الوقت- لا شك أن عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما حفل بالكثير من الدعايات الترويجية لإنجازاتٍ أُثير حولها العديد من الشكوك. ويأتي في مقدمتها قضية مقتل أسامة بن لادن، الى جانب قضية إصابة أبي بكر البغدادي في العراق. ومنذ أن أعلن أوباما أنه تم قتل أسامة بن لادن، بدأت روايات مختلفة تظهر في الإعلام حول مقتله. فالعالم بأسره اليوم أصبح يعرف أساليب الدعاية والتضليل الإعلامي التي يتقنها الأمريكيون، مما جعل العديد من المراقبين حتى الصحف الغربية، يعبرون عن شكوكهم حول مصداقية هذه القصص. وبغض النظر عن الرأي حول بن لادن نفسه أو البغدادي، فقد كانت رغبة الأمريكيين حينها وبالتحديد أوباما، تقديم أسامة بن لادن بشكل سلبي، ومحاولة استغلال مقتله لإظهار إنجازٍ قد تحقق. فماذا في شكوك الصحف الغربية حول قضية بن لادن؟ وكيف يمكن تحليل الأسلوب الدعائي الأمريكي؟
أولاً: شكوك صحيفة إيه بي سي الاسبانية:
تساءلت صحيفة إيه بي سي الاسبانية عن أسباب استمرار الرئيس الأمريكى باراك أوباما في الكذب حول مقتل زعيم القاعدة بن لادن. وقد أشارت الصحيفة الى أن قضية وفاة بن لادن أصبحت واحدة من المصادر الرئيسية للمؤامرات في السنوات الأخيرة. فلا تزال الشكوك مستمرة إذا كان تم قتله بالفعل أم أن ما حدث مجرد كذبة من البيت الأبيض على العالم ليظهر مدى سيطرته وقوته. وأشارت الصحيفة إلى أن الصحفي الأمريكي سيمور هيرش، كشف أن قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مطلع مايو 2011، تم بمقتضى اتفاقٍ بين المخابرات الباكستانية ونظيرتها الأمريكية على حد قوله. وأكد هيرش أن بن لادن دفن في أفغانستان ولم يرم في البحر كما تم الترويج له، متهماً الرئيس الأمريكى باراك أوباما وإدارته بتقديم رواية كاذبة عن مقتله. وكان هيرش قد نشر تحقيقاً مطولاً في نشرة(London.. ..Review of Books) تناول فيه ما وصفها بالرواية الكاذبة حول ملابسات تصفية زعيم القاعدة في منزل بمنطقة "أبت آباد" قرب العاصمة الباكستانية إسلام آباد على يد قوة أمريكية خاصة. ووفقاً للمعلومات التى توصل إليها هيرش، فإن تصفية بن لادن تمت في إطار اتفاق بين المخابرات الأمريكية والباكستانية، لا كما سوّق أوباما بأنه إنجاز منفرد للمخابرات الأمريكية والقوات البحرية الخاصة. وأوضحت الصحيفة أنه كالعادة قام البيت الأبيض بالرد على هذا الصحفي بأن هذه المعلومات غير دقيقة ولا يمكن التحقق منها، ولكن الحقيقة لا تزال مجهولة حول مقتل بن لادن الذي سيظل للأبد قضية تثير جدلاً واسعاً بسبب الأكاذيب والخفايا التى تحيطها.
ثانياً: الأسلوب الدعائي الأمريكي:
إن الواقع اليوم أصبح صعباً لدرجة لم يعد يمكن فيه معرفة الحقيقة من الخيال. فالسياسة الأمريكية التي أتقنت وسائل توجيه الرأي العام، للترويج لمصالحها، دائماً ما استخدمت هذه الوسائل لتثبيت أنظمة وإزالة أخرى. هذا على صعيد الدول، أما على صعيد الأفراد، فالقضية أسهل بالنسبة للأمريكيين. ولعل قضية بن لادن ليست القضية الوحيدة التي تثير الشكوك، فمقتل الزعماء الإرهابيين كان دوماً محط جدلٍ واسع بين المحللين والمراقبين. وقد لا يملك المحلل أو المراقب معطياتٍ تساعد على الحكم أو معلوماتٍ مؤكدة. لكن العارف بالتاريخ السياسي المعاصر وبالأسلوب الأمريكي المعتاد يمكنه الحكم وبدقة.
فلقد أثبتت الحقائق التاريخية أن الإرهاب العالمي يُدار من خلال أجهزة الإستخبارات وبالتحديد الـ CIA والموساد. والعارف بطريقة عمل هذه الأجهزة يعرف أنها تجند أفراداً تنفيذيين، الى جانب أشخاص تستخدمهم لإدارة وقيادة ملفاتٍ معينة. ولم يعد أحد يشك بأن هذين الجهازين كانا وراء العديد من الشخصيات التي استُخدمت لتحريك صراعاتٍ ما بالتحديد في منطقة الشرق الأوسط. وقد كان سبب التركيز عليهم، قدرتهم على تحقيق ما لا يمكن للدول تحقيقه، وهنا تأتي قضية بن لادن. حيث رفض أمريكا تقديم صور أو فيديو لجثمان بن لادن وإعلان دفنه في البحر، وفقاً للشريعة الإسلامية، زاد من الشكوك بأن الأمريكيين يكذبون. كما أن ما حُكي عن إصابة أبي بكر البغداي بداية العام الجاري، هو أحد الأمثلة لذلك. وهنا تجدر الإشارة إلى أنها لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها نقل أنباء عن إصابة البغدادي، حيث سبق وتواردت أنباء خلال عام 2014 أكدها مسؤولون أمريكيون، تفيد مقتل البغدادي تارة، وإصابته تارة أخرى، إلا أن الزعيم الإرهابي، كان يخرج في كل مرة بتسجيلات صوتية ليؤكد عدم صحة هذه الإشاعات.
لا يمكن الرهان على الإعلام، بقدر ما يمكن الرهان على وعي الشعوب. ولعل أمريكا التي أتقنت سياسة الافتراء والترويج للأضداد، لم تستطع أن تحمي نفسها من الوقوع ضحية سياساتها البراغماتية التي أدخلتها في التناقضات، والتي ظهرت للعلن وأصبح العالم يراها بأم عينه. وهنا يأتي السؤال الأهم: هل يدرك الأمريكيون أن سياستهم الترويجية قد سقطت؟
لا داعي لمعرفة الجواب، لأن الشعوب لم تعد تنتظر أمريكا.