الوقت- جاءت الوثيقة التي أعدتها حركة حماس، تحت مسمى "وثيقة المبادئ والسياسات العامة"، لتشكل منعطفا حاسماً في تاريخ الحركة وتاريخ القضية الفلسطينية، مما أثار موجة من ردود الأفعال المتباينة في وسائل الإعلام العالمية على اختلاف لغاتها، وتنوعت قراءات المحللين السياسيين لهذه الوثيقة، ونحاول في هذا المقال رصد أهم التحاليل التي كتبتها وسائل الاعلام الغربية والإسرائيلية:
كيف قرأت الصحف العالمية "وثيقة حماس"
اعتبرت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن حركة حماس تريد سلوك منهج أكثر براغماتية، مشيرة الى أنه حتى مع تخلي حماس عن هدف "تدمير إسرائيل" ليس من الواضح ما إذا كانت التغييرات التي أجرتها حماس ستكفي من أجل تحسين علاقات حماس بمصر وإسرائيل، وأشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود تناقض في الوثيقة حيث تنص الفقرة العشرين على قبول حل الدولتين بتأسيس دولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس، بينما في نفس الفقرة تقول وثيقة حماس الجديدة إنه لا تنازل عن تحرير كامل أراضي "فلسطين التاريخية" وهو ما يعني إسرائيل أيضا في الوقت الحالي.
في حين اعتبرت صحيفة "تايمز" إن حماس ألغت اللغة المعادية للسامية التي كانت سائدة بوثيقة 1988 التأسيسية للحركة والتي كانت تتحدث عن حرب ضد اليهود، وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين يشكون في أن الوثيقة الجديدة سينتج عنها أي تغيير كبير داخل حماس، والتي وصفتها الصحيفة بأنها "منقسمة بين الجناح العسكري المحارب والمكتب السياسي المعتدل نسبيا".
أما صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" فقالت أن حماس تخفف من لهجتها ولكن الأهداف تظل كما هي حيث تصف حماس نفسها كحركة إسلامية وطنية بدلا من توصيف نفسها كفرع للاخوان، وأشارت الصحيفة إلى أن الوثيقة الجديدة الآن على الأقل تصر على عدم كراهية اليهود واليهودية وهو تحسن في اللغة ولكن في نفس الوقت لا ينفي أن حماس تتمسك في الوثيقة الجديدة بتحرير كامل فلسطين.
بدورها، اعتبرت صحيفة "الغارديان" أن هناك تحولا جوهريا في موقف حماس لجهة قبول حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس، موقف وقالت الصحيفة إن الوثيقة تهدف لرأب الصدع داخل الصف الفلسطيني عموما، وتسهيل عملية السلام، حسب وصفها، حيث إن حماس تصر على عدم وصف نفسها كحركة ثورية تريد التدخل في دول أخرى، معتبراً أن موقف حماس سيلقى ترحيبا من دول عديدة مثل مصر على حد قولها علما بأن الوثيقة لم تذكر اسم مصر.
الى ذلك نشرت "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا بعنوان "حماس تتخلى عن الدعوة لتدمير إسرائيل" وأوردت معظم نقاط الوثيقة التي اهتمت بها الصحف الأخرى، موضحة أن هذا التخلي العلني محاولة لتغيير صورتها، وقالت: يبدو أن توقيت إعلان الوثيقة سببه منافستها لحركة فتح، ونسبت إلى المحلل المالي السابق لشؤون الإرهاب بوزارة الخزانة جوناثان شانزر قوله إن حماس تحاول الحصول على نصيب في السوق، وإصدارها للوثيقة تغيّر محسوب بدقة "لكنني أعتقد أن إدارة ترمب لن تغيّر موقفها من حماس، الوثيقة تتعلق بتخفيف الخطاب وليس الأفعال.
أما مجلة "فورين بوليسي" فاعتبرت أن حماس تقدم نفسها الآن بشكل أكثر اعتدالا على الورق على الأقل، مشيرة الى أن حماس تحاول إنهاء عزلتها بالوثيقة الجديدة عن طريق وضع وجه جديد أكثر ودية أمام العالم، وركزت المجلة على ان توقيت الاعلان عن الحركة جاء بالتزامن مع سفر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن لواشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالدترامب.
هكذا قرأت الصحف الإسرائيلية "وثيقة حماس"
كذلك رصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية باهتمام كبير وثيقة حماس وافردت مساحات واسعة لتحليلها، حيث اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن حركة حماس ليست فقط مستمرة في تكريس مواردها في الاستعدادات للحرب، بل مستمرة أبضاً في تثقيف أطفال غزة على ضرورة انقراض دولة إسرائيل، ونعتبر أن حركة حماس قد تغيرت عندما تتوقف عن حفر الأنفاق، وتوجيه مواردها لصالح المدنيين، ووقف التحريض على فتل الإسرائيليين، وهذا لن يحدث.
أما موقع "واللا"العبري، أن نشر الوثيقة جاء بالتزامن مع ما يسمى "يوم الاستقلال" الذي يواكب الرابع عشر من آذار/ مايو، أمر متعمد من جانب الحركة، ويحمل دلالات بأنها ماضية في النهج ذاته، مستشهدين بما ورد بالوثيقة من أن "القرآن دستورنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".
بينما اعتبر الصحفي الإسرائيلي المعروف جال بيرغر الوثيقة السياسية الجديدة لحماس - الفرق المركزي بينها و بين ميثاق حماس : بدل تحرير فلسطين من النهر الى البحر أصبحت تحرير فلسطين من البحر الى النهر".
في حين سلطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الضوء على الوثيقة التي أصدرتها حركة حماس الفلسطينية، مشيرة أنه تم الكشف عن وثيقتها الجديدة الآن لإجهاض ما يمكن أن يسفر عنه لقاء من المقرر أن يجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن، الأربعاء المقبل.
أما صحيفة "معاريف" فأشارت عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن إسرائيل على المستوى الرسمي لم تتأثر بالحديث عن الوثيقة السياسية لحماس، على الرغم من الحديث عن تنازلات تجاهها، ناقلة عن دافيد كايز، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام الأجنبي، أن حماس “تبني الأنفاق الإرهابية وتطلق آلاف الصواريخ صوب المدنيين الإسرائيليين، تلك هي حماس الحقيقية” على حد قوله.