الوقت- الانتخابات الامريكية التي ستجري في العام القادم، أمامها الاحداث السياسية الساخنة في العالم وبالاخص الملف الايراني. فما مدى اهمية الملف الايراني بالنسبة للمرشحين للرئاسة الامريكية؟ وما مدى ارضاء المرشحين للطفل المدلل الكيان الاسرائيلي؟ سنوضح بهذا المقال ما لا يعلمه الكثيرون عن الانتخابات الامريكية وكيف تجرى او كيف تحاك، وسنترك للقارئ فهم اللعبة الانتخابية الامريكية وما يربطها بعوامل الديمقراطية المزعومة.
تعمل أمريكا من خلال نظام الحزبين، حيث تدار الانتخابات التمهيدية من قبل الدولة لاختيار المرشحين للانتخابات عن كل من الحزب الديموقراطي والجمهوري. ويعتبر الحزب الجمهوري حزباً يمينياً أو "محافظاً"، ويعتبر الحزب الديمقراطي حزباً يسارياً او "ليبرالياً" طبقا للثقافة السياسية الأمريكية.
ويتم اختيار المنتخبين (Electors) من الاحزاب اولا، تعبيراً عن التقدير والامتنان لهم لولائهم للحزب، أو لأية أسباب أخرى. ويكون عدد المنتخبين نفس عدد اعضاء الكونجرس ۵۳۸ عضواً (الذي يجمع اعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب). وفي يوم الانتخابات يقوم الشعب الامريكي بانتخاب المنتخبين فقط ولا يحق لهم ولا حتى يكون لهم اي دور بانتخاب الرئيس ونائبه. ومن ثم يقوم المنتخبون الفائزون بانتخابات الشعب، باجراء التصويت على المرشح الامريكي، وبحال حصوله على 270 صوت واكثر يكون الفائز بالانتخابات الامريكية. وهذا ما يفسر ما حصل بانتخابات عام 2000 عندما فاز بوش بالانتخابات الرئاسية وذلك بسبب حصوله على 271 صوتاً من اعضاء المنتخبين وليس على اصوات الشعب الامريكي، بل على العكس من ذلك حيث بالتصويت الشعبي حصل المرشح (آل جور) انذاك على اصوات اعلى من بوش. هذه هي الديمقراطية الامريكية المزعومة حيث لا يكون للشعب اي رأي او حق بانتخاب رئيس للبلاد، وإنما يتم الامر عبر صفقات سياسية او ربما مالية في اروقة الاحزاب وبشكل مخفي وغير معلن للشعب الامريكي.
ومن ابرز المرشحين للانتخابات التي ستقام في العام القادم عن حزب الديمقراطيين هي هلاري كلينتون وجو بايدن، اما عن الجمهوريين فهم جيب بوش، راند بول، كريس كريستي، تيد كروز، ماركو روبيو، والعديد من المرشحين الآخرين.
هلاري كلينتون مدعومة من قبل الكيان الإسرائيلي بشكل كبير وهي الاوفر حظا عن حزب الديمقراطيين، حيث قال موقع فيترانس توداي، إن الكيان الإسرائيلي لم يجد سوى شخص واحد فقط هذه المرة يتأهل بالنيابة عنه لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2016 وهي هيلاري كلينتون. ويضيف الموقع أن كلينتون، تعتبر إلى حد بعيد هي مرشح الكيان الإسرائيلي لرئاسة أمريكا. فقد كان ذلك واضحا خلال مطلع شهر ديسمبر الماضي، بعد الخطاب الذي ألقته في فندق ويلارد بواشنطن، خلال الحفل السنوي لمؤتمر “حايم سابان” بمعهد بروكينج. وتشير بعض التحليلات الامريكية إلي ان على كلينتون في حال تسميتها مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة أن تطلق حملة انتخابية ضد سياسات أوباما، قائلة إنها تستجيب للناخبين الذين يعارضون سياسات أوباما الداخلية والخارجية.
واما الاوفر حظا عن الجمهوريين فهو جيب بوش الابن والشقيق لرؤساء سابقين لامريكا، والدعم الاكبر يأتي حتماً من مقدار الحروب والخراب الذي قام به شقيقه جورج بوش، وما ألحقه من دمار للعراق بحجة اسلحة الدمار الشامل، حيث في مقابلة صحفية له قال انه كان سيدخل الحرب كما شقيقه رغم معرفته بالحقيقة الكاذبة فهذا هو المطلوب للكيان الإسرائيلي من اجل اشغال الحروب والدمار في منطقة الشرق الاوسط. وقالت كريستي كامبل المتحدثة باسم جيب بوش "إن دعم بوش لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لا يتزعزع. وهو على قناعة انه في غاية الأهمية بالنسبة لبلدينا تنسيق العمل لتحقيق السلام في المنطقة". و لربما تكون سياسة بوش الجديد متوافقة تماما مع فكرة الكيان الاسرائيلي في توجيه ضربة عسكرية لايران.
ولا ننسى سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الكونجرس الأمريكي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي أجريت في العام الفائت. ومن المعروف موقف الحزب الجمهوري من ايران والملف النووي على وجهة الخصوص. فقد انتقد العديد من أعضاء الحزب الجمهوري بمجلسي الكونجرس سياسات الإدارة، والتقارب مع النظام الإيراني، وتخفيف العقوبات عنها. فالجمهوريون يرون أن إدارة أوباما تساهلت مع إيران في المحادثات النووية، بما يمثل تهديدا لحلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم الكيان الإسرائيلي. كما يرتبط الحزب الجمهوري بعلاقة قوية باليمين الاسرائيلي المتطرف.
وفي نفس الملف قام نصف النواب تقريباً في مجلس الشيوخ الأمريكي بتوجيه رسالة عامة للقيادة الإيرانية، محذرين فيها بأن أي اتفاق تتوصل إليه واشنطن مع طهران خلال المفاوضات النووية الجارية لن يستمر بعد انتهاء حكم الرئيس باراك أوباما. والرئيس القادم يستطيع إلغاء هذا الإتفاق الإداري بضربة قلم، ويستطيع الكونغرس في المستقبل تعديل شروط الإتفاق بأي وقت. ومن ضمن الموقعين على هذه الرسالة المرشحون الجمهوريون للرئاسة ماركو روبيو، تيد كروز وراند بول.
ومن هنا نرى ان فرص النجاح لاي مرشح امريكي ولكي يلقى الدعم الكافي من حزبه ليخوله لان يكون من ضمن المنتخبين، هو مقدار الدعم الصهيوني له او مقدار معاداته لايران. ورأي الشعب الامريكي ليس له اي احقية بالانتخابات الرئاسية الامريكية. فهذه هي الديمقراطية الامريكية المنشودة، فالرئيس الذي يدمر ويخرب اكثر هو الاوفر حظا. ونحن متفقون تماما ان الشعب الامريكي معارض لهذه السياسة ولكن ليس باليد حيلة.