الوقت- شككت عواصم عالمية بنزاهة الانتخابات التي أجريت في السودان الأسبوع الماضي، والتي لم تُعلن عن نتائجها بعد، حيث أعرب أعضاء الترويكا "أمريكا وبريطانيا والنرويج"، الاثنين 20 أبريل، في بيان مشترك، عن أسفهم "لفشل الحكومة السودانية في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وفي مناخ ملائم ".
وأرجع البيان السبب في نقص المصداقية في الحوار السوداني، إلى "القيود على الحريات والحقوق السياسية" والنزاعات المسلحة المستمرة في بعض أنحاء البلاد ".
كما أدان البيان القيود المفروضة على الحريات السياسية والحقوق، كما رأى أن "نتيجة هذا التصويت لا يمكن اعتبارها تعبيرا حقيقياً عن إرادة الشعب السوداني ".
وقال: "نحن ندين أعمال العنف التي جرت خلال الفترة الانتخابية، ونواصل دعم السودانيين الراغبين في المضي قدما في عملية سياسية سلمية ترمي إلى إجراء إصلاحات وتحقيق الاستقرار في البلاد ".
وشهد السودان الأسبوع الماضي إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية تواصلت على مدى 4 أيام، قاطعتها أبرز القوى السياسية مثل حزب الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر الشعبي برئاسة حسن الترابي، والحزب الشيوعي السوداني، والمؤتمر السوداني، وأحزاب أخرى يمينية ويسارية.
ولم تشهد الانتخابات إقبالا، حيث سجلت بعض مراكز الاقتراع عزوفاً كبيراً دفع الحزب الحاكم للتصريح بأن هذا العزوف لم يكن متوقعاً .
ويتوقع أن تصدر نتائج الانتخابات في نهاية إبريل الجاري، وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على أكثرية النصف زائد واحد من الأصوات يفترض ان تجري دورة ثانية .
ويشير مراقبون إلى تردي وضع الحريات في السودان في الآونة الأخيرة، والذي كان مصحوباً بمصادرة السلطات السودانية لعدد من الصحف عشية الانتخابات، واعتقال عدد من الناشطين المعارضين، كحادثة اعتقال الناشطة "ساندرا كدودة"، داخل سيارتها فيما كانت تتوجه إلى تجمع للمعارضة قرب الخرطوم .
كما قامت السلطات السودانية عشية الانتخابات أيضاً بمصادرة عدد كامل من صحيفة "اليوم التالي"، وقال رئيس تحرير الصحيفة "مزمل أبو القاسم" في تصريح لوكالة فرانس برس أن جهاز الأمن والمخابرات صادر نسخ عدد الصحيفة عشية الانتخابات لدى خروجها من المطبعة في وقت متأخر من اليل، وأوضح بأنه دعا في مقاله في الصحيفة إلى كشف اسم الجهة التي خطفت "كدودة ."
ما حدث مع صحيفة "اليوم التالي"، حصل أيضاً مع صحيفة "السوداني"، حيث أقدمت السلطات السودانية على مصادرة عدد صحيفة "السوداني" بعد اكتمال طباعته، في واقعة أثارت جدلا في البلاد.
وأوضح رئيس تحرير الصحيفة، ضياء الدين بلال، أن العدد المصادر تناول قضية الناشطة "ساندرا كدودة"، التي كانت اعتقلت عشية الانتخابات السودانية وهي في طريقها للمشاركة في حملة "إرحل" بدار حزب الأمة القومي المعارض في أم درمان.
ومع اقتراب موعد إعلان نتائج الانتخابات، يدخل الشارع السوداني مشهداً جديداً، في ظل ثقة حزب المؤتمر الوطني الحاكم بفوزه بمرحلة حكم جديدة، مما يعني تمديد 5 سنوات أخرى في فترة حكم الرئيس عمر البشير، الذي يحكم البلاد منذ 26 عاماً، إلا أن الحزب الحاكم بدأ يتحسس خطورة الوضع الداخلي في ظل التنديد الشعبي بنزاهة الانتخابات، فقد أعلن أنه سينفتح على الجميع بتجديده دعوة الحوار.
من جهتها تنظم المعارضة السودانية حملة دبلوماسية لشرح موقفها السياسي من مقاطعة الانتخابات، حيث أعلنت قوى المعارضة السودانية الموقعة على اتفاق "نداء السودان" بدء حملة دبلوماسية تشمل دولاً عربية وأفريقية وأوروبية لشرح الموقف السياسي بالسودان. وأعلنت هذه القوى رفضها دعوة الحوار التي قال الحزب الحاكم إنه سيجددها خلال أسبوع للجميع بمن فيهم مقاطعو الإنتخابات.
واستبق تحالف قوى "نداء السودان" المعارض نتيجة الإنتخابات بعدم الاعتراف بها، وأعلن أنه سيبدأ حملة دبلوماسية بقيادة كبار زعمائه لإطلاع الرؤساء على مجريات الأمور في السودان.
ما يبدو جلياً في المشهد السوداني هو التباعد في المواقف في الأوساط السياسية الداخلية، في ظل عدم قدرة الحكومة السودانية على كسب ثقة شعبها، وإجراء انتخابات نزيهة تلبي توقعات الشعب في الحرية والعيش الكريم .