الوقت- باتت مسائل بيئية كبرى كالإحتباس الحراري وذوبان الجليد في القطبين وتغيير المناخ تحديات كبرى بالنسبة للجيل الحالي للإنسان باعتبار أنها ستسبب كوارث كبرى بالنسبة للاجيال القادمة قد تودي بالحياة البشرية والطبيعية على كوكب الأرض، إلا ان التنبه لهذه المخاطر والعمل على معالجتها قد يؤدي إلى الحد من هذا التسارع الكبير في التدهور البيئي.
إذ أن الغازات الضارة مثل (ثاني اكسيد الكربون) لم تكتفي بمحاصرة الحرارة في الغلاف الجوي والتسبب بضرر بالبشر فقط من خلال القضاء على بعض الحيوات الطبيعية والتسبب بتلوث الهواء والقضاء على طبقة الأوزون، بل بدأت تؤثر سلباً على كميات الجليد في جميع أنحاء الكوكب.
حيث أن كميات كبيرة من الجليد بدأت بالذوبان ويمكن لهذه المسألة أن تسبب مشاكل خطرة، وخاصة إذا بدأ الذوبان الجليدي يمتد للكميات الموجود على اليابسة، وذلك لأن المياه الذائبة ستتدفق إلى المحيطات، مما يسهم في ارتفاع مستويات سطح البحر وما في ذلك من مخاطر كالتسونامي او حتى تغطية أجزاء كبيرة من اليابسة قد تصل في حجمها لمدن بأكملها.
إذ أن ثلاثة أسباب رئيسية تؤدي لارتفاع مستويات سطح البحر، أولا، التبدل في حرارة مياه المحيطات قد يؤدي إلى توسعها وتزداد ارتفاعاً، وثانيا نذكر موضوع ذوبان الجليد في القطب الجنوبي والذي بالتالي يؤدي لتدفق المياه إلى المحيطات وبالتالي ارتفاع منسوب سطح البحر، أما ثالثا، فيرتبط مباشرة بذوبان الجليد على غرينلاند والذي أيضاً يتسبب بدوره بتدفق المياه إلى المحيط. هناك، كما نشير إلى أنواع أخرى من الذوبانات مثل الأنهار الجليدية الجبلية أو القمم الجبلية المكسوة بالثلج التي ان ذابت ستتدفق عبر الأنهار ناحية البحر أو المحيط ولكنها تعد عوامل ثانوية.
إلا أن التساؤل الأكبر الذي سنطرحه هنا يدور حول كيفية تأثير ذوبان الجليد في غرينلاند على ارتفاع مستوى سطح البحر، وهنا تشير التقديرات إلى أن حوالي 270 جيغا طن من المياه سنوياً تتدفق للبحار نتيجة ذوبان الجليد هناك فقط، الأمر الذي يمكن أن يحدث نتيجة ذوبان صفائح جليدية (مثل تلك التي فوق غرينلاند) إثر ازدياد درجات حرارة الهواء وأشعة الشمس التي تسخن الطبقة العليا من الجليد. والتي يمكن أن تحدث أيضا من انهيار الحواف وكذلك انهيار الجليد وتدحرج القطع الكبيرة من الجليد إلى المحيطات.
فيما يتعلق بالانهيار الجليدي هناك عملية معقدة تحصل في أسفل الجليد، فجزء من هذا الجليد يطفو فوق الماء وجزء منه يرسو على الأرض، فتتسرب المياه الدافئة إلى العمق وترفع الجليد وتبدأ بتذويب الجليد تدريجياً من الأسفل، إذ أن القاعدة التحتية للصفيحة الجليدية لا تتخذ شكلاً مسطحاً، وبعض التراكمات الجليدية المتشكلة تؤدي إلى فقدان هذه الكتل لتوازنها مما يجعلها تتهاوى وتنهار تدريجياً وتسقط وبالتالي تذوب شيئا فشئياً. أما في الطوبولوجيا فيعتقد أنه وعلى أثر ما يسمى بـ " retrograde" والذي يعني نوع من التقهقر أو الحاجز المانع للتراكم يتم عملية تؤدي إلى تسهيل ذوبان الجليد أو تزايد معدل انهياره. لذلك، فإن العلماء يعملون على دراسة طوبولوجيا الأرض تحت الصفائح الجليدية تلك حتى يتمكنوا من التنبؤ بشكل أفضل للإنهيارات الجليدية ولارتفاع مستوى سطح البحر الذي ستسببه.
حيث استخدم العلماء "قياس الجاذبية" للحصول على صورة عالية الجودة للأرض تحت الجزء الذي يتحرك بسرعة فائقة من جليد غرينلاند والذي يسمى "جاكوبشافن إسبراي". فوجد الباحثون أنه يوجد حفرة صغيرة غير متناظرة تحت الجليد، وكان الجزء الشمالي من الحفرة أعمق من الجزء الجنوبي، وتقدر هذه الحفرة بـ 300-400 متر أعمق مما كان يعتقد سابقا، ولاحظوا أن هذه الحفرة تتزايد، مما يعني أنه يمكن أن يحدث إنهيار جليدي في السنوات والعقود القادمة.
والأهم من ذلك، وفي عرض لخطورة الموضوع فإن العلماء قدّروا بان ذوبان الجليد المتراكم فوق جزيرة غرينلاند تحديداً قد يرفع من مستوى سطح البحر بمعدل 7 أمتار أخرى (ولهذا يعتبر العلماء جليد غرينلاند مقياساً عظيماً لمناخ الأرض) بما يعني أنه حينما يبدأ الإنهيار فإنه من الصعب أن يتوقف وقد يستغرق الكثير من الوقت لكي يبدأ بالذوبان، من وجهة نظر علمية إنه من المهم أن يتم توقع مدى سرعة ذوبان الجليد، إلا أنه هناك أيضاً عواقب وخيمة ستؤثر سلباً على الإقتصاد والمعيشة فالتسبب بارتفاع منسوب سطح مياه البحر سيقضي على حياة أكثر من 150 مليون شخص يعيشون على علو 3 أمتار من مستوى سطح البحر وهذا يعني مدن بأكملها واقتصادات ودول.
يذكر أن غرينلاند هي أكبر جزيرة في العالم، وتقع بين منطقة القطب الشمالي والمحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها نحو 2.2 مليون كيلومتر مربع، من بينها 410.5 آلاف كيلومتر مربع فقط خالية من الجليد.