظيم لا يشكل خطرا على الكيان الاسرائلي, وما يؤكده ويظهره جليا عبر التعاون والتنسيق المباشر بين داعش الارهابي والكيان الاسرائيلي في سوريا.
الحديث عن داعش الارهابي أنه وليد ظروف قائمة في الشرق الاوسط, هو كلام بسيط يشبه الكلام الجاري في اوروبا حول وقوف هذا التنظيم بفكره المتشدد وحده وراء هذه الاعمال الارهابية.
داعش الارهابي وبمئات الادلة وجه اسرائيلي امريكي بريطاني سعودي تركي قطري بامتياز, وهو طفل هجين مستنسخ في مختبرات مشتركة بين هذه الدول, ونسخة معدلة ومشوهة تلبس الاسلام صورة ارهابية منفرة, تستهدف الدين الاسلامي الوسطي عبر تشريع اشتهر فيه الاسلام وهو الجهاد, وهذا ما يؤديه ويشير اليه تثبيت مصطلح الجهاديين الذي تلتزم القنوات العالمية المغرضة اعتماده والتسويق له في مجتمعات الغرب للايحاء بأن ما يحصل في اوروبا من عمليات لداعش الارهابي هو جزء من واجب الجهاد الذي يقوم به المسلمون, الذين يريدون قمع صوت الحريات واسكات الاعلام الذي يعتبر مقدسا في فكر المجتمع الغربي ولهذا الموضوع وحده "اهتمام الغرب بالاعلام " بحث خاص في النشأة والأهداف.
العمليات الجارية في اوروبا يمكن تشخيص مفتعليها عبر التدقيق في النتائج التي تولدها ورصد تبعاتها, حيث يسعى الفاعل بشكل واضح الى ايجاد اصطفاف مسيحي متشدد مقابل اسلامي متشدد يدخل المجتمع الاوروبي في صراع مدمر ويعيد تشكيل البنية الفكرية للمجتمع الاوروبي على اساس متعصب متشدد معاد للاسلام, لمحاكاة التشدد الذي يصيب المجتمع الاسرائيلي, مما يشكل للكيان الاسرائيلي فرصة تزكية وتشجيع الهجرة الى الكيان المؤقت اسرائيل ويجلب التعاطف الغربي مع الكيان عبر التسويق بان الكيان الاسرائيلي يعيش وسط مجتمع داعشي ارهابي تتساوى فيه داعش مع حماس وحركات المقاومة عبر التسويق الاعلامي الممنهج, وهذه الحركات تحمل فكرا معاديا للكيان الاسرائيلي ومستوطنيه كما لاوروبا, لهذا يحتاج للاستمرار فيما يفعله من حروب يحمي فيها وجوده من قاطعي الرؤوس ويقتلهم لكي لا يتكاثروا, خصوصا في هذا الوقت الذي بدأ الكيان الاسرائيلي يخسر فيه مؤخرا التعاطف الغربي معه, حيث اتخذت بعض الدول الاوروبية مؤخرا خطوات اعتراف بدولة فلسطين وبالاخص الدول الاوروبية المستهدفة حاليا وهذا الامر يؤكد ما نشير اليه بأن اصابع الاتهام الاصيلة يجب ان تتوجه الى الكيان الاسرائيلي الفاعل الاول عبر الوكيل الجديد الطفل المشوه المستنسخ داعش الارهابي ؟؟
ولكي لا نتهم بالحياد الاعمى واطلاق اتهامات دون دليل, يكفينا عرض بعض من التصريحات والسلوكيات الاسرائيلية المرافقة للاحداث, فعقب الهجمات الارهابية في فرنسا وبالخصوص ما جرى في مسيرة شارلي ايبدو, والاصرار الاسرائيلي للحضور رغم اعتراض الرئيس هولاندوما رافقها من تصريحات اسرائيلية حثت اليهودعلى الهجرة وانتقدت التعرض لليهود المتزايد في اوروبا وهذا ما تحدثنا عنه في مقال تفصيلي سابقا.
بنيامين نتانياهو صرح مؤخرا تصريحات ننقلها لكم نختم بها الحديث عن أن داعش الارهابي والكيان الاسرائيلي وجهان لمقصد واحد ومشروع واحد يستهدف اوروبا وشعبها خدمة للمصالح الاسرائيلية كما يفعل بمصر والاردن وليبيا والعراق وافريقيا ولبنان وسوريا.
