الوقت - يعدّ العراق أحد الدول الذي يضم قوميات متعددة، كالأتراك والأكراد والتركمان والأقليات الآشورية، الكلدانية والأرمنية. تعدد لطالما جلب له بعض المشاكل، فالأكراد على سبيل المثال يتركزون في اقليم كردستان تحت رئاسة البرزاني، ويعملون على إجراء استفتاء على استقلال الإقليم. إستقلال لم يوافق عليه العراقيون وبعض أطياف الإقليم حتى الآن، أهمهم التركمان الذين أعلنوا صراحة مخالفتهم لذلك.
فقد أعلن أرشد صالحي، رئيس الجبهة التركمانية وممثل كركوك في الجمعية الوطنية العراقية، أن التركمان يخالفون إجراء استفتاء من قبل الحكومة المحلية معتبرا أن إجراء الإستفتاء في إقليم كردستان في 25 أيلول سيؤدي إلى ردود فعل عديدة في العراق والمنطقة، ولا يعود بالنفع على أي أحد من وجهة نظرهم.
التركمان يشكلون طرفا أساسيا في البحث حول الوضع المستقبلي لشمال العراق وإقليم كردستان. والدولة التركية، المعارضة لاستقلال الأكراد، لطالما دعمت الأحزاب والمنظمات التركمانية كالجبهة التركمانية العراقية المخالفة للحكومة الفيدرالية السابقة في العراق، والمخالفة لضم كركوك إلى إقليم كردستان.
ويعتبر التركمان القومية الثالثة الكبرى في العراق بعد العرب والأكراد، ويعود وجودهم فيه إلى حقبة الإحتلال العثماني للمنطقة، حيث قدموا إلى العراق واستقروا حينها. ويتمركزون اليوم في محافظات كركوك، صلاح الدين، ديالا ونينوى. مع العلم أن سياسة صدام التي كانت تقوم على تعريب المناطق المتنازع عليها، والهجمات الإرهابية بعد العام 2003 جعلت عددا كبيرا من أبناء القومية التركمانية يغادرون إلى شتى الأراضي العراقية، وحتى إلى خارج العراق أيضا.
مناطق تمركز التركمان اليوم تمتد من تلعفر، سنجار ومناطق قريبة من الحدود السورية، وتمر بمناطق عديدة حتى تصل إلى محافظة كركوك وصلاح الدين وحتى الحدود الإيرانية أيضا. هذه المناطق تقع جغرافيا وسط الأزمات في المنطقة، مما يجعلها تتأثر بأي توتر يحصل فيها.
تركمان العراق هم من المسلمين، حيث يشكل السنة فيهم حوالي الـ60 بالمئة، والشيعة 40 بالمئة. أبناء الطائفة السنية هم من المذاهب الحنبلية والشافعية، ويتمركز أكثرهم في تلعفر والموصل، أما الشيعة منهم فيعيشون في المناطق الجنوبية ككفري وطوزخرماتو.
وبعد تشكيل اقليم كردستان في العام 1991، اشتعلت شرارة الخلاف بين الأكراد والتركمان، فبات التركمان ضحايا السياسة الكردية. فهم يعتبرون أنفسهم حلفاء للسلطنة العثمانية، ووضعوا التركمان تحت حكم الأمر الواقع في شمال العراق والأراضي التي لا يزال يعتبرها التركمان حقا لهم. وإن منطقة الحكم الذاتي الكردية تعد تهديدا للوجود التركماني، الذين كان تمركزهم في أربيل عاصمة الإقليم، وكانوا يحوزون على مناصب ادارية واقتصادية بارزة، إلا أنهم تعارضوا مع المسؤولين الأكراد في العاصمة، خصوصا بعد العام 1996 حيث يختلفون مع الحزب الديمقراطي الكردي بقيادة مسعود البرزاني.
يعاني التركمان اليوم من اوضاع صعبة، حيث يتوجه أكثرهم إلى أربيل وكربلاء، ومن تبقى منهم في مناطقهم يعاني من الأعمال الإرهابية والإنتقامية، وبالإضافة إلى التوترات مع داعش وبعض العشائر العربية، أصبح الأكراد اليوم عدوا جديدا لهم. فقوات البشمركة سيطرت على كركوك وسعت للسيطرة على المناطق الأخرى المتنازع عليها، لتأمين الأرضية اللازمة لإجراء الإستفتاء، في خطوة يرفضها سكان تلك المناطق.
وفي طوزخورماتو أقدمت قوات البشمركة على وضع نقاط تفتيش رفضها الحشد الشعبي التركماني، مما أدى إلى نزاع بينهم راح ضحيته عدد من المواطنين وبعض الجرحى، وكانت الأوضاع متوجهة إلى أزمة لولا الوساطة في حل النزاع.
أما التركمان الشيعة، ولأنهم كفرة في الفكر الداعشي، فهم يعيشون في أسوأ ظروف ممكنة، كل يوم يوجد انفجار، اغتيال أو تعدّ ما. وتركيا التي لطالما ادعت دعمها لحقوق التركمان، خسرت مكانتها بينهم، خصوصا عند الشيعة منهم، وذلك بعد وضوح سياستها واستغلالها للتركمان كأداة لتحقيق أهدافها.