الوقت- يسعى حزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني منذ أعوام لإجراء إستفتاء حق تقرير المصير وإنفصال الإقليم، ويعتقد أن الإنفصال سوف يؤدي إلى إنهاء الخلافات العديدة بين أربيل وبغداد. وبالتزامن مع إستعدادات الإقليم لإجراء الإستفتاء، تسعى الإمارات والسعودية لدعم الإنفصال ولبناء قاعدة عسكرية فيه مقابل الدعم اللامحدود في حين تتأهب بغداد لكبح جماحهما.
وفي هذا السياق كشف مصدر كردي مطلع عن تلقي رئيس الإقليم مسعود البارزاني لدعم واسع وشامل من الدول الثلاث السعودية والإمارات والأردن لتسريع وتيرة إنفصال الإقليم عن العراق، والتي شرطت تقديم المساعدات بموافقة الإقليم على إحداث قاعدة عسكرية لها في أربيل ودهوك. الخطوة التي وصف المصدر الهدف منها بناء قوة عسكرية لإعتراض إيران وتركيا.
فيما حددت الأحزاب الكردية الناشطة في الإقليم يوم الخامس والعشرين من سبتامبر أيلول المقبل موعداً لإجراء الإستفتاء، الذي لقي بردود أفعال متضاربة، فقد أيدت السعودية والإمارات والأردن الإستفتاء وشجعت ودعمت إجراءه، بينما أعلنت كلٌّ من إيران وتركيا وأمريكا وروسيا و ألمانيا معارضتها لهذه الخطوة.
وكشف المصدر المطلع عن وجود إتفاقات ثنائية بين الرياض وأربيل في المجال الأمني والإستخباراتي مؤكداً على تواجد مئات العسكريين السعوديين والإماراتيين والأردنيين في مدن مثل أربيل ودهوك تحت غطاء مستشارين عسكريين ومدربين للبشمركة.
وبعد إعلان موعد الإستفتاء قام ناشطو مواقع التواصل الإجتماعي السعوديين والإماراتيين بنشر دعاية " SaudiWithKurdistan" معلنين دعمهم لإنفصال كردستان عن العراق، في حين مازال يعتقد البعض أن نشرها يعود لردة الفعل على دعم تركيا لقطر في أزمتها مع بعض الدول الخليجية.
وقد حذر سابقاً محللون وشخصيات مقربة من "جلال طالباني" الرئيس العراقي السابق من تحركات مشايخ الدول الخليجية ومساعيهم لتحفيز وتشجيع البارزاني لإجراء الإستفتاء وإنفصال كردستان.
وبينما شرعت بعض الدول الخلجية كالسعودية والإمارات بخطوات وإجراءات عديدة تهدف إلى تقسيم العراق، بقيت بغداد ترقب بحذر هذه التحركات في أربيل، متأهبة لإتخاذ خطوات عملية فيما إذا دعت الحاجة.
وصرح مسؤول سعودي طلب عدم ذكر إسمه عن نية السعودية إنشاء قاعدة عسكرية في كردستان قائلاً: "السعودية قوة مهمة في المنطقة ويجب أن يكون لها دوراً في كردستان المستقلة". كما وإزداد زخم التحركات الإماراتية الواسعة التي ما برح "رشيد المنصوري القنصل الإماراتي و"حسن الشحتي" السفير الإماراتي في بغداد على مزاولتها التي تتركز على دعم البارزاني وإنفصال الإقليم عن العراق.
ويمكن تلخيص أسباب هذا الدعم الإماراتي والسعودي لإنفصال إقليم كردستان العراق والذي أذهل القوى والأحزاب الكردية، في النقاط التالية:
أولاً، يعود الدعم الإماراتي عن الإستفتاء لسياسات أبوظبي المناهضة لتركيا ودورها الداعم لقطر والمعارض للإمارات والسعودية فيما يتعلق بالأزمة القطرية ومجرياتها.
ثانياً، تأييد السعودية لإستقلال كردستان يفضي إلى إضعاف العراق والحصول على موطئ قدم من الناحية العسكرية يمكن إستخدامها للضغط على دول الجوار وخاصة تركيا ذات الباع والتاريخ الطويل في مقارعة الأكراد.
ثالثاً، الإستفادة من الفرص الإستثمارية المتوفرة في إقتصاد الإقليم وخاصة في مجال الطاقة والسيطرة على الإقليم إقتصادياً مما يؤدي إلى تبعية الإقليم السياسية وربما تقوية النزعات الإنفصالية للأكراد في دول المنطقة وتأجيج الصراعات تبعاً لأجندات مسبقة.
وهذا ما يُفهم من مضمون كلام "أنور عشقي" المستشار السابق للملك السعودي ومسؤول سابق في وكالة الإستخبارات السعودية في كانون الأول الماضي خلال حديثه عن ضرورة تشكيل دولة كردية موحدة في المنطقة بأن السعودية تنوي تشكيل تحالفات وتيارات إقليمية جديدة ستتعرض لها المنطقة بأكملها. ومن الطبيعي أن يكون لتطبيع العلاقات بين أعراب المنطقة والكيان الإسرائيلي دور كبير في ترسيم هذه التحالفات وتسهيل تبلور فكرة تشكيل دولة مستقلة وموحدة، التي ستواجه رفض عارم من قبل دول المنطقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوب نزاعات جديدة وزيادة حدتها ووتيرتها في المنطقة كما حصل عند إنفصال حنوب السودان عن شماله.