الوقت- جرت في الآونة الأخيرة انتخابات رئاسة الجمهورية في كينيا حيث تم إعادة انتخاب الرئيس أوهورو كينياتا لدورة جديدة مدتها، مزيحا بذلك منافسه المعارض الأبرز رايلا أودينجا الذي رفض تقبل نتائج الإنتخابات و لجأ الى الشارع مما يهدد بتكرار مأساة عام 2007 حيث راح ضحية أعمال العنف التي تلت الإنتخابات في حينها أكثر من 1300 قتيل و آلاف الجرحى.
حصل التصويت على المرشحين الثمانية للرئاسة الكينية يوم الثامن من أب الحالي، و أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في كينيا يوم الجمعة في 11 أغسطس (آب) 2017، فوز الرئيس الحالي أوهورو كينياتا البالغ من العمر 55 عاما بولاية رئاسية جديدة، وذلك بعد أن حصل على على حوالي 54.17%، مقابل زعيم المعارضة، رايلا أودينجا، البالغ من لعمر 72 عامًا، والذي حصل على نسبة 44.94% فقط، بينما حصل المرشحون الستة الآخرون على النسبة المتبقية، التي لا تتعدى 1%. كما تم انتخاب نائب الرئيس، وأعضاء البرلمان بغرفتيه؛ مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، و أعضاء الحكومة المحلية.
جاءت ردود الفعل الدولية مؤيدة لنتائج اللجنة العليا للانتخابات، و أرسلت التهنئات للرئيس كينياتا بفوزه بفترة رئاسية جديدة، و أعلن الاتحاد الإفريقي على لسان ثابو مبيكي، رئيس بعثة الاتحاد إلى كينيا للإشراف على الانتخابات الكينية 2017، إن الاتحاد يشيد بالشعب الكيني على إجراء الانتخابات الرئاسية في بيئة سلمية لتظهر بهذا الشكل، حيث شارك في الانتخابات أكثر من 19 مليون مواطن كيني.
كذلك أعلنت بعثة المراقبين من الاتحاد الأوروبي و مركز كارتر للسلام و التي يرأسها جون كيري وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، أن الانتخابات الرئاسية الكينية جرت بصورة سلمية تستحق الإشادة، كما أكد كيري ضرورة التعامل مع أي شكاوى ضد الانتخابات في إطار القانون فقط، وعدم الاتجاه للعنف بأي شكل من الأشكال.
أعمال العنف بدأت بعد أن كان زعيم المعارضة الخاسر رايلا أودينجا قد رفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات أمام الرئيس، مشيرًا إلى أن إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوز الرئيس هو قرار خاطئ، وسيقود البلاد إلى العنف كما قدم شكوى الى المحكمة العليا للطعن بنتيجة الإنتخابات رافضا القبول بفوز منافسه.
و قد خرج أنصار أودينجا في شوارع العاصمة الكينية، نيروبي، من أجل الاحتفال بالأخبار التي بثها لهم أحد أعضاء التحالف الذي يخوض أودينجا الانتخابات تحت مظلته، وذلك يوم الخميس الماضي، قبل إعلان النتائج الرسمية لتأتي بعدها النتائج عكس ما أشاعوا و ليفوز كينياتا بدورة أخرى ما أثار غضب المعارضة و جعلها تصعد خطواتها في الشارع الى أن وصلت الأمور لحد أعمال العنف، التي راح ضحيتها أكثر من خمس و عشرون مواطن كيني حتى الآن، في مختلف أنحاء البلاد و من بين الضحايا طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات و أخرى ستة أشهر توفيت اختناقا جراء الغاز المسيل للدموع و الذي أطلقته الشرطة لتفريق المتظاهرين.
رفض أدوينجا لنتائج الانتخابات جاء بعد اتهامه الرئيس المنتخب كينياتا، بسرقة الانتخابات منه، وتزويرها عن طريق التجسس على حملته الرئاسية، رافضا أن تكون الانتخابات قد جرت دون تزوير، رغم وجود فارق يزيد عن مليون وربع صوت انتخابي بين نسبة التصويت لصالح الرئيس كينياتا وبينه. قضية الانتخابات الكينية تعيد المتابعين الى قضية الانتخابات الأمريكية الأخيرة و التي اتهمت فيها هيلاري كلنتون المرشحة الخاسرة أمام الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، المخابرات الروسية بدعم الأخير عبر التجسس على حملتها الانتخابية و قرصنة بريدها الإلكتروني، القضية التي لا يزال فيها التحقيق جاريا حتى اليوم. مع الفارق بين البلدين بأن كلينتون قبلت بفوز ترامب على عكس أودينجا الذي رفض النتيجة قبل صدور نتائج التحقيق للبت بالقضية.
و قد أصدرت وزارة الداخلية الكينية عبر الوزير فرد ماتينياني، بيانا يقول بأن الشرطة "لم تفرط في استخدام القوة" متهما "العناصر الإجرامية بمحاولة استغلال الوضع عبر نهب الممتلكات وتدميرها".كما أكد الرئيس المنتخب بولاية رئاسية جديدة، في أول تغريدة على حسابه الشخصي على "تويتر" بعد انتخابه رئيسا، أنه يجب أن يتذكر الكينيّون إخوانهم السابقين، في اشارة الى الضحايا الذين قتلوا في أحداث العنف عقب انتخابات الرئاسة عام 2007. و يخشى المراقبون من انتشار أعمال العنف و اتساع رقعتها بسبب الأجواء المشحونة في الداخل بين أنصار الطرفين، ما يزيد من تعقيد الأمور كما حصل عام 2007 من مقتل أكثر من 1300 مواطن و شرد الآلاف هربا من العنف.