الوقت- أذابت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية إلى العراق جليد العلاقة بين البلدين حيث أفضت نتائجها إلى الإتفاق على إعادة افتتاح السفارة القطرية في بغداد، المغلقة منذ 2003، خطوة تؤسس لصفحة جديدة من العلاقات العراقية-الخليجية بشكل عام والعراقية-القطرية بشكل خاص.
لا شك في أن إعادة فتح السفارة القطرية في بغداد خطوة لتوثيق العلاقات بين البلدين خاصةً انها الأولى لمسؤول قطري منذ العام 2003، كما انها تظهر تكاتف دول المنطقة في محاربة الإرهاب، كما اوضح وزير الخارجية القطري أثناء المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره العراقي.
وتعتبر الزيارة نتيجة طبيعية للمساعي التي تبذلها حكومة العبادي على المستويين الإقليمي والدولي، وكذلك لا يمكن فصلها عن الظروف الحساسة التي تمر بها دول المنطقة، هذه الظروف تطرح عدة تساؤلات بشأن أسباب الزيارة، كما تطرح تساؤلات عن دلالات النتائج والتحديات المستقبلية للعلاقة بين البلدين.
أسباب الزيارة
أولاً: يعتبر موضوع افتتاح السفارة القطرية في بغداد من الأسباب الرئيسية لزيارة العطية إلى بغداد. فالدوحة لا تريد ان تكون متاخرة عن جيرانها في مجلس التعاون خاصةً أن العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون تشهد تطورا أفضل مما كان عليه في السابق على الرغم من بطء عجلة التواصل.
ثانياً: كشف مسؤول حزب الله العراق حسين الرماحي، أن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري تعرض لضغوط في زيارته الأخيرة لحضور مؤتمر أعمال الدورة 42 لاجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في الكويت، من أجل ترك أسرى تنظيم داعش الإرهابي، مبينا أن الدعوة التي قدمها الجعفري لنظيره القطري جاءت لأن أغلب الاسرى من القطريين.
ثالثاً: مكافحة الإرهاب، وهذا ما أشار إليه الجانبان العراقي والقطري في كافة اللقاءات، خاصةً أن الزيارة القطرية تتزامن مع العملية الكبرى التي تشنها الحكومة العراقية على الجماعات المسلحة في الانبار عبر الجيش وفصائل الحشد الشعبي.
دلالات النتائج
بصرف النظر عن نتائج الزيارة في ملف الأسرى القطريين، حصدت الدوحة كما بغداد نتائج عدة من الزيارة، حملت في طياتها العديد من الدلالات.
قطرياً، نجح وزير الخارجية من ردّ (إعلامياً في الحد الأدنى) الشبهات التي تطرح حول دعم قطر لتنظيم داعش الإرهابي والجماعات التكفيرية الأخرى، وهذا ما بدا واضحاً من خلال إجاباته على أسئلة الصحفيين في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الجعفري.
كذلك عراقياً، نجحت بغداد في إذابة جليد العلاقات مع قطر، وبالتالي تأتي هذه الزيارة لتعزّز مشروع العبادي في الانفتاح على دول مجلس التعاون وتسرّع من وتيرته.
اما من ناحية الدلالات فتشير نتائج الزيارة إلى صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين يمكن من خلالها تعزيز التعاون الإقتصادي والامني والسياسي. كذلك من اهم دلالات النتائج هو تراجع قطر عن دعمها للجماعات المسلحة وتدخلها في الشأن الداخلي العراقي(العراق وجّه تهماً للدوحة في الفترة السابقة بدعم الجماعات المسلحة)، وهذا ما يمكن استشفافه من خلال ما أوضحه عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب هلال السهلاني، "أن تعزيز العلاقات العراقية القطرية ضربة لعصابات داعش الإرهابية"، مؤكداً على "أهمية التعاون العربي الواضح مع العراق للقضاء على المجاميع الإرهابية".
كذلك تسجل هذه الزيارة نقطة إضافية لسجل الحكومة العراقية في الانفتاح على دول المنطقة، وهذا ما أوضحته الخارجيّة الألمانية عندما وصفت خطوة إعادة فتح السفارة بالخطوة الجيدة. كما لا يمكن التغافل عن كون زيارة العطية أنها تخفّف من حدّة التوتر الطائفي الذي يطرح في الآونة الاخيرة من قبل بعض الدول الإقليمية.
في النهاية يبقى التساؤل عن أبرز التحديات التي تواجهها العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب، تحديات تحكمها سياسة المحاور فما الذي يضمن التزام قطر بتعهداتها تجاه العراق وعدم العودة إلى العزف على وتر التقسيم والطائفية؟