الوقت- بُعَيد اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو أن الكيان الإسرائيلي ينتهز "الفرصة الذهبيّة" للاستيطان الأمر الذي جعل القدس في مهبّ الريح، لاسيّما في ظل تآكل الضفة الغربية خلال الأيام القليلة الماضية بشكل غير مسبوق.
وعلى الرغم من القرارات الدولية والإدانات المتواصلة لاستمرار الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية إلا أن حكومة الاحتلال تسير في تعنتها وإصرارها وبخطوات متسارعة لسرقة المزيد من الأرض ودعم الاستيطان الذي بات ينتشر في كل مكان في فلسطين في ظل دعم أمريكي واضح يخرقه بيان يتيم كان أضعف من السكوت نفسه!
فوصول ترامب إلى البيت الأبيض، أحيا آمال اليمين الإسرائيلي بتنفيذ مشاريع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، لاسيّما بعد إحاطة نفسه بمستشارين مؤيدين للاستيطان، وقد قالت منظمة "عير عاميم" (الترجمة بالعربية: مدينة الشعوب) الحقوقية الإسرائيلية:" إحدى النتائج المتوقعة للمواقف الصادرة عن البيت الأبيض بإدارة الرئيس ترامب بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هي تخفيف زمام القيود التي منعت إلى حد ما الدفع الجامح لمشاريع البناء في القدس". وأضافت:" بهذه الروحية فقد أعلن رئيس الوزراء نتنياهو، أنه يعتزم إزالة القيود على دفع مشاريع البناء في المدينة".
تبييض الاستيطان
لم تقتصر الأفعال الإسرائيلية على عملية الإستيطان الجديدة، بل عمدت السلطة الإسرائيلية إلى تبييض المستوطنات إثر مصادقة الكيان الإسرائيلي على قانون يشرعن سرقة الأراضي الفلسطينية.
ويقود قانون تبييض الاستيطان إلى تسوية الوضع القانوني غير الشرعي لقرابة 4 آلاف وحدة سكنية شيدها مستوطنون على أراض يملكها فلسطينيون، وتتوزع هذه الوحدات على 53 بؤرة استيطانية، وتغطي مساحة 8 آلاف دونم من الملكية الخاصة للفلسطينيين.
وإن كانت المستوطنات بمجملها مخالفة للقانون الدولي؛ إذ تعد عملية نقل السكان إلى الأراضي المحتلة جريمة حرب وفق ميثاق روما، إلاّ أن إسرائيل دأبت على التمييز بين المستوطنات التي شيّدت برعاية حكومية، وبين البؤر العشوائية التي شيدها مستوطنون على أراض تم الاستيلاء عليها من فلسطينيين يحملون وثائق تثبت ملكيتهم.
لكن القانون الجديد يلغي هذا التمييز، ويفتح الباب حرفيا أمام نهب المزيد من الأراضي؛ إذ يحمي الأفراد والمؤسسات التي تلجأ إلى ذلك من أي تبعات قانونية، علاوة على حماية المنازل التي أقيمت على أرض مسروقة ومنع إزالتها أو هدمها، كما يحرم الفلسطينيين من تقديم التماسات أمام المحكمة العليا للمطالبة بإزالة بيوت أقيمت على أراض خاصة بهم، ويحصر قرارات المحكمة بخيارين لا ثالث لهما: إما التعويض المالي أو منح أراض بديلة.
بالأرقام
ولفهم الواقع الجديد، لا بد من الوقوف على بعض التصريحات الإسرائيلية والأمريكية التي تكشف معالم المرحلة الجديدة. ففي حين اعتبر رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية بأنه يشكل "فرصة عظيمة" لکيانه، مهنئاً ترامب في- 20كانون الثاني/يناير عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر بعبارة "صديقي"، قدم وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت من حزب البيت اليهودي القومي المتطرف في 22 - كانون الثاني/يناير، أي بعد يومين من تولي ترامب، قدّم مشروع قانون لضم مستوطنة معاليه ادوميم القريبة من القدس، فيما يشكل خطوة تثير جدلا حادا لأنها ستتسبب بقطع الضفة الغربية إلى قسمين وعزل القدس، إلاّ أن نتنياهو قام بتأجيل البحث في الموضوع إلى حين لقائه مع ترامب في منتصف شباط/فبراير الجاري.
بلدية القدس التي أعلنت موافقتها على بناء أكثر من 6000 آلاف وحدة سكنية على ثلاث دفعات، أكد نائب رئيسها مئير ترجمان أن "قواعد اللعبة تغيرت مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة. لم تعد أيدينا مقيدة مثلما كانت عليه وقت باراك اوباما".
وقد صادق وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، يوآف غالانت، على مخطط لبناء 2086 وحدة استيطانية، ستضاف لمستوطنات عدة بالضفة الغربية المحتلة. وبحسب المخطط، سيتم بناء 689 وحدة استيطانية في مستوطنة "آلفي منشه"، و630 وحدة في مستوطنة "آريه"، وفي مستوطنة "بيتار عيليت" ستبنى 660 وحدة استيطانية، كما ستبنى 99 وحدة في مستوطنة "كرني شومرون".
كذلك، نددت الحكومة الفلسطينية بمصادقة الكيان الإسرائيلي على بناء 1162 وحدة استيطانية وسط الضفة الغربية و181 وحدة استيطانية اخرى شرق القدس وطالبت المجتمع الدولي بـ"تحويل رفضه وإدانته الاستيطان الاسرائيلي إلى فعل حقيقي يجبر حكومة الاحتلال على وقف تصعيدها الشامل الذي يطاول الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة وفي مقدمها القدس الشرقية".
وتأتي المصادقات الجديدة، بعد أيام من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء أكثر من 6000 وحدة استيطانية، ليصل مجموع ما صودق عليه منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أكثر من 9300 وحدة استيطانية، معظمها في الضفة الغربية المحتلة.