الوقت- استعرّ غضب اردوغان في مطار اسطنبول قُبيل مغادرته إلى باكستان، جرّاء تقرير نشرته صحيفة "حرييت" كشفت فيه عن وجود صراع خفي بين الحكومة التركية والجيش.
وجاء في تقرير الصحيفة البارزة معلومات منقولة عن مصادر عسكرية تركية، ونشر تحت عنوان "قيادة الجيش تشعر بعدم الارتياح" بتوقيع مديرة مكتب "حرييت" في أنقرة هاندي فرات.
الأمر الذي أشعل غضب الرئيس رجب طيب اردوغان، ودفعه الى الردّ على الصحيفة بتهديدها، قائلاً بأنها ستدفع ثمن هذا التقرير الذي اعتبره مثيرا للجدل حول توتر مفترض بين حكومته والمؤسسة العسكرية.
ولم يظل تقرير الصحيفة محصورا ضمن نطاق غضب الرئيس وإنما أطلق مدّعون عامون في اسطنبول تحقيقا في موضوع "حرييت" على صفحتها الاولى السبت حول عدم ارتياح الجيش إزاء قرارات أصدرتها الحكومة مؤخرا.
والتقرير الذي أثار غضب الحكومة وأعوانها كشف عن وجود سبع نقاط خلافية، بينها قرار إلغاء حظر الحجاب للنساء برتبة ضابط او ضابط صف في جيش الدولة العلمانية رسميا.
اردوغان لن يصفح للصحيفة
ولو انصتنا جيدا الى تصريح اردوغان للصحافيين في مطار اسطنبول قبل مغادرته إلى باكستان في زيارة رسمية لاكتشفنا نبرة تهديد ووعيد غير مسبوقة، حيث قال: دعوني أوضح ما حصل، العنوان الذي استخدموه وقح، مضيفا أنه لا يحق لأحد أن يؤلب الجيش ضد الحكومة محذرا من أن من يحاول تأليبنا ضد بعضنا البعض سيدفع الثمن.
وتابع الرئيس التركي وعيده للصحيفة التي أثارت غضب حكومة اردوغان العديد من المرات: لا أرى إمكانية الصفح عن أسلوب كهذا في حين نحتاج إلى الوحدة والأخوة والتضامن أكثر من أي وقت مضى.
وقال اردوغان أنه تباحث في الأمر مع قائد الجيش الجنرال "خلوصي اكار" يوم الاثنين.
الجيش ينفي وجود خلاف
وأما الجيش التركي فقد أصدر بيانا على موقعه الإلكتروني يوم الثلاثاء تزامنا مع توضيح الرئيس، أكد خلاله أن خبر صحيفة "حرييت" بعنوان "قلق داخل رئاسة الأركان" الذي أثار توترات بين الحكومة ومجموعة "دوغان" الإعلامية يسعى لإنهاك الجيش وتشويه سمعته، مشيرا إلى أن المعلومات الممنوحة للصحيفة لم تتضمن أية عبارات تنص على وجود حالة من القلق داخل صفوف الجيش.
وأضاف الجيش تطميناته للحكومة قائلا: إن عملية تبليغ الجيش للصحفية "هاندا فرات" تمت بحساسية ودقة شديدة، مشيرًا إلى أنه لم يدر حديث عن وجود حالة من القلق داخل القيادة العسكرية أو قلق في صفوف الجيش أو أي شيء من هذا القبيل.
إلتحام الجيش مع موقف اردوغان
وموقف الجيش المؤيد لحكومة اردوغان بات واضحا في البيان الذي أصدره يوم الثلاثاء، والذي أفاد فيه بأن الخبر أظهر الأمر وكأنه توجد مشكلة بين الجيش والحكومة، معربا عن أسفه من طرح هذه الادعاءات في الفترة التي يتصدى فيها الجيش للإرهاب بعزيمة وإصرار ويكمل فيها عملية درع الفرات بنجاح.
وطالبت المؤسسة العسكرية التركية توضيحات من الصحيفة بشكل فوري قائلة في بيانها: إن إظهار الأمر وكأنه توجد مشكلة بين الجيش والحكومة هو تضليل للواقعة، مشيرة إلى أن المعنيين من الانتقادات المجاب عليها واضحون.
وجاء في تقرير الصحيفة الذي أثار قلق كلا من الحكومة والجيش، آراء مصادر داخل القيادة العسكرية بشأن رفع الحظر على ارتداء العاملات في الجيش الحجاب وظهور رئيس الأركان خلوصي أكار بالقرب من السلطات، وتسبب الخبر في استهداف الصحفيين الموالين للنظام للصحيفة وكاتبة المقال عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى غرار اردوغان هاجم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم خبر صحيفة حريت، موضحا أنهم يحاولون تشكيل الحكومات وتوجيهها عبر مانشيتات، كما بدأت نيابة بكر كوي تحقيقات بحق الصحيفة بعد تلقيها بلاغا.
أما رئيس حزب الحركة القومية "دولت بهشلي" فقد اعتبر خلال اجتماع نواب الحزب بالبرلمان اتهامات هاندا فرات بالتناقض الغريب.
والغريب في الأمر أن الصحفية "فرات" التي حرّرت التقرير لعبت دورا حاسما في إفشال الانقلاب عندما تحدثت إلى اردوغان مباشرة في برنامجها على "سي ان ان-تورك" عبر تطبيق "فايستايم" من خلال هاتفها النقال ليلة محاولة التمرد.
وصحيفة "حرييت" الناطقة باللغة الانكليزية أيضا تابعة لمجموعة دوغان الإعلامية، وتملك قناتين تلفزيونيتين هما "كانال دي" و"سي ان ان-تورك" الإخبارية، والصحيفة واسعة الإنتشار في تركيا ولها عدد كبير من المتابعين داخل وخارج البلاد.