في تصريح صدر مؤخرا تعليقا على احداث اوروبا قال نتانياهو: « مرة جديدة يقتل اليهود ويستهدفون على الاراضي الاوروبية» و اضاف، « الهجمات الارهابية على اليهود في اوروبا ما تزال مستمرة». نتانياهو يريد الايحاء لليهود الساكنين داخل الاراضي الاوروبية، أن الحل الوحيد للعيش المريح والجميل والامن لهم هو الهجرة الى اسرائيل، عبر تعبيره الواضح «اسرائيل وحدها البيت الاصيل لليهود».
سؤال نطرحه نترك لكم الحكم والفصل فيه, وسط ما يجري في اوروبا, اين يستفيد جهل داعش الارهابي العميل, ومما يستفيد التنظيم لو كان فعلا يحمل مشروع بناء دولة اسلامية في العراق والشام في استهداف اوروبا, وهل هذه العمليات في حسابات الربح والخسارة والمصلحة تصب في مصلحة التنظيم, وهل يضرب التنظيم ويستهدف من يمده بالسلاح والعتاد في سيناء والعراق والجولان السوري, ويطبب جرحاه في مستشفياته ويسمح لقادته بالتحرك وفق مسار مشخص ومتفق عليه بينهما حول العالم, ويشرع ابواب الانترنت والاعلام لأبواق تنظيم داعشي الارهابي دون اعتراض ويسمح له ببث افلام الذبح والحرق الهوليوودي بحرية وفتح مواقع تحرض على الارهاب دون مقدرة استخبارات العالم التي استطاعت استهداف اسامة بن لادن وصدام حسين وابو مصعب الزرقاوي في مخابئهم حين وجدت التوقيت المناسب لانهاء ملفاتها الاستخباراتية التي تجلت بصور هؤلاء.
السخافة الداعشية الاعلامية, وما يجري من احداث في اوروبا ومصر واليمن وليبيا والاردن وسوريا ليست الا مخاضا لولادة شرق اوسط جديد.
شرق اوسط يعيش فيه الكيان الاسرائيلي الذي عجز عن حماية امنه بالحروب الفاشلة, لتأتي تيارات التكفير المستنسخة بأيدي صناع الفكر الوهابي والتكفيري من الدول الراعية له مجتمعة, ليحقق داعش الارهابي, أمن الكيان الاسرائيلي عبر تدمير أمن من حوله, ويستهدف امن اوروبا ويهودها لتهيئة الارضية لصراع يدمر اوروبا ويقضي على التواجد الاسلامي المتزايد فيها وسط تشجيع الهجرة اليهودية الى وطن الاحلام الكاذب والمؤقت الكيان الاسرائيلي.
فلماذا تستهدف هجمات داعش الارهابي هذه الدول بالخصوص, وسط غياب تام عن استهداف بريطانيا وامريكا والكيان الاسرائيلي والسعودية وقطر وتركيا ؟؟
أم أن لهؤلاء كل الفضل في الرعاية والدعم والاحتضان, وما يصدر من كلام حول استهداف داعش الاراهابي من قبل التحالف الذي تقوده امريكا ليس الا عمليات جراحية تضطر اليها امريكا وحلفاؤها الراعون الخاصون للتنظيم لبتر بعض الجماعات التي تلصق بحركة التنظيم الصاعدة والتي لا تصب اعمالها وتوجهاتها لصالح الراعين بشكل كلي, فيضطرون الى شطب واستئصال بعض من لا يخدم مخططهم الداعشي واستغلال هذا التحرك عبر التسويق لحملة استهداف التنظيم ومحاربة الارهاب يكذبه الدعم العسكري الجوي للتنظيم في الانبار والموصل.
ولماذا لا يستهدف التحالف بغاراته التنظيم في الجولان الملاصق للكيان الاسرائيلي, واليمن وسيناء ويستهدف فقط اماكن محددة توحي بأن هناك من يريد فقط ان يضع حدود عملياتية للتنظيم ويشذب اطرافه لينمو بشكل معد مسبقا ومدروس بعناية !!!!
لكم الحكم .. حول من يقف وراء الهجمات التي تستهدف اوروبا وتشخيص اهداف مشروع داعش الارهابي الجديد وعلاقته بالشرق الاوسط الامريكي الجديد والدين الاسلامي بنسخة معدلة يراد الباسها للدين المعتدل الذي يغزو بفكره وتجاربه الاسلامية الاصيلة العالم كله وسط انهيار الانظمة الوضعية المتهالكة.
أ. ف