الوقت- حذر مجلس الأمن من أن تدمير التراث الثقافي يمكن أن يشكل جريمة حرب، واعتمد المجلس قرارا خاصا بهذه المسألة جرم من خلاله الهجمات على مواقع أثرية ونهبها وتهريبها بصورة غير شرعية أثناء الصراعات المسلحة.
وأشار المجلس إلى أفعال الجماعات الإسلامية المتطرفة كتنظيم القاعدة و"داعش" وغيرها من الجماعات المماثلة التي خربت ونهبت آثار سوريا والعراق على وجه الخصوص مصنفاً مثل هذه الأفعال في قائمة جرائم الحرب.
القرار 2347 وحماية التراث
ويدين القرار 2347، الذي وافق الأعضاء الـ15 في المجلس بالإجماع عليه وصاغته فرنسا وإيطاليا، تدمير التراث الثقافي والمواقع الدينية والقطع الأثرية، إضافة إلى "نهب وتهريب الممتلكات الثقافية من المواقع الأثرية والمتاحف والمحفوظات وغيرها من المواقع خلال النـزاعات المسلحة، بخاصة، من قبل جماعات إرهابية".
وجاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان "حفظ السلام والأمن الدوليين: تدمير التراث الثقافي والإتجار غير المشروع به على يد جماعات إرهابية في حالات النزاع المسلح"، تم فيها تطوير حل التدابير السابقة التي اقتصرت في السابق على موضوع الإتجار في إدارة التراث الثقافي وبيعه لدعم الإرهاب، وتم التركيز خلال الجلسة على المواقع الأثرية العراقية-السورية وخاصة مدينة تدمر الأثرية التي تعرضت للتخريب أكثر من أي موقع أثري آخر.
من يستهدف القرار الجديد؟!
التدابير الجديدة لاتستهدف فقط تنظيمي "داعش" و "القاعدة"، بل جميع الأطراف التي تشارك ببيع الآثار المسروقة أو تقوم بتخريبها.
وهذا ما أكدت عليه وزيرة الثقافة والاتصالات العامة الفرنسية، أودري أوزولاي، حين قالت إن أحكام قرار مجلس الأمن الدولي الجديد تنطبق على جميع الأطراف المشاركة في الأعمال القتالية، لا الإرهابيين وحدهم.
ودعا القرار إلى محاكمة المسؤولين عن الهجوم على المواقع والمباني التاريخية والدينية والتعليمية والفنية والعلمية، وجميع الأشخاص الذين يقومون بنهب وتهريب القطع المسروقة.
اليونسكو يصف القرار ب"التاريخي"
وصفت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" أيرينا بوكوفا، القرار بأنه "تاريخي" وقالت أنه يعكس أهمية التراث الثقافي من أجل السلام والأمن.
واعتبرت بوكوفا التدمير المتعمد للتراث بأنه جريمة حرب وأضافت "بل وأصبح وسيلة من وسائل الحرب التي تسعى إلى تدمير المجتمعات على المدى البعيد وكل ذلك في إطار استراتيجية تطهير ثقافي".
وتابعت بوكوفا:" ولهذا السبب لا تعد حماية التراث الثقافي مجرد مسألة ثقافية بل هي ضرورة أمنية وجزء لا يتجزأ من ضرورة حماية الحياة البشرية والدفاع عنها".
وأضافت مديرة اليونسكو المديرة أن "السلاح لا يكفي للتغلب على التطرف العنيف. فإن عملية بناء السلام تقوم على الثقافة والتعليم ومنع الإتجار بالتراث ونقله من جيل إلى جيل، وهذه هي الرسالة التي يدعو إليها هذا القرار التاريخي".
ونوهت المديرة العامة إلى أن المساعي جارية على أكمل وجه لإحباط تمويل الإرهاب الذي يعتمد على الإتجار غير المشروع بالآثار.
ويدعو القرار للتعاون الدولي في التحقيق والمقاضاة، والتقاط وإعادة الممتلكات الثقافية المنهوبة والمهربة إلى موقعها الأصلي، ويطالب القرار أيضا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تبني سياسات إمعان النظر في قائمة المواد المستوردة والصادرات و اتخاذ قرارات صارمة عن طريق إصدار الشهادات الإلزامية بموجب المعايير الدولية.
سابقة جديدة
ولأول مرة في تاريخ المنظمة الأممية يصنف القرار الهجمات المتعمدة على مواقع التراث الثقافي جرائم حرب، ويمنح في هذا السياق بعثات حفظ السلام الدولية الصلاحيات بمساعدة الحكومات في ضمان سلامة الآثار الثقافية ذات القيمة التاريخية أو الدينية، وحتى تبني هذا القرار كانت قوات حفظ السلام العاملة في مالي وحدها تتمتع بمثل هذه الصلاحيات بصورة استثنائية.
ودعت الوثيقة إلى اتخاذ اجراءات إضافية عن التي كانت موجودة في السابق لمنع هدم التراث العالمي أثناء الصراعات المسلحة، وتحتوي على عدد من التوصيات العملية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهذا الشأن، منها اتخاذ "تدابير وقائية" لحماية تراثها قبل نشوب نزاعات على أراضيها، خاصة، من خلال إنشاء "مناطق آمنة".
يذكر أنه تم نهب أكثر من 150 ألف قطعة أثرية من متحف بغداد بعيد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، واعتبرت حينها أكبر سرقة في تاريخ المتاحف.
وبعد ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي تم تخريب عشرات المواقع الأثرية في العراق وسورية على يد عناصر التنظيم الإرهابي مثل تحطيم متحف نينوى وآثاره التاريخية والتي يعود بعضها إلى القرن الثامن قبل الميلاد.كما دمر تنظيم "داعش" الإرهابي مدينة نمرود الآشورية والتي تعود آثارها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
وفي سوريا دمر التنظيم عشرات المواقع الأثرية ، كان أبرزها آثار تدمر ومعابدها ووصفت الأمم المتحدة ذلك بالكارثة الثقافية